يتواصل برواق "محمد راسم" بالجزائر العاصمة معرض الفنان التشكيلي سعيد جامة الذي يقدم من خلاله مجموعة من أعماله الفنية التي تستلهم كينونتها من النزعة التجريدية حيث يغوص في فلسفة الجمال والوجود كما تتجسد في لوحاته الأناقة و الغموض بأسلوب بسيط لكن ساحر ذو قيمة تشكيلية عالية. و يضم المعرض الذي يندرج ضمن النشاطات الثقافية لمؤسسة "فنون وثقافة" لولاية الجزائر , قرابة 40 عملا فنيا ذات حجم كبير يتدفق بالرمزية و الدلالات والتشكيلات البصرية التي توحي بحالات الفنان النفسية وهو بصدد نسج لوحاته فأدرج فيها العديد من العناصر ذات الألوان الداكنة من خلال انتهاج أسلوب بسيط و إبراز الظلال و الضوء في توليفة بديعة على القماش والورق, تجسد اللمسة الإبداعية لهذا الفنان ونظرته للجمال. و يعتبر هذا المعرض الفني مفتوح أمام الجمهور إلى غاية 15 مايو بمثابة دعوة لعشاق المدرسة التجريدية للسفر إلى آفاق عالية تعج بالفلسفة وجدوى الفن و طلاسم لونية متداخلة للوقوف امام ما ينبع من اللوحات من لحظات سحرية والتي انجزت اغلبها بتقنية الأكريليك (الألوان المائية) و الالوان الزيتية إضافة إلى تقنية الحبر الصيني باللونين الأبيض و الأسود وهو اتجاه فني تميز بالرمزية و الدلالات. و تعتمد مجموعة الأعمال الفنية المنجزة بأسلوب تجريدي على بحث فردي وحفر في الذات للفنان المخضرم جامة مع إدماج باقة من الألوان و ذلك بانسيابية تعج برؤية فلسفية و تدفق ألوانها بقيم جمالية وتقنية وتتجلى أكثر كلما تضاعفت الألوان والرموز المستلهمة بقوة ونعومة. و تتميز أعمال جامة التي ازدانت بها زوايا المعرض بأنها تدفع و تحث الزائر على التأمل العميق في تفاصيل الحياة وتثير فيه مشاعر مختلفة ما يخلق كيمياء بين العمل الفني والمتلقي كما تسمح له أيضا التعرف وتلمس روح الفنان وشاعريته وأفكاره التي تكاد تتحرك على سطح اللوحة. و في هذا الإطار أشار, الفنان التشكيلي ل/ وأج أن خياره الفني المتمثل في اعتماد تقنيات النزعة التجريدية نابع من توقه للتعبير عما يختلج نفسه من احاسيس ومن حالات شعورية متفاوتة في وضعيات مختلفة, موضحا ان التجريد "يتيح للمشاهد حرية تأويل اللوحات المعروضة أمامه وقراءتها وفق رؤيته وخياله وثقافته". و أفاد جامة أن أعماله الفنية المعروضة تم إنجازها ما بين 2014 و 2023 , وهي "لوحات تعج بالتجربة و الإيماء تأخذ من يتأملها إلى عمق التجريد باتجاه عالم يتجلى فيه التعبير عن الحرية كضرورة للإبداع", مضيفا أن "المهم ليس الموضوع في حد ذاته بل انسجام الألوان و الأشكال و الضوء و ما يتولد من تلك اللحظة من عوالم و أحاسيس". و أضاف ذات المتحدث أن إنجاز هذه الأعمال الفنية تتطلب منه الكثير من الجهد العقلي والنفسي والجسدي وأيضا المالي... و انطلقت المسيرة الفنية لجامة من خلال انتسابه لورشة الرسم بالجزائر العاصمة عام 1966 , ليغادر بعدها نحو باريس (فرنسا) سنة 1969 التي يقيم بها حاليا حيث شارك في عدة ورشات للرسم منذ سنة 1978 بمدرسة الفنون الجميلة بباريس وهذا لغاية 2014, كما شارك الفنان في العديد من المعارض الفردية والجماعية بالجزائر والعديد من الدول منذ 2008.