تتفاقم الأوضاع المعيشية في المغرب وسط غضب وإستياء يتجلى في صرخات المواطنين المظلومين نتيجة "للسياسات الفاشلة والتجاهل المستمر من جانب الحكومة" لشتى المطالب، حسبما صرحت به نقابات دعت إلى تنظيم إحتجاجات في المملكة. و على هذه الخلفية, قرر المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة تنظيم مسيرة يوم السبت 20 أبريل المقبل بالرباط, إلى جانب اعتصام لأعضائه يصاحبه شكل نضالي تحت عنوان "صرخة المتصرفين" وندوة صحفية لاحقة, بسبب ما أسموه "الظلم الأجري والمهني الذي يشكون منه منذ أكثر من 12 عاما". و وصف المكتب, في بيان له, ما يحصل بأنه "توجه حكومي يعمق الظلم تجاه هيئة المتصرفين عبر الزيادات الأجرية ومراجعات الأنظمة الأساسية لهيئات مهنية متعددة بالوظيفة العمومية دون الاكتراث بمطالب هذه الهيئة بنفس المعاملة ونفس المراجعات". و ذكر المكتب بالوعود الكاذبة و الواهية للجهات المسؤولة, حيث سبق لرئيس الحكومة التأكيد على اقتراب عقد جولات الحوار الاجتماعي. وبعد الاتفاق الذي تم إبرامه بين وزارة الاقتصاد والمالية والنقابات بهذا القطاع حول النظام الأساسي الخاص به, تم الترويج لزيادات عامة محتملة في الأجور واضافة درجة جديدة طبقا لمقتضيات اتفاق 26 أبريل 2011, دون تجسيد ذلك على أرض الواقع. و تشبت الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة, الذي ناضل منذ سنة 2011 وما يزال, من أجل نظام أساسي عادل ومتكامل يضم مجموعة من المطالب والمقتضيات الكفيلة بإنصاف هيئة المتصرفين وجبر الضرر البليغ الذي لحق به. و "قابلت الحكومات المتعاقبة هذه المطالب بالتجاهل واللامبالاة بل بالاستعلاء والإمعان في التأزيم, حتى أن المتصرفات والمتصرفين وصلوا إلى درجة قصوى من الإحباط والإحساس بالحيف والظلم من قبل الحكومة", حسب المصدر. كما قرر الاتحاد الاستمرار في الحملات الترافعية أمام كل القوى الحية من فرق برلمانية وجمعيات حقوقية وهيئات مهنية ونقابات مركزية وقطاعية وفئوية وأحزاب سياسية وتنظيم الأيام الترافعية الحقوقية على مستوى الجهات, وفي الآن نفسه تنظيم حملة مراسلات فردية للمتصرفات والمتصرفين لعدد من الجهات (المركزيات النقابية, الأحزاب السياسية, أعضاء الحكومة) للتعبير عن التمسك بالعدالة الأجرية كمطلب أساسي ونظام أساسي عادل ومنصف والتعبير عن رفضهم لأي اتفاق محتمل يكرس الحيف ضدهم. و لا يقتصر الفساد في المملكة على قطاع واحد بل ينتشر عبر مختلف القطاعات, مما يعكس وجود نظام متشابك يسهل توسعه وتأثيره على جميع جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. فملف المحروقات, وبخاصة التلاعب به, فضيحة مستنكرة تكشف عن الفساد المتفشي بشكل مشين في المغرب, حيث يستغل المسؤولون هذا القطاع لتحقيق ثروات فاحشة على حساب الشعب, ما يعكس انحرافا خطيرا في الأخلاق السياسية والاقتصادية. فبالرغم من صدور قرار مجلس المنافسة الذي عاقب شركات المحروقات على إخلالها بقواعد المنافسة الشريفة والتزام الشركات باحترام القانون, إلا أن الانتقادات لا تزال تطال هذه الشركات بسبب استمرارها في مراكمة الأرباح الفاحشة واستمرار شبهة التواطؤ بينها. و في هذا السياق, انتقد الحسين اليماني, منسق جبهة إنقاذ شركة "سامير",محاولة بعض الخبراء تبرير الأسعار الفاحشة للمحروقات في المغرب وشرعنة المخالفات القانونية في التفاهم حول الأسعار الموحدة للمحروقات. مصفاة "سامير", الشركة المتواجدة بمدينة المحمدية, كانت المصفاة الوحيدة التي يتوفر عليها المغرب لتكرير البترول, وقد توقفت عن الاشتغال بعد تراكم ديونها إلى أكثر من 40 مليار درهم وصدر حكم بتصفيتها عام 2016 دون التمكن من تفويته إلى حد الساعة. من جهة أخرى, و أمام الاهمال الحكومي المتعمد لاحتياجات المواطنين وتقاعسها الفاضح عن تحقيق العدالة وتوفير الخدمات الضرورية و بعد مضي ستة أشهر على الزلزال المدمر الذي شهده المغرب في سبتمبر 2023, ذكرت تقارير أنه لا تزال أوضاع الضحايا محفوفة بالمخاطر, حيث عملية إعادة الإعمار تتم ببطء, خاصة في المناطق النائية. فالعديد من القرى المحيطة بمراكش لا يزال سكانها متأثرين وينامون في ملاجئ مؤقتة, حيث يقضي عشرات الآلاف من الأشخاص الشتاء في البرد والرطوبة. و من كل هذا, يبرز فشل الحكومة بشكل مروع في تلبية احتياجات المواطنين واحتواء الأزمات, وذلك بفعل تماهيها الواضح مع مصالحها الشخصية الضيقة, متجاهلة تماما حاجات ومعاناة الشعب, ما يعكس عدم اكتراث الحكومة بمأساة المواطنين و يعزز من حجم الخيبة والغضب في نفوس الجماهير المتضررة.