أيدت الحكومة اليمنية اليوم الأحد مقترحات الأممالمتحدة الخاصة بانسحاب المسلحين الحوثيين من محافظة الحديدة في ضوء مشاورات السلام برعاية الأممالمتحدة في خطوة لتحديد مستقبل البلاد في وقت تقف فيه الأحداث في اليمن أمام "منعرج حاسم" فإما تغليب الحوار وتطبيق مبدأ السلام والعمل على إعادة بناء دولة مستقرة سياسيا وأمنيا أو الاستمرار في المعارك والمواجهات التي أثارت الفوضى والانفلات وأدت الى تردي الأوضاع الانسانية بشكل أثار مخاوف المجتمع الدولي حسبما يراه متتبعون للوضع. وأعلنت السلطات اليمنية اليوم تأييدها للمقترحات التي تقدم بها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ والمتعلقة بترتيبات انسحاب المسلحين الحوثيين من محافظة الحديدة مؤكدة استعدادها لمناقشة تفاصيل المقترحات في ضوء مشاورات السلام التي رعتها الأممالمتحدة في الكويت العام الماضي. وكان مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية قد عرض تقريره على مجلس الامن الدولي الذي حمل تفاصيل خطيرة عن الوضع الانساني في اليمن الى جانب مداخلة المبعوث الاممي اسماعيل ولد الشيخ التي أسفرت عن دعوة الاممالمتحدة لأطراف النزاع في اليمن إلى وقف اطلاق النار والتعاطي بإيجابية مع جهود مبعوثها لتحقيق السلام واعادة الاستقرار الى البلاد. وأعرب تحالف دعم الشرعية في اليمن عن ترحيبه بمقترح المبعوث الاممي إسماعيل ولد الشيخ بتسليم ميناء الحديدة اليمني لجهة محايدة معتبرا أن المقترح الأممي تأكيد لمطالب سابقة للتحالف بضرورة تسلم الأممالمتحدة مسؤولية الإشراف على هذا الميناء لحماية الشعب اليمني من عمليات الحوثيين بتهريب الأسلحة ومصادرة المساعدات الإنسانية والطبية التي تصل عبر الميناء. وتقود السعودية منذ مارس العام 2015 تحالفا عربيا ينفذ عمليات عسكرية في اليمن ويفرض حظرا على المنافذ البحرية والجوية في مواجهة الحوثيين وحلفائهم الموالون للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الذي استولى على السلطة في البلاد في سبتمبر عام 2014. ويرى متتبعون للوضع أن قوات التحالف العربي الداعمة للشرعية في اليمن والتي تشن عملية "عاصفة الحزم" شاركت بشكل أو بآخر في "انتشار الفوضى وتهديم البنى التحتية الهشة في اليمن" بالنظر الى عدد المعارك التي شهدتها البلاد خلال العامين الأخيرين وأوضحوا أنه "كان بإمكان التحالف العربي تجنب استخدام القوة وحل الازمة عن طريق الحوار خصوصا وأن دول الخليج لديها وزن في المنطقة ويسهل عليها تقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع" بهدف تجنيب اليمن البؤس والحرمان والفقر وقتل المدنيين. واعتبروا أن اليمن وصل "منعرجا حاسما" لابد وأن يتخذ فيه القرار المناسب لإنهاء الانفلات الأمني والنهوض بالجانبين الاقتصادي والانساني الذين وصلا مستويات متردية تبعث على القلق. وفي السياق ذاته عبرت الاممالمتحدة عن قلقها إزاء تردد الأطراف الرئيسية في اليمن في تقديم التنازلات اللازمة لإحلال السلام حيث حذر المبعوث الاممي الى اليمن من "استمرار العنف على جبهات عديدة مما من شأنه ان يعمق معاناة الشعب اليمني". كما ناشد الأطراف وقف القتال من أجل السلطة والسعي لبناء دولة تحترم حقوق جميع مواطنيها دولة ذات اقتصاد مزدهر ومؤسسات قوية. وفي السياق ذاته يواصل الجيش اليمني عملياته لضم المزيد من الأراضي بمحافظة تعز جنوب العاصمة صنعاء حيث يتقدم بشكل متسارع وتمكن خلال الأيام الماضية من تحرير عدد من المناطق والمواقع الاستراتيجية التي كانت تحت سيطرة المسلحين الحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح أهمها مبنى البنك المركزي وكلية الطب شرق مدينة تعز. وتستمر المعارك وفق الخطط المرسومة حتى تحرير محافظة تعز بجميع مؤسساتها وكافة الأراضي اليمنية. وعن الوضع الانساني أسفرت المعارك وعمليات القصف الجوي عن مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين اليمنيين بينهم أطفال قتلوا او أصيبوا بإعاقات دائمة بعد فقدان أعضائهم حسب منظمات الاغاثة كما تعرضت منشآت ومنازل وممتلكات عامة وخاصة الى الدمار ما أدى إلى نزوح وهجرة مئات العائلات خوفا من الموت والذين يعانون من نقص المساعدات الغذائية والادوية. وكان التحالف العربي قد أعلن عن استعداده لمساندة جهود الإغاثة التي ستبذل لتأمين تدفق المساعدات الطبية والغذائية ووصولها إلى الشعب اليمني وللمؤسسات الإنسانية والاغاثية داخل اليمن. من جانبه حذر مسؤول الشؤون الانسانية في الأممالمتحدة ستيفن اوبراين من أن اليمن "يواجه الانهيار الكامل" ويواجه سكانه الحرب والمجاعة وانتشار وباء الكوليرا القاتل داعيا مجلس الامن الى "انهاء أكبر حالة طوارئ غذائية في العالم" وإعادة اليمن الى طريق البقاء. واعتبر اوبراين أن الازمة ليست قادمة وإنما أصبحت واقعا في اليمن معربا عن حزنه لفشل مجلس الامن في الضغط على الاطراف المتنازعة لإنهاء الصراع بشكل نهائي. ومنذ شهر أبريل الماضي قتل وباء الكوليرا أزيد من 500 شخص بينهم أطفال بينما يعاني أكثر من 55 ألف يمني من المرض ثلثهم أطفال ويتوقع خبراء الصحة إصابة 150 ألف شخص آخر بالوباء خلال الاشهر الستة القادمة. وحذرت حوالي 22 منظمة دولية ويمنية تعنى بالشؤون الانسانية من خطورة الوضع في اليمن ودعت الاممالمتحدة الى تحمل مسؤولياتها لإنهاء الأزمة. وكانت منظمة اليونيسيف قد اعلنت عن حاجتها إلى 16 مليون دولار على وجه الاستعجال لمواجهة الكوليرا وانتشارها في اليمن.