تعتبر المساواة بين المستوطنين الذين استقدمتهم الادارة الفرنسية من أوروبا في 1830 والشعب الجزائري "المُعذب والمغتصَب والمرغم على النزوح والمنتهكة أرضه و أملاكه والمُشرّد" خلال 132 سنة من الاستعمار، امتدادا لشكل جديد من أشكال "النكران" و"الهيمنة"، حسبما جاء في البيان الذي نشرته اليوم الاثنين مجموعة من المناضلين المناهضين للاستعمار والجامعيين المقيمين بفرنسا. وأكد أصحاب البيان الذي تحصلت "وأج" على نسخة منه أن "المستوطنين والمستعمَرين لم يحظوا على نفس المعاملة ... إذ أضطهد السكان الأصليون من 1830 إلى 1962 ليسقط منهم مئات الآلاف من الضحايا والقتلى والمعذبين والمغتصبين والنازحين والمنتهكة أرضهم وأملاكهم والمشردين"، ليضيفوا أن "هذه الحقيقة لا نقاش فيها وأن التغافل عنها ببعض التقارير يعد امتدادا لشكل جديد من أشكال النكران والهيمنة تحت غطاء الوصاية غير المقبولة". ووقع على هذا "البيان من أجل الاعتراف بالجرائم والأضرار الاستعمارية الفرنسية في الجزائر واصلاحها" كل من الناشطة لويزات ايغيل احريز، والناشط المناهض للاستعمار والعرقية، هنري بويلو، والأكاديمي الفرنسي أوليفيه لوكور غراند ميزون، والمفكر الفرانكو-جزائري صديق لرقش. كما أضاف الموقعون على البيان أن "تقرير بنيامين ستورا حول الاستعمار وحرب الجزائر يستجيب لغاية سياسية التي أراد تحقيقها لأسباب غريبة ولكن مؤكدة: تخفيف المسؤوليات وفق وسطية متقنة تفترض المساواة في التعامل مع الأطراف المعنية من أجل تحييد الاعتراف بالمسؤولية الأحادية لفرنسا الاستعمارية في الجزائر". وسطرت فرنسا، حسب ذات الوثيقة، العديد من الاستراتيجيات لتغطية ماضيها الاستعماري "بإرغامها الجزائريين على توقيع بند متعلق بالعفو" و اصدار "قوانين العفو" لا سيما قانون سنة 2005 الذي يمجد مزايا الاستعمار الفرنسي في الجزائر و هو اهانة كبيرة للضحايا الجزائريين الذي عذبو "مزيا" من جديد. أما فيما يتعلق باعتراف فرنسا بمسؤوليتها عن جرائم الاستعمار ، أكد المناضلون ان هذا "يعني بالضرورة تعويضا سياسيا و ماليا" و هو ما تخشاه القوة الاستعمارية القديمة. ويرى محررو البيان ان الخوف من الاعتراف يمكن تفسيره كذلك "بالخوف من ايجاد نفسها مرغمة على الاعتراف بجرائمها أمام ابناء الضحايا الذين يشكلون معظم سكان الضواحي الفرنسية". ان الاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها فرنسا ضد الانسانية بالجزائر خلال فترة الاحتلال لن يكون الا اذا تبعه تعويض مادي علاوة على تنقية العديد من المواقع النووية و الكيميائية الملوثة من طرف فرنسا في صحراء الجزائر. وأضافوا في هذا السياق "انها مسألة حق و عدالة دولية لأن كل ضرر مؤكد يستوجب تعويضا و هو ما حصل مع الجزائر الا اذا اعتبرنا الاستعمار الفرنسي للجزائر عملا ايجابيا مثلما تحاول فرنسا التسويق له منذ اصدار قانون 23 فبراير 2005 و هو مساس آخر بكرامة الجزائريين". و يشير اصحاب البيان الى أن "فرنسا لا يمكنها ان تتنصل من التعويض الكامل لان مسؤوليتها مؤكدة"، معتبرين انها "مسألة كرامة و هوية الجزائريين". وبخصوص طبيعة التعويض، يرى محررو الوثيقة بأن فرنسا مطالبة بالاقتداء بمثال "الأمم الديمقراطية الكبرى على غرار إيطاليا التي عوضت سنة 2008 ليبيا بقيمة 4ر3 مليار أورو على استعمارها من 1911 إلى 1942 وكذا انجلترا مع كينيا والولايات المتحدة مع الهنود الأمريكيين وكذا أستراليا مع السكان الأصليين. وافقت ألمانيا منذ سنة 2015 على مبدأ المسؤولية والتعويض عن جرائمها الاستعمارية مع الناميبيين...وتلقت فرنسا تعويضا من الاحتلال الألماني خلال الحربين العالميتين الأولى والثاني يقدر اليوم بعدة ملايير أورو. وفي هذه المساهمة، تناول المؤلفون الوضع الاستعماري بكل بشاعته التي تترجم ب"المجازر التي دامت قرابة 130 سنة والتي تحولت من محارق لدى الغزو إلى مجازر متتالية لقرى بأكملها على غرار بني وجهان وبعدها إلى جرائم ضد الانسانية بتاريخ 8 مايو 1945 ناهيك عن اعتداءات شارع تيباس بالجزائر العاصمة". وأشاروا إلى أن "العنف ضد السكان الأصليين الجزائريين لم يسبق له مثيل، فقد تم تدمير ما بين 600 و800 قرية بالنابالم و كان استعمال فرنسا لغاز سارين وغاز الأعصاب شائعا في الجزائر. كما كانت الاختفاءات القسرية شبيهة بالممارسات النازية".