تحيي دول العالم يوم الأحد اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر المصادف ل30 يوليو من كل عام وسط تضافر لجهود حكومات العالم من أجل وضع حد لهذه الجريمة التي باتت تؤرق العالم. وما زال الاتجار بالبشر ممارسة قائمة في العصر الحالي وأصبحت شبكاته دولية ويوجد ضحاياه في 106 دول بينما تقدر أرباحه السنوية ب 150مليار دولار حسب آخر تصريحات للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول الموضوع. وأوضح غوتيريس في هذا الصدد أن الاتجار بالبشر يزدهر عندما تضعف أو تغيب سيادة القانون خاصة في مناطق الصراعات المسلحة أضاف قائلا: "في بعض صراعات اليوم نواجه جماعات مسلحة لا تنخرط فقط في الاستعباد والعمل القسري ولكنها تجادل وتدعي أن تلك الممارسات قانونية". وأشار إلى أنه في سوريا نظم تنظيم "داعش" (التنظيم الإرهابي الذي يطلق عليه الدولة الإسلامية) أسواق النخاسة وكذلك قادة "بوكو حرام" (جماعة نيجيرية متطرفة) إدعوا أيضا أن العبودية أمر قانوني. وفي صراعات أخرى تجبر جماعات مسلحة الرجال والنساء والأطفال الخاضعين لسيطرتها على العمل في المناجم غير الآمنة أو على الخطوط الأمامية أو تستعبدهم للعمل في المنازل. وأضاف المسؤول الأممي أنه "أثناء فرارهم من تلك التهديدات يواجه النازحون واللاجؤون مخاطر جديدة تتمثل في المهربين الذين يحاولون استغلالهم على طريق الفرار كما يستخدم الإرهابيون والمتطرفون الذين يلجؤون إلى العنف العبودية الجنسية كأداة للتجنيد ويلجأ المتاجرون بالمخدرات إلى أعمال الاختطاف وطلب الفديات لتمويل عملياتهم". وبالمناسبة شدد غوتيريس على "ضرورة العمل للتصدي للاتجار بالبشر ومنع وقوعه في المقام الأول ومن تلك التدابير تعزيز أطر العمل القانونية القوية ومنها معاهدة الأممالمتحدة للتصدي للجريمة المنظمة العابرة للحدود" مؤكدا على "ضرورة أن تعزز الدول الأعضاء من تعاونها في مجال تنفيذ القانون وإجراء التحقيقات وتبادل المعلومات الاستخباراتية". كما دعا إلى أن "تكون تلك هي القضية التي توحد الشعوب مع ضرورة العمل المشترك بشأن قضايا الحماية والمنع والملاحقة القضائية من أجل بناء عالم خال من الاتجار بالبشر". وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت في عام 2010 خطة العمل العالمية لمكافحة الاتجار بالأشخاص التي تعرف بكونها "جريمة استغلال للنساء والأطفال والرجال لأغراض عدة بما فيها العمل القسري والبغاء" وحثت الحكومات في جميع أنحاء العالم على اتخاذ تدابير منسقة ومتسقة لهزيمة هذه الآفة الإجتماعية. كما حثت الخطة على إدراج مكافحة الاتجار بالبشر في برامج الأممالمتحدة بشكل موسع من أجل تعزيز التنمية البشرية ودعم الأمن في أنحاء العالم وكانت إحدى الأمور المجمع عليها في خطة الأممالمتحدة هي إنشاء "صندوق الأممالمتحدة الاستئماني للتبرع لضحايا الاتجار بالبشر" وخاصة النساء منهم والأطفال. وفي عام 2013 عقدت الجمعية العامة اجتماعا رفيع المستوى لتقييم خطة العمل العالمية لمكافحة الاتجار بالأشخاص واعتمدت الدول الأعضاء قرارا أقرت فيه اعتبار يوم 30 يوليو من كل عام يوما عالميا لمناهضة الاتجار بالأشخاص. ويمثل هذا القرار إعلانا عالميا بضرورة زيادة الوعي بحالات الإتجار بالأشخاص والتوعية بمعاناة ضحايا الاتجار بالبشر وتعزيز حقوقهم وحمايتها. واعتمد العالم في سبتمر 2015 جدول أعمال التنمية المستدامة 2030 بما فيها أهداف وغايات بشأن الاتجار بالأشخاص. وتدعو تكل الأهداف إلى وضع حد للاتجار بالأطفال وممارسة العنف ضدهم فضلا عن دعوتها إلى تدابير ضرورية ضد الاتجار بالبشر كما أنها (الأهداف) تسعى إلى إنهاء كل أشكال العنف ضد المرأة والفتاة واستغلالهما. ومن التطورات المهمة التي تلت ذلك انعقاد قمة الأممالمتحدة للاجئين والمهاجرين التي خرجت بإعلان نيويورك. ومن مجمل الالتزامات ال19 التي اعتمدتها البلدان في الإعلان ثلاث التزامات تعنى بالعمل الحاسم ضد جرائم الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين. وتقدر منظمة العمل الدولية عدد ضحايا العمل القسري في العالم ب21 مليون شخص بمن فيهم من ضحايا الاستغلال الجنسي في حين أنه من غير المعلوم عدد الضحايا الذين اتجر بهم حيث تشير التقديرات إلى وجود هناك ملايين البشر ضحية هذه الممارسات المشينة في العالم. ويشكل الأطفال ما يقرب من ثلث ضحايا الاتجار بالبشر في جميع أنحاء العالم بينما تشكل النساء والفتيات 71 بالمائة من ضحايا الاتجار بالبشر مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة. ويقسم الاتجار بالبشر - الذي يشكل جريمة يعاقب عليها القانون الدولي والكثير من النظم القانونية الوطنية والإقليمية - إلى ثلاثة أنواع رئيسية تتمثل في الاتجار لأغراض السخرة الاتجار للاستغلال الجنسي والاتجار بالأعضاء البشرية وتتأثر بهذه الظاهرة كافة بلدان العالم سواء أكانت من بلدان المنشأ أو نقاط العبور أو جهات المقصد. وترتبط مسألة تهريب المهاجرين ارتباطا وثيقا بمسألة الاتجار بالبشر حيث يدبر المهربون دخول أشخاص بطريقة غير شرعية إلى بلدان ليسوا من رعاياها ولا من المقيمين الدائمين فيها للحصول على مكاسب مالية أو مادية وتنتهي العلاقة بين هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين والمهربين فور تسديد المبلغ المطلوب. ويشكل الاتجار بالبشر جريمة يعاقب عليها القانون الدولي والكثير من النظم القانونية الوطنية والإقليمية. يذكر أن اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها توفر المساعدة للدول في جهودها الرامية إلى تنفيذ بروتوكول منع الاتجار بالبشر ومعاقبة المتاجرين بالأشخاص.