تضم الشّعب الفلاحية الإستراتيجية الكبرى وذات الاستهلاك الكبير بولاية ورقلة زراعات متنوعة كالتمور، الحبوب، الزيتون، البطاطس، الحليب، اللحوم الحمراء، تربية الحيوانات وتربية الدواجن، وعلى الرغم من أن العديد من الزراعات الكلاسيكية التي عرفت بها الفلاحة في ورقلة كزراعة النخيل وبقية المحاصيل الزراعية الصحراوية الأخرى المعروفة، إلا أن هناك زراعات أيضا سجّلت تجاربها الميدانية نجاحا على غرار زراعة الزيتون والحبوب مثلا. ولاقت زراعة الحبوب بمختلف أنواعها القمح الصلب واللين والشعير، والتي أضحت إحدى الشعب الفلاحية الإستراتيجية بولاية ورقلة اهتماما كبيرا خلال السنوات الأخيرة، وقد عرف الإقبال عليها تزايدا واضحا، حيث يتوسّع هذا النشاط وترتفع مساحته المزروعة من سنة إلى أخرى حتى وصل حجم المساحة المزروعة في الحبوب بالولاية إلى 2600 هكتار بعد أن قدّرت المساحة المخصصة لإنتاج الحبوب خلال السنة الفارطة ب 1800 هكتار، أي بزيادة مقدّرة بحوالي 1000 هكتار، وقد بلغ إنتاج الحبوب خلال الموسم الفارط ما يعادل 68 ألف قنطار، ومن المنتظر أن تعرف زراعة الحبوب بالمنطقة تحقيق إنتاجية أكبر، وذلك بتوسيع المساحة إلى 3400 هكتار، والتي من المنتظر أن تحقّق إنتاج 100 ألف قنطار. من جهة أخرى، ساهمت التسهيلات المقدمة من طرف الدولة للفلاحين المهتمين بزراعة الحبوب من حيث اقتناء البذور وآلات الرش المحوري واستفادتهم من القروض البنكية، وكذا دعم عمل الفلاح ميدانيا من خلال مدّه بالمعلومات العلمية التقنية المتعلقة بهذا النوع من الزراعات عبر الأيام التكوينية في ازدهار شعبة الحبوب بالولاية، وتوسع نطاق الاهتمام بها عبر الولاية، حيث تتوزّع المساحة المخصصة لزراعة الحبوب في 6 بلديات تابعة لولاية ورقلة وهي قاسي طويل، أنقوسة، ورقلة، عين البيضاء، حاسي مسعود والحجيرة، كما وصل عدد الفلاحين الناشطين في هذه الشعبة الفلاحية إلى 66 مستثمر، وهم مرشّحون للارتفاع خلال السنوات القادمة خاصة بعد النتائج المحققة على أرض الواقع، والتي ساهمت في جذب عدد كبير من الشباب، وحتى بعض كبار المستثمرين للتوجه نحو زراعة الحبوب التي تظل شعبة إستراتيجية ذات استهلاك كبير على المستوى الوطني، وفي حاجة إلى دعمها والرفع من إنتاجيتها. إلا أن النشاط في فلاحة الحبوب على غرار نشاطات فلاحية أخرى بورقلةوالجنوب عموما يعد تحديا كبيرا بفعل طبيعة المناخ الصحراوي، وكذا بعض المشاكل المسجّلة التي يعاني منها الفلاح محليا، وتختلف حسب خصوصية كل منطقة وتشكّل أحد الصعوبات التي تستدعي إستراتيجية ميدانية حقيقية لتخطّيها، كمشكل المسالك الفلاحية ومشكل الربط بالكهرباء بالنسبة للمستثمرات الفلاحية وتصاعد المياه، صرف مياه السقي في بعض المناطق، وكذا مشكل تعويض الآبار القديمة في أخرى. وفي الواقع لابد من الإشارة إلى أنه من شأن القضاء على هذه المشاكل تدريجيا مساعدة المستثمرين في الجنوب على التوسع في المساحة المزروعة وتنويع المحاصيل الفلاحية، وكذا الرفع من القدرة الإنتاجية وخطو خطوات انتقالية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي كما يطمح إليه، هذا مع التأكيد على أن العديد من الاستثمارات الفلاحية التي آتت أكلها غيّرت من مفهوم الزراعات الصحراوية، وساهمت في إثرائها عبر تجارب ميدانية لمستثمرين الكثير منهم شباب، وكذا لأصحاب مستثمرات ضخمة. وتجدر الإشارة إلى أنّ من بين التجارب الناجحة في زراعة الحبوب وهي كثيرة، وتستحق في مجملها التشجيع على اعتبار أن النشاط في المناطق الصحراوية في جنوب الوطن بشكل عام تبقى تحديا كبيرا في ظل قساوة الطبيعة الصحراوية، ولكن مع ذلك استطاع مثلا مستثمر من ولاية ورقلة وصاحب مستثمرة لزراعة الحبوب على مساحة 150 هكتار نور الدين زرقون تحطيم الرقم القياسي، وتحقيق المرتبة الأولى وطنيا من الناحية المردودية بإنتاج حوالي 82 قنطار في الهكتار الواحد مقارنة بمعدل المردود الوطني، والمقدر ما بين 45 و50 قنطار في الهكتار.