شدد رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, اليوم الثلاثاء, على ضرورة إعادة الاعتبار للمجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي كهيئة جاذبة للكفاءات العلمية المعتمد عليها في وضع تصورات "وطنية" و "غير مستوردة" للنهوض بالاقتصاد الوطني. وخلال إشرافه على تنصيب أعضاء المجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي, لفت رئيس الجمهورية إلى أن هذا الحدث يأتي انسجاما مع تعهده بإعادة الاعتبار لهذه الهيئة وجعلها "مستقطبة للكفاءات الوطنية, عاكسة للممارسة الفعلية للديمقراطية". وتقوم هذه المقاربة على إشراك مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمجتمع المدني والخبراء من شتى التخصصات في مسعى التشاور الوطني. كما ذكر أيضا بأن تجسيد هذا الالتزام يكون من خلال تعزيز هذه الهيئة و توسيع صلاحياتها وجعلها "أداة تقييم ومتابعة, تساهم في إسناد السلطات العمومية في كل ما يرتبط بالاستشراف والتقييم في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية". وسيسمح هذا الفضاء التشاوري, يتابع الرئيس تبون, ب "بلورة الأدوات العلمية لتكريس نموذج اقتصادي جديد واقتراح توصيات كفيلة بالحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وتثمينها". وأردف يقول في هذا السياق: "على هذا الأساس حرصنا على أن تكون تركيبة المجلس متنوعة تشمل مختلف الفئات والتخصصات ومن مختلف جهات الوطن ومن الجالية الوطنية بالمهجر". اقرأ أيضا : التأكيد على إعادة الاعتبار للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وجعله مستقطبا للكفاءات ومن هنا, جاء حرص رئيس الجمهورية على ترسيخ مكانة هذا المجلس في الدستور, "بما يسمح له بأن يضطلع بمهامه, كفضاء للحوار والتشاور وآلية للاستشراف والتحليل والاقتراح في كل المسائل التي تدخل ضمن مجالات اختصاصه", مثلما أكد. فبعد أن توقف عند مختلف التجارب الاقتصادية التي خاضتها الدول الاوروبية, أكد بالقول: "ليس ضروريا فرض أفكار مستوردة... بل يجب الاعتماد على الكفاءات و القدرات الجزائرية الموجودة والتي تعرف الوضع جيدا و تستطيع تشخيصه و ايجاد الحلول". كما عاد للتذكير, مرة أخرى, بالدور "الحساس" المنوط بالمجلس في مجال النقاش و بلورة الأفكار وما ينتج عنه من توصيات و توجيهات للحكومة, الغاية منها "ضمان تسيير أحسن", بعيدا عن "أي صراع مؤسساتي". الأموال الضخمة المتداولة في السوق الموازية ورفع الجمود عن التسيير, عراقيل على المجلس المساهمة في حلها عرج رئيس الجمهورية على جملة من المعضلات التي ترهق كاهل الاقتصاد الوطني و تعرقل إقلاعه, حيث كلف المجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي بالمساهمة في إيجاد حلول لها, من بينها الأموال المتداولة في السوق الموازية التي كشف عن حجمها المقدر ب" 10 آلاف مليار دج", ما يعادل 90 مليار دولار. وشدد قائلا بهذا الخصوص: "الجزائر لن تذهب الى الاستدانة الخارجية" و "إذا لزمها الأمر, ستذهب إلى الاستدانة الداخلية لأن هناك أموالا طائلة مخبأة و حان الوقت لتخرج لتمويل الاقتصاد و توفير السيولة". كما توجه إلى أعضاء المجلس, معربا عن أمله في أن يوفقوا في إيجاد حلول لهذه المعضلة. وفي ملف التسيير, أكد الرئيس على أنه و عقب القرارات المتخذة من قبل الدولة, "لم يعد هناك أي مبرر" للجمود الذي يطبعه, ليدعو المسئولين المحليين إلى المزيد من العمل لتحقيق الانعاش الاقتصادي والاجتماعي". كما نبه, في سياق ذي صلة, إلى أن خشية هؤلاء من الوقوع تحت طائلة المتابعات القضائية "لم يعد له أي تبرير", خاصة بعد التعليمات التي كان قد أسداها بعدم المبادرة بإطلاق أي تحريات أو متابعات قضائية في حق المسئولين, بناء على الرسائل المجهولة. وعلى صعيد آخر يتعلق بالإصلاحات الهيكلية التي شهدها مجال الاستيراد, أوضح رئيس الجمهورية أن هذه الأخيرة سمحت للجزائر بتحقيق توازنها المالي والحفاظ على احتياطاتها من الصرف الأجنبي, مستشهدا بتراجع فاتورة الواردات إلى "حوالي 31 مليار دولار مقابل أكثر من 60 مليار دولار قبل عشر سنوات", ما يعد "انخفاضا هيكليا وليس ظرفيا". وفي معرض تأكيده على ضرورة التعجيل بالخروج من التبعية للمحروقات, صرح الرئيس تبون في هذا الشأن: "منذ 40 سنة ونحن نحاول التحرر من المحرقات.. ولأول مرة حددنا سقفا عاليا نوعا ما, وقلنا أنه في 2021 يجب أن نصل الى 5 مليار دولار من الصادرات خارج المحروقات", ليتابع "إلى حد الآن, وصلنا الى 3,2 مليار دولار في حين أننا لم نتمكن من أكثر من عشرين سنة من تجاوز 1,8 مليار دولار". كما سجل توقعاته بأن تتجاوز قيمة الصادرات غير النفطية مع نهاية السنة الجارية "4,2 مليار دولار", لأول مرة. وأفرد الرئيس تبون حيزا من مداخلته للحديث عن القطاع الخاص الذي دعاه إلى المساهمة في تمويل الاقتصاد الوطني و المشاريع الاستثمارية, و عدم الاتكال على الدولة و البنوك العمومية فقط. وذكر, في هذا الصدد بأن جهود الحكومة ترمي إلى "بناء اقتصاد وطني خالق للثروة, لا يعتمد على الريع مثلما كان في السنوات الماضية"، مبرزا بأن 85 بالمائة من تمويلات القطاع الخاص تأتي من الأموال و البنوك العمومية. وضرب مثالا بعمليات تركيب السيارات التي ذهبت فيها "2ر3 مليار دولار" هباء منثورا, كما أفضت الى إنتاج سيارات محلية يفوق سعرها أسعار تلك المستوردة. وفي الملف السياسي, توقف رئيس الجمهورية عند الانتخابات المحلية المقررة في 27 نوفمبر المقبل, و التي اعتبرها "محطة هامة ستسمح بانتخاب مجالس تمثيلية", تأخذ على عاتقها انشغالات وتطلعات المواطن.