تفتح الصناعات الزراعية الغذائية آفاقا واعدة بولاية ورقلة بفضل التجارب الناجحة التي تحققت في مختلف الشعب الاستراتيجية والتي يتوخى منها تطوير هذا القطاع ذو الأهمية الاقتصادية الكبيرة, حسبما أفاد به إطارات محليين بقطاع الفلاحة. وتتوفر هذه الولاية من الجنوب الشرقي للوطن, عدة فرص للاستثمار الفلاحي بالنظر إلى المقومات الطبيعية الهامة التي تزخر بها و التي من شأنها أن تساهم في إعطاء دفع للصناعات التحويلية الزراعية وتلبية احتياجات السوق الوطنية بمختلف المواد الاستهلاكية. وفي هذا المجال, استعرض سليم بن زاوي, المدير الولائي للمصالح الفلاحية, النتائج ''المشجعة'' في إنتاج البنجر السكري وعباد الشمس والذرة على مستوى مستثمرة فلاحية بمنطقة قاسي الطويل بإقليم دائرة حاسي مسعود (80 كم جنوب-شرق ورقلة). وتهدف هذه التجربة الرائدة التي تقوم بها شركة خاصة ثمرة تعاون جزائري-تركي, إلى إنتاج المواد الأولية الموجهة للصناعة التحويلية الغذائية, لاسيما صناعة السكر والزيوت النباتية, حسب السيد بن زاوي. كما أضاف إلى أن هذه المستثمرة الفلاحية بصدد تطوير زراعات أخرى لا تقل أهمية, على غرار القطن وقصب السكر, مشيرا إلى أنه قد تم الشروع في أشغال إنجاز هذا المشروع والذي يتربع على مساحة إجمالية قوامها 11 ألف هكتار منها نحو 600 هكتار مخصصة لزراعة القمح اللين سنة 2018. وفي سياق متصل, ذكر ذات المسؤول أن مصالحه تتوقع خلال الموسم الفلاحي الجاري (2019/2020) إنتاج 100 ألف قنطار من الحبوب الموجهة للاستهلاك, فضلا عن كمية هامة من البذور. وتتوزع المساحات المخصصة لزراعة الحبوب والمسقية عن طريق الرش المحوري على عدة محيطات فلاحية كقاسي الطويل (حاسي مسعود) والرمثة (الرويسات) وعين موسى (سيدي خويلد), بالإضافة إلى المحيط الفلاحي العانات (تقرت) والذي شرع ولأول مرة في هذه الشعبة الاستراتيجية على مساحة 20 هكتارا. وعرفت المساحات المخصصة لهذه الشعبة توسعا من سنة إلى أخرى بالولاية وذلك بفضل التدابير التي اتخذتها الدولة, خاصة فيما يتعلق بالمرافقة التقنية للفلاحين وتسهيل إجراءات الحصول على القروض بغية تطوير النشاط الفلاحي على مستوى هذه الولاية الصحرواية التي تتوفر على موارد مائية هامة ومساحات شاسعة قابلة للاستصلاح. --تطوير الزراعات الإستراتيجية-- عرف قطاع الفلاحة بوقلة سنة 2019 تطورا ''ملحوظا" من حيث قدرات الإنتاج المحقق والمردود "الجيد" في الزراعات الإستراتيجية, حسب التقرير السنوي لمديرية القطاع. وتأتي زراعة النخيل المثمر على رأس قائمة أكثر الشعب التي تحظى بأهمية خاصة في القطاع الفلاحي بولاية ورقلة, و هذا بثروة تزيد عن 2.6 مليون نخلة منتشرة على مساحة إجمالية تزيد عن 22.512 هكتار, كما أوضح المدير الولائي للمصالح الفلاحية بالولاية. وتميز الموسم الفلاحي المنصرم بإنتاج تجاوز 6 ر 1 مليون قنطار من مختلف أصناف التمور, بما في ذلك الأصناف الرئيسية الثلاثة وهي دقلة نور والغرس و دقلة البيضاء. كما تم التأكيد أيضا على أهمية تطوير هذه الثروة