شدد مهندسون معماريون وباحثون مختصون في العمران والمدينة يوم الثلاثاء بباتنة على ضرورة إيلاء الأهمية للتراث المعماري والعمراني الذي تزخر به الجزائر والمحافظة عليه والعمل على ترسيخه في الأجيال من خلال الاقتباس منه وتوظيف ميزاته وجمالياته في المدن والمشاريع السكنية الجديدة. و أضاف المتدخلون حضوريا وعبر تقنية التحاضر عن بعد في الملتقى الوطني الثالث حول التراث المعماري والعمراني بالجزائر الذي ينظمه على مدى يومين قسم الهندسة المعمارية بمعهد الهندسة المعمارية والعمران بجامعة باتنة-1 أن "هذا التراث هو مادة حية مشبعة بروح المجتمع ويعبر عن تاريخه وثقافته وعاداته وفلسفته في الحياة وأيضا عن امتداده الحضاري". و أكد في هذا السياق مدير مخبر الطفل والمدينة والبيئة، المنظم للملتقى، الدكتور بلقاسم الديب، أنه "على المهندسين المعماريين والمختصين في الميدان توظيف هذا التراث المعماري والعمراني واستنباط الأفكار منه مما يعطيه الديمومة عبر الأجيال دون المساس بهويته وصورته الأصلية". و تطرق ذات المختص في مداخلته حول "المدن العتيقة في الصحراء بالجزائر .. دروس عمرانية ومعمارية وكفاءة منظوماتية" إلى فن العمارة بمنطقتي بسكرة وبشار حيث "رغم البعد الكبير بينهما، ظهر فيهما التعامل مع عناصر البيئة (الطبيعة) والمناخ والإمكانات المتاحة واحدا، من ذلك شكل واجهة المباني فيهما الذي كان مغلقا وموجها للداخل ومادة البناء محلية الألوان ومنسجمة مع الطبيعة مع تحقيق الخصوصية للسكان". و ركز المتدخل بالنسبة للنموذجين على التشكيل العمراني والتكوين المعماري الذي يعطي لكل منطقة خصوصية معينة عن طريق الألوان والحجم ومواد البناء وعناصر الزخرفة والتشكيل الفراغي ويكسب كل تجمع أو مدينة هوية وطابعا مميزا. فيما أبرز الدكتور جمال علقمة من جامعة 8 ماي 1945 بقالمة في مداخلته حول "التراث المبني في الجزائر بين الواقع وفرص تحريك التنمية" دور الجماعات المحلية في تثمين هذا التراث والمحافظة عليه. و دعا من جهته الدكتور حسين رحوي المختص في علم الاجتماع من جامعة أبو بكر بلقايد من تلمسان إلى ضرورة التركيز على أهمية هذا التراث في المناهج التربوية لدى النشء والاعتماد على الزيارات الموجهة للأماكن التي تزخر بهذه المعالم لترسيخ خصائصها وجمالياتها في أذهانهم. و أجمع العديد من المتدخلين في أشغال اليوم الأول من هذا الملتقى على وجوب تظافر الجهود من أجل إرساء ثقافة المدينة وتطوير تصور الفرد منذ الصغر للتراث وأبعاده ومكوناته إلى جانب تكثيف البحوث الميدانية من طرف المختصين والهيئات المعنية بالتراث خاصة المحلي واستيعاب إشكالاته في الأوقات المناسبة على اعتبار أن المجتمع يتغير باستمرار.