إرتبط الموقع التاريخي "غار بوجليدة" ببلدية القعدة بولاية معسكر بإسم الشهيد أحمد زبانة الذي إتخذ منه مركزا للعمليات لا سيما أثناء التحضير لثورة أول نوفمبر المظفرة وفيه قاد آخر معركة له ضد الجيش الاستعماري الفرنسي. وقد إتخذ أحمد زبانة الذي يعد أول من نفذ فيه المستعمر الفرنسي حكم الإعدام بالمقصلة إبان الثورة التحريرية المجيدة من هذه المغارة الواقعة على بعد 10 كلم جنوب بلدية القعدة مركزا للعمليات التي خطط لها للكفاح ضد المستعمر لوقوعه في مكان مرتفع يتميز بتضاريس وعرة تجعل مراقبته والوصول إليه من قبل الجيش الإستعماري أمرا صعبا. ويقول المجاهد سعيد اسطمبولي وهو رفيق الشهيد في شهادة سجلها متحف المجاهد لمعسكر أن أحمد زبانة جمع مجموعة من المجاهدين من الرعيل الأول للثورة بغار بوجليدة شهر أكتوبر 1954 و أمرهم بالاستعداد لعملية عسكرية تزامنا مع اندلاع الثورة التحريرية المجيدة. وأضاف نفس المتحدث أن "قبل ذلك بشهرين و بالضبط يوم 15 أغسطس 1954 تم عقد لقاء بنفس المكان تحت إشراف الشهيدين بن عبد المالك رمضان وأحمد زبانة، حضره 13 مجاهدا، تم إعلامهم بقرب اندلاع الثورة التحريرية بعد لقاء مجموعة ال 22 التاريخية بالجزائر العاصمة. ---تأسيس نواة جيش التحرير الوطني بشمال معسكر--- الشهيد زبانة الذي قضى ثلاث سنوات في السجن، عقب الهجوم على مقر بريد وهران في ديسمبر1949، وفترة أخرى قضاها في حالة فرار بكريشتل (وهران) ومستغانم ومعسكر ومسقط رأسه بقرية جنين مسكين ببلدية زهانة، عاد -حسب السيد اسطمبولي- للعمل بمصنع الإسمنت بمنطقة زهانة بمعسكر سنة 1953 و عمل خلالها على إحياء اتصالاته لا سيما مع العربي بن مهيدي المتواجد حينها بولاية سيدي بلعباس وبن عبد المالك رمضان الذي كان بمستغانم في نفس الفترة. وشرع أحمد زبانة في تجنيد مجموعة من الشباب و أبلغهم ربيع سنة 1954 بإنشاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل والاستعداد للكفاح المسلح، كما دعاهم إلى الالتحاق بهذه الهيئة، وهو ما وافقوا عليه جميعا ليشرعوا بعدها في التحضير للثورة عبر اقتناء السلاح والعتاد والألبسة مع مرافقتهم زبانة إلى العديد من المناطق في إطار ذلك التحضير، كعين الفرانين بوهران وتسالة بسيدي بلعباس وغيرهما ، وفق نفس المصدر. ---معركة غار بوجليدة نهاية مسيرة كفاح وبداية قصة استشهاد--- ومن جهته أشار مدير المجاهدين لولاية معسكر راجي محمد نذير في تصريح لوأج الى أن "موقع غار بوجليدة شهد معركة كبيرة غير متكافئة من حيث العدد والعتاد يوم 8 نوفمبر 1954 حيث لجأ أحمد زبانة رفقة مجموعة من المجاهدين إلى الغار بعد نجاحهم في الإستيلاء على مجموعة من الأسلحة والقنابل. وقد إستشهد في بداية المعركة -يضيف السيد راجي- الشهيد ابراهمي عبد القادر و أصيب أحمد زبانة وألقي القبض على بقية المجاهدين حيث كانت المغارة محاصرة بشكل كامل. وقد تم محاكمة زبانة أمام المحكمة العسكرية لوهران التي أصدرت ضده يوم 21 أبريل 1956 حكما بالإعدام نفذ عليه فجر يوم 19 جوان 1956 بسجن بربروس بالعاصمة. ---استكشاف و تربية و سياحة للذاكرة--- وقد تحول غار بوجليدة بعد الاستقلال إلى مزار للمواطنين من سكان المنطقة والمناطق المجاورة خاصة بمناسبة إحياء ذكرى استشهاد البطل أحمد زبانة يوم 19 جوان من كل سنة. وقد قامت السلطات المحلية بتجسيد عملية تهيئة لمحيط الموقع وداخله فأنجزت سلالم وشبكة الإنارة وهيأت مدخل الموقع ناهيك عن إنجاز طريق معبد يربط الموقع بمركز بلدية القعدة. وتنظم مديرتا التربية و الشباب و الرياضة بشكل دوري بالتنسيق مع مديرية المجاهدين للولاية زيارات للتلاميذ والشباب لهذا الموقع التاريخي للتعريف بتضحيات وبطولات شهداء ومجاهدي الثورة سواء من أبناء ولاية معسكر أو من ولايات أخرى من الوطن منهم الشهيد أحمد زبانة وكذا الشهيد شريط علي الشريف الذي نفذ ضده المستعمر الفرنسي حكم الإعدام بالمقصلة سنة 1958. كما أبرز مدير السياحة و الصناعة التقليدية و العمل العائلي لولاية معسكر عبد المالك طالبي لوأج أنه في إطار الإتفاقية المبرمة بين وزارة المجاهدين و ذوي الحقوق و وزارة السياحة و الصناعة التقليدية و العمل العائلي لترقية سياحة الذاكرة تعمل المديرية المحلية على وضع مسار سياحي بالولاية. ويشمل المسار المعالم الأثرية و التاريخية التي تؤرخ للمقاومة ضد الإستعمار الفرنسي منها تلك التي تتعلق بالأمير عبد القادر والمواقع التي شهدت معارك كبرى لجيش التحرير الوطني خلال ثورة أول نوفمبر 1954 المجيدة و منها غار بوجليدة للتعريف بهذه المواقع و الأحداث الهامة التي شهدتها للحفاظ على الذاكرة.