أكدت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة "ترانسبرانسي" أن المغرب يعيش وضعية فساد عامة دون وجود آفاق للخروج منها, حيث تظل كل التوصيات الصادرة للقضاء على الفساد حبرا على ورق ولا تجد آذانا صاغية لتفعيلها على أرض الواقع. وتوقفت "ترانسبرانسي المغرب" خلال ندوة نظمتها, اليوم الثلاثاء ل"تقديم وضعية الرشوة من خلال مؤشر الرشوة لسنة 2022 ومؤشر الميزانية المفتوحة 2021 ومؤشر الديمقراطية", على التقهقر الذي يعرفه المغرب في التصنيفات الدولية المرتبطة بالفساد. وأبرزت ترانسبرانسي أن الرشوة متفشية في الإدارات العمومية بشكل كبير ويلامسها المواطن في حياته اليومية. وفي هذا السياق,اوضح عز الدين أقصبي عضو الجمعية وأستاذ الاقتصاد ,أن المغرب يحتل المرتبة 95 في مؤشر الديمقراطية, ويشهد بالتالي تفشيا كبيرا للفساد, فالديمقراطية بالمغرب تقتصر على الواجهة لتحسين الصورة على المستوى الخارجي, في حين أن الواقع المعاش مختلف, مشيرا الى ان محاربة الفساد تكون عبر مؤسسات ديمقراطية وتفعيل دولة الحق والقانون, وربط المسؤولية بالمحاسبة, وهو ما يغيب عن المغرب. ونبه المتحدث إلى أن هيئات الرقابة بالمغرب غير مفعلة, ومفتشيات الوزارات تعرض نتائجها على الوزير الذي له إمكانية التجميد, ناهيك عن أن التشريع غير جيد على مستوى محاربة الفساد, ولا يوجد تجريم للإثراء غير المشروع وحتى في تطبيق التشريع الموجود هناك انتقائية في المتابعات ومؤسسات لا تحاسَب. وسجلت "ترانسبرانسي المغرب" أن المملكة لم تقم بشيء لتغيير واقع الفساد, حيث ان هذه الظاهرة عامة ومعممة دون وجود مؤسسات حقيقية لمناهضتها, ووضعية الإفلات من العقاب مستمرة. و كانت جمعية "ترانسبرانسي المغرب" قد طالبت في مذكرة وجهتها العام الماضي الى حكومة عزيز أخنوش, بتوضيح موقفها من هذه الافة, و سياستها في مجال تضارب المصالح والثراء غير المشروع, و تحديد ماهي الإجراءات التي ستتخذها لتعزيز موارد الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها من أجل ضمان استقلاليتها وفعاليتها. وشددت الجمعية في مذكرتها على أن الفساد المستشري بالمغرب "ذو طبيعة مزمنة ونسقية", ويمس مختلف القطاعات التي تعني المصالح اليومية للشعب المغربي في الإدارات مثل المستشفيات والمحاكم والمرافق الإدارية, لافتة الى أن رؤساء المقاولات في مجال الاستثمار و في مجال الصفقات العامة يعانون ايضا من هذه الافة. و كان رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام, محمد الغلوسي, قد انتقد مؤخرا ما وصفه ب"التنصل" السياسي في معالجة ملفات الفساد المتراكمة, مشيرا الى ان ملفات الفساد "لا تتحرك وحتى إذا تحركت فإن الإجراءات والتدابير المتخذة والأحكام الصادرة تعكس في عمقها ذلك التنصل السياسي من مجابهة هذا الملف الشائك".