من خلال تشجيع الاستثمار في مجال توضيب التمور وصناعة مختلف المواد ذات الصلة بمجال الصناعة الغذائية والصيدلانية, مثل عسل التمر وسكر المائدة والمربى والخل والكحول وأعلاف الماشية وغيرها. أما فيما يخص زراعة الحبوب, فقد أصبحت ولاية ورقلة رائدة على الصعيد الوطني من حيث المردود في إنتاج القمح الصلب بمعدل بلغت ذروته 82 قنطار في الهكتار الواحد, مثلما تم توضيحه. وحققت شعبة الحبوب نهاية حملة الحصاد والدرس الأخيرة التي استهدفت مساحة مقدرة ب2.883 هكتار مسقية بالرش المحوري ما لا يقل عن 96.900 قنطار من الحبوب, منها 80 في المائة بذور. كما بلغ إنتاج الخضروات 9ر1مليون قنطار من مختلف المحاصيل, على غرار البطاطس (الموسمية وغير الموسمية) التي تسعى إلى احتلال مكانة من بين الشعب الفلاحية الرئيسية والتي تمارس على نطاق واسع بالولاية. وتجدر الإشارة إلى أن الزراعة المحمية التي يخصص لها أزيد من 2.300 هكتار, قد عرفت هي الأخرى تطورا ''ملحوظا" خلال السنوات الأخيرة, إذ حققت شعب أخرى نتائج مرضية خلال سنة 2019 مثل إنتاج الأعلاف الذي بلغ 1.660.796 قنطار, بالإضافة إلى إنتاج اللحوم الحمراء التي بلغت 82.169 قنطار, في حين بلغ إنتاج الولاية من اللحوم البيضاء 10.000 قنطار. كما يعد إنتاج البيض الموجه للاستهلاك ميدانا اقتصاديا "محفزا" نظرا للنجاحات التي سجلها بعض المهنيين والمتعاملين الاقتصاديين الذين رفعوا تحدي الاستثمار في هذا المجال الذي بلغ العام الماضي متوسط 45.000 وحدة / يوم. وساهم الإقبال المتزايد للفلاحين المحليين على تعزيز وتطوير قدرات الإنتاج, لاسيما من خلال عصرنة الأساليب المنتهجة و إدراج المكننة, فضلا عن الدعم الذي توفره الدولة والمرافقة التقنية بغية إعطاء ديناميكية جديدة للقطاع على مستوى هذه الولاية الصحراوية التي تضم مساحة مقدرة ب885.050 هكتار من الأراضي القابلة للاستصلاح في تصنيف ولاية ورقلة إلى المرتبة الخامسة وطنيا من حيث النمو والمركز الثامن عشر من حيث القيمة المالية للإنتاج المقدرة ب79 مليار دينار جزائري, مثلما تمت الإشارة إليه. يذكر أن قطاع الفلاحة بولاية ورقلة سجل تطورا أيضا فيما يتعلق باتساع المساحة الصالحة للزراعة التي قفزت من 54.238 هكتار سنة 2018 إلى 58.000 هكتار سنة 2019. --زراعة الكينوا تحظى باهتمام الفلاحين-- وحققت تجربة زراعة الكينوا بورقلة هي الأخرى نتائج تدعو إلى التفاؤل, مما يفتح آفاقا واعدة لإنتاجها على نطاق واسع, كما أكد مهندسون زراعيون بمحطة البرهنة وإنتاج البذور بحاسي بن عبد الله (شرق ورقلة) والتابعة للمعهد التقني لتطوير الفلاحة الصحراوية والكائن مقره بولاية بسكرة. وأكدوا على إمكانية اتخاذ الكينوا الذي يعتبر بمثابة بديل للحبوب بدون غلوتين, كمكمل للقمح في الجزائر لتلبية حاجيات مرضى السيلياك, مشيرين إلى توفر كل الظروف الطبيعية الضرورية في الوسط الواحاتي وفقا لما خلصت إليه التجارب التي أجراها المعهد والعشرات من الفلاحين بمختلف المناطق بولايات ورقلة والوادي وبسكرة وأدرار.