أوصى المشاركون في الندوة الدولية حول الحماية القانونية والقضائية للمستثمرين, التي نظمت يومي الجمعة والسبت بالجزائر العاصمة, بمراجعة القوانين التي تحكم الاستثمار وانشاء معاهد تكوين لفائدة المحامين في مجال التحكيم, مؤكدين على ضرورة انشاء مراكز تحكيم مختصة في الجزائر من أجل المساهمة في تحسين جاذبية البلد للاستثمارات. فبعد يومين من المداخلات والنقاشات, تبنى المشاركون في الندوة التي نظمها الاتحاد الدولي للمحامين بالتعاون مع نقابة محاميي الجزائر العاصمة جملة من التوصيات الرامية إلى تحسين آليات الحماية القانونية والقضائية للاستثمارات في الجزائر, مركزين على ضرورة اللجوء إلى مراجعة "شاملة وعميقة" للنصوص التي تحكم الاستثمارات الوطنية والأجنبية. كما قدمت الورشات الثلاث التي وضعت لمتابعة أشغال هذه الندوة, التي تقام تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون, عديد التوصيات التي من شأنها أن تمنح للجزائر مكانة بارزة بين الدول التي تحمي المستثمرين بشكل أفضل. وفي هذا السياق, أكد الخبراء والجامعيون والمحامون والقضاة القادمين من عديد دول المنطقة ومن أوروبا على أهمية تبني قانون يتعلق بالتحكيم في الجزائر يكون مستقلا عن قانون الاجراءات المدنية والادارية. كما تم التطرق في هذا الاطار إلى تبني نص قانوني يقوم على المعايير التي تعدها منظمة الأممالمتحدة في النموذج المسمى "الأونكتاد" (UNCTAD) الذي يحكم عالم تسوية الخلافات التجارية والاقتصادية, علما وأن 70 بلدا قد انخرطوا في النموذج. و اقترح المتدخلون وضع آليات قوانين خاصة لانشاء مراكز تحكيم بالجزائر مبرزين في ذات السياق أن قانون الاجراءات المدنية و الادارية لم يحدد شروط مركز تحكيم. و يتعين على الجزائر التي تتوفر على مركز تحكيم وحيد على مستوى الغرفة الجزائرية للتجارة و الصناعة اعداد قائمة خاصة بمراكز التحكيم المعتمدة و قائمة اخرى تضم أسماء المختصين في التحكيم مستعدون للتواجد على مستوى وزارتي التجارة و العدل. كما شدد المشاركون على ضرورة تكوين القضاة في فك المنازعات الاقتصادية مشيرين إلى مسألة لجوء المؤسسات الجزائرية "بصفة ممنهجة" لمكاتب محامين أجانب و هو ما يستلزم مصاريف "كبيرة" على حساب الاقتصاد الوطني. كما دعا المتدخلون إلى عقد اتفاقيات شراكة مع الدول المشاركة في الندوة على غرار مصر و السعودية و اسبانيا و فرنسا و هو ما يعتبرونه و سيلة لتبادل الخبرات و فرص لتحسين تكوين الخبراء الجزائريين في مجال التحكيم. كما ركزوا في ذات السياق على استحداث سلطة وطنية لحماية المعطيات الشخصية بغية تفعيل القانون المتعلق بها و التعاون مع الدول الشريكة لضمان حماية مثلى لمعطيات المؤسسات و الأشخاص في ظل اقتصاد العولمة كأداة للدفاع عن مصالح الشركات الجزائرية. و تطرق المشاركون ايضا إل مسألة اصدار النصوص التطبيقية للقوانين حيث نبهوا المُشرع إلى عدم اصدار مشاريع قوانين لا تضم كافة النصوص التطبيقية بغية تجنب حالات انسداد. كما دعوا السلطات العمومية إلى الامتناع عن اخذ قرارات او اصدار أوامر تبث الشك في القوانين الموجودة المنظمة للاستثمار و التجارة من اجل ضمان استقرار قانوني. و أبرز السيد تبون في كلمة له, ألقاها نيابة عنه الوزير المستشار للاتصال الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية بلعيد محند أوسعيد, بمناسبة افتتاح الملتقى الدولي للمحامين حول موضوع الحماية القانونية والقضائية للاستثمار, أنه "يترتّب عن هذا المشروع الطموح (تعديل الدستور)، فيما يتعلق بالعدالة، تكييف القوانين مع متطلبات المرحلة الجديدة، بدءا بمراجعة القانون التجاري لتبسيط شروط إنشاء المؤسسات، وإدخال نظام وقائي لإنقاذ المؤسسات التي تعرف صعوبات، وتدعيم الجهات القضائية الفاصلة في المادّة التجارية، عن طريق تخصّص العنصر البشري". و أضاف رئيس الجمهورية في كلمته خلال هذا الملتقى الذي حضره أعضاء من الحكومة و السلطات القضائية و الاتحاد الوطني و الدولي و العربي للمحامين ان" القانون المدني و قانون الإجراءات المدنية و الإدارية سيعرفان كذلك مراجعة لتكييفهما تماشيا مع تطوّر الاقتصاد الوطني". و سيساهم هذا, أضاف رئيس الجمهورية, في "خلق مناخ ملائم للأعمال، ويعزّز العدالة بصلاحيات أوسع في المجال الاقتصادي".