شهد مسار التسوية في ليبيا تطورات إيجابية، على إثر توصل اللجنة الاستشارية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، إلى اتفاق بشأن آلية اختيار السلطة التنفيذية، التي ستتولى الإشراف على الانتخابات المقبلة وإطلاق المصالحة الوطنية، مع تحديد يوم غد الاثنين، موعدا للتصويت على أعضاء هذا الجاهز التنفيذي. فقد أعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني وليامز، خلال مؤتمر صحفي أمس السبت - عقد في ختام اجتماع اللجنة الاستشارية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي - عن إحراز تقدم نحو الاتفاق على حكومة انتقالية جديدة للإشراف على الانتخابات المقرر تنظيمها شهر ديسمبر المقبل. وقالت وليامز في هذا لصدد: "يسرني للغاية أن أبلغكم أن أعضاء اللجنة الاستشارية ارتقوا بحق (...) وأوفوا بمسؤوليتهم، متحلين بروح بناءة وجهود تشاركية وحس وطني عال، وخلال هذه المداولات، كنت شاهدة على روح الأخوة والتضامن والالتزام بوضع مصلحة البلد والشعب الليبي أولا وقبل أي شيء آخر" (...)، و"يسعدني أن أعلن أنهم توصلوا - وأهنئهم على ذلك - إلى اتفاق بشأن آلية اختيار موصى بها وتمت مشاطرتها مع الأعضاء ال 75 في ملتقى الحوار السياسي الليبي، وسوف يصوت الأعضاء ال 75 على هذه الآلية يوم الاثنين المقبل. لقد خطوا خطوة حاسمة نحو تحقيق الأهداف التي حددناها في تونس". إقرأ أيضا: ليبيا: المبعوثة الأممية تؤكد أن تسمية السلطة التنفيذية الموحدة "قرار ليبي خالص" وبناء على المقترح الذي وضعته اللجنة الاستشارية، توضح المسؤولة الأممية، يقوم كل مجمع انتخابي على حدة بتسمية ممثل المجمع في المجلس الرئاسي، معتمدا على مبدأ التوافق في الاختيار (70 بالمائة)، وفي حال تعذر ذلك يتم التوجه إلى تشكيل قوائم من كل الأقاليم مكونة من 4 أشخاص كل منهم يحدد المنصب الذي يترشح إليه (رئاسة المجلس الرئاسي، عضوية المجلس الرئاسي، رئاسة الوزراء). ولكي تعرض القائمة للتصويت في القاعة، تضيف وليامز، يجب أن تحصل كل قائمة على 17 تزكية (8 من الغرب 6 من الشرق و3 من الجنوب)، تفوز القائمة التي تحصل على 60 بالمائة من أصوات القاعة في الجولة الأولى وإن لم تحصل أي من القوائم على هذه النسبة، تتنافس في الجولة الثانية القائمتان اللتان حصلتا على أعلى نسبة، على أن يتم اختيار القائمة التي تفوز ب 50 بالمائة + 1 من الأصوات في الجلسة العامة. وأكدت وليامز أن "الأممالمتحدة لن تشارك بأي شكل من الأشكال في إعداد القوائم (...) فهذا الحل ليبي-ليبي، ودورنا يقتصر على الدعم والتيسير". وستدعو بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا يوم الاثنين 18 يناير، ملتقى الحوار السياسي الليبي، للتصويت على الآلية المقترحة، وسيجرى التصويت على الآلية على مدار 24 ساعة على أن تعلن النتائج يوم الثلاثاء، بعد الانتهاء من التصويت، وفقا للبعثة الأممية، تضيف المسؤولة الأممية. وتحدد العتبة اللازمة للموافقة، كما اتفقت عليه اللجنة الاستشارية، ب 63 بالمائة من المشاركين في التصويت. وإذا لم تتحقق هذه النسبة ( 63 بالمائة)، ستعقد