أجمع الدكاترة والمختصون في العمارة، على ضرورة خلق نمط عمراني خاص بولاية ايليزي وبمنطقة الطاسيلي عموما، والذي يتماشى مع خصوصيات المنطقة، بما تزخر به من مواد طبيعية للبناء، وكذا تراث مادي ولا مادي. وجاء ذلك خلال تلاوة التوصيات ضمن اختتام الملتقى الدولي الأول حول العمارة في البيئة الصحراوية، والذي احتضنته إقامة الطاسيلي بولاية ايليزي، حيث أن الملتقى عرف مشاركة فعالة من طرف الخبراء والدكاترة الدوليين، وكذا من جامعات جزائرية، بالإضافة إلى مهندسين ومعماريين محليين وأصحاب مكاتب الدراسات بالولاية، حيث تواصلت الورشات الثلاث إلى غاية الساعة الواحدة ليلا طوال أيام الملتقى. وضمن ورشة التراث، أوصى المختصون على ضرورة إحصاء البنائين التقليديين والحرفيين، والنظر في إمكانية تعليم ذلك إلى البنائين الشباب، والعمل على تحريك ملف تصنيف قصور جانت الثلاثة كما أوصت الورشة بإعداد خرائط رقمية للممتلكات الأثرية، يضمن تسجيل ومتابعة أنجع لمختلف المشاريع، حيث تمكن جميع المتدخلين على التسيير الأمثل، وضمان حماية التراث الثقافي، بالإضافة إلى اقتناء خرائط الأقمار الاصطناعية والتصوير الجوي، كما أوصت الورشة على إنشاء مجلس تنسيقي يعنى بالتنمية والتراث يضمن جميع القطاعات. أما ورشة عمران المدن الصحراوية، والتي أشرف عليها الدكتور أسامة خرشي من جامعة سطيف، فقد أوصى المشاركون فيها على وضع استراتيجية لتثمين التراث الإقليمي بأبعاده الثلاثة، واستنباط طابع عمراني محلي، والذي يكون عبر انشاء خلية، تضم المجتمع المدني والمختصين والجماعات المحلية، لوضع معالم الطابع العمراني والمعماري المحلي النابع من الهوية الثقافية، كما أكدوا على ضرورة تسجيل عملية لإتمام ترميم قصر الميهان بجانت، وإعادة الاعتبار لهذه القصور، فيما أضافت التوصيات التي تم تلاوتها على والي الولاية ومختلف السلطات الحاضرة معه، على إعادة تهيئة شبه الطرق الموجودة، مع الأخذ بعين الاعتبار عرض الأرصفة، وأماكن التوقيف والتشجير وإبراز الطابع المعماري المحلي. أما ورشة السكن فقد تطرقت إلى ثلاثة محاور وهي التصميم والواجهات ومواد البناء، حيث تم التوصية على ضرورة مراعاة خصوصية سكان الطاسيلي من خلال إدراج فضاء خاص باستقبال الضيوف، والأخذ بعين الاعتبار الفناء، والذي يعتبر فضاء حيويا لنشاطات معيشية يومية خاصة بقاطني المنطقة، ونظرا لصعوبة الطبيعة، وارتفاع درجة الحرارة، فقد أوصى المختصون، على تهيئة الأسطح في خلال عملية البناء، وتصميم عمارة بيومناخية تعالج مشاكل المناخ الصحراوي، مثل توجيه الفتحات، ودراسة أبعادها، وسمك الجدران، وكذا الحرص على توجيه البنايات نحو الوجهة المفضلة (شمال شرق وجنوب شرق)، أما فيما يتعلق بالواجهات، فقد أكدوا على ضرورة استلهام تراث الطاسيلي في التزيين، واستعمال ألوان تناسب المنطقة، مع التأكيد أن الواجهة جماعية وليست فردية، وعليه وجب تفعيل دور الآليات القانونية للمحافظة على الواجهات، وفيما يخص مواد البناء، فقد أوصى الحاضرون على ضرورة استغلال مواد البناء المحلية بطريقة فعالة، مثل تقنية الجبس المضغوط، والرمل والطين والحجارة وغيرها. من جهته، الوالي اعتبر هذا الملتقى تاريخيا وناجحا بكل المقاييس، حيث فاقت نتائجه جميع التوقعات، معتبرا الاستفادة من تجارب مصر والسعودية ودول أخرى في حد ذاته مكسبا لولاية ايليزي، على أمل أن يكون هذا الملتقى دوريا كل ثلاث أو أربع سنوات.