جولة ثانية من التصويت بعد يومين من ذلك، وتحدد العتبة اللازمة للموافقة في الجولة الثانية ب 50 بالمائة + 1 من المشاركين في التصويت، حسبما أوضحت وليامز. واعتبرت الممثلة الأممية بالإنابة، أن "القرار الذي تم التوصل إليه هو أفضل تسوية يمكن التوصل إليها، كونه يحترم البعد الإقليمي، ويشجع الناس بالفعل على التسامي فوق انقساماتهم وأقاليمهم في سبيل تعزيز التفاهم وبناء الوحدة في البلاد، كما يجسد مبادئ الشمولية للجميع والشفافية والتمثيل العادل عبر الأقاليم وداخل المجموعات السكانية المختلفة". سلطة تنفيذية مؤقتة وذات ولاية واضحة وذكرت وليامز، في هذا الخصوص، بأن ما يتم الحديث عنه هنا "هو سلطة تنفيذية موحدة مؤقتة ستحل محلها حكومة دائمة منتخبة ديمقراطيا يختارها الشعب الليبي في 24 ديسمبر من العام الجاري" وقالت: "مبادئنا واضحة لا لبس فيها: سلطة تنفيذية موحدة مؤقتة قوامها أشخاص وطنيون ليبيون يريدون التشارك في المسؤولية + بدلا من تقاسم الكعكة + تكون لديها ولاية واضحة ومحدودة تنتهي مع إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر". وكانت اللجنة الاستشارية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي قد اجتمعت منذ يوم الأربعاء الماضي - وعلى مدار أربعة أيام - بمشاركة 18 عضوا، تم اختيارهم من جانب المجموعة الأوسع التي تشمل 75 عضوا في ملتقى الحوار السياسي الليبي، وهي لجنة استشارية تم تشكيلها لتجاوز الانسداد بشأن آلية اختيار السلطة التنفيذية، وفقا لخارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها في منتصف نوفمبر الماضي في تونس. على مدى الأشهر الماضية اجتمع الليبيون - تحت مظلة الأممالمتحدة - لمد الجسور عبر مسارات عملية برلين من أجل معالجة حقيقية ليبية -ليبية، للقضايا التي كانت الدافع وراء النزاع، بما في ذلك النزاع المسلح نفسه، وجذوره الاقتصادية، والأزمة السياسية والانقسام، والحاجة إلى المساءلة والعدالة الانتقالية والمصالحة. إقرأ أيضا: ليبيا: المبعوثة الأممية تدعو إلى ضرورة الاستفادة من الدعم الدولي للسلام في البلاد وتمثل خارطة الطريق التي وضعت في تونس في شهر نوفمبر الماضي، "الخطوة الحاسمة الأولى" لتجديد الشرعية السياسية للمؤسسات الليبية واستعادة السيادة الليبية من خلال إجراء انتخابات وطنية في 24 ديسمبر المقبل، كما تؤكده الأممالمتحدة. واتفق المشاركون في ملتقى الحوار السياسي الليبي أيضا - من خلال خارطة الطريق - على خطوات واضحة تفضي إلى هذه الانتخابات التي ستجرى بناء على قاعدة دستورية متفق عليها، وحددت إطارا زمنيا معقولا جدا للسياسيين والمؤسسات ذات الصلة للارتقاء إلى مستوى مسؤوليتهم واستكمال هذه الخطوات، مع وضع خطط بديلة لمجابهة حالات فشل هذه المؤسسات أو عرقلة هذه العملية. وبالموازاة مع هذا التقدم المحرز، وافق مجلس الأمن الدولي على تعيين السلوفاكي يان كوبيتش مبعوثا دوليا جديد ا إلى ليبيا، بعد قرابة أشهر من شغور هذا المنصب، على إثر استقالة غسان سلامة، شهر مارس الماضي، لأسباب صحية، ما من شأنه أن يعطي زخما أكبر لجهود التسوية الأممية.