يتعرض الاسرى الفلسطينيون لأبشع اساليب التعذيب و التنكيل داخل سجون الاحتلال الصهيوني, ناهيك عن الاخفاء القسري وسط تعتيم شديد حول بياناتهم الشخصية و مصيرهم المجهول. و لم تقتصر أساليب التعذيب على الرجال, بل طالت النساء و الاطفال و حتى المسنين و المرضى و الجرحى, ما ادى الى استشهاد 27 معتقلا داخل سجون الاحتلال دون معرفة هويتهم, و فق ما كشفت عنه مصادر اعلامية. و في حديث لوسائل الاعلام الفلسطينية, قال رئيس نادي الأسير, فارس القدرة, أن سياسة الاحتلال في التعامل اللاإنساني مع المعتقلين تشكل جريمة مكتملة الاركان من حيث طريقة الاعتقال أو أعمال التعذيب و التنكيل التي يتعرض لها المعتقلون لدرجة فقدان الحياة, كما حدث مع الكثيرين ممن استشهدوا داخل المعتقلات الصهيونية, ناهيك عن أولئك الذين تعرضوا لبتر أجزاء من أجسادهم جراء التعذيب والمعاملة الوحشية. و أكد القدرة على أن سلطات الاحتلال قد تحللت من كل الالتزامات المترتبة على الدول و تتصرف كعصابة إجرام, فيما لا يتحرك العالم لردعها ووضع حد للجرائم المرتكبة في حق الاسرى و المعتقلين , ما يفسر استمرارها في ممارسة جريمة الاخفاء القسري. و بالحديث عن الاخفاء القسري, قال القدرة أن قوات الاحتلال تمارس جريمة الإخفاء القسري بحق معتقلي قطاع غزة وترفض تزويد المؤسسات المعنية بالأسرى بأي معلومات حول قضيتهم. و أضاف ان الاحتلال يتعمد إخفاء المعلومات بشأن معتقلي غزة لإعطاء نفسه هامشا أوسع من الوقت للتنكيل بهم وتعذيبهم والتحقيق معهم, في سباق محموم مع الزمن, كونه يمارس سياسة الانتقام من أهالي القطاع. ومنذ بداية العدوان, عمل الاحتلال على إخفاء معتقلي غزة قسريا في معسكرات للجيش, ناهيك عن تعديله الأوامر العسكرية والقوانين بما يخدم اعتقال أكبر عدد من الفلسطينيين لفترات طويلة دون اتخاذ أي إجراء قانوني بحقهم. وحول إمكانية الحصول على أي معلومات بشأن أعداد المعتقلين وأوضاعهم داخل السجون, قال ذات المسؤول : "حاولنا منذ بداية العدوان الحصول على تلك المعلومات, إلا أن كل محاولاتنا لم تفلح في تحقيق أي اختراق على هذا الصعيد". ويبلغ عدد الأسرى الذين استشهدوا داخل السجون خلال العدوان ممن عرفت أسماؤهم 18 أسيرا, بينهم ستة غزيين, في حين كشف الاعلام الصهيوني مؤخرا عن 27 شهيدا من غزة لم تعرف هوياتهم بعد, لكن تقديرات نادي الأسير تشير إلى أن العدد يفوق ذلك, وفق فارس القدرة. ووصف الوضع داخل السجون بأنه صعب ومأساوي جدا, إذ يتم ارتكاب أبشع الجرائم بحق المعتقلين, مطالبا بتكثيف كل وسائل الضغط على الاحتلال لوقف الجرائم بحق الأسرى, بما فيها جريمة الاخفاء القسري. من جهته, قال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان, رامي عبده, أن جيش الاحتلال ارتكب جرائم الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والحرمان من المحاكمة العادلة على نطاق واسع ومنهجي ضد الأسرى والمعتقلين, واستخدم وسائل متعددة من التعذيب الجسدي والنفسي العنيفة بحقهم, بما في ذلك جرائم القتل العمد والحرمان من الرعاية الطبية. وأشار إلى أن المرصد وثق 39 نمطا مختلفا من أشكال التعذيب تعرض لها المعتقلون لنزع الاعترافات منهم تحت الإكراه أو للانتقام منهم أو لمعاقبتهم, كونهم فلسطينيون من قطاع غزة. ووفقا لشهادات عدد من الأسرى والمعتقلين- يضيف عبده- فإنهم تعرضوا للاحتجاز والتمديد دون عرضهم على الجهات المختصة أو أي من الإجراءات القانونية الواجبة, وكانوا يحتجزون ويعذبون في منشآت احتجاز سرية أو غير رسمية, وتحديدا في منشآت أو قواعد عسكرية للجيش قرب حدود غزة, على نحو يخالف التشريعات الدولية ذات العلاقة. ومن ناحية قانونية, يرى عبده أن ممارسة جريمة الإخفاء القسري وكل الاعتداءات الوحشية ضد المعتقلين والمعتقلات وتعمد إلحاق الألم والمعاناة الشديدة لديهم, إلى حد ارتكاب جرائم التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية, بحسب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وطالب عبده بالضغط على سلطات الاحتلال للتوقف فورا عن ارتكاب جريمة الإخفاء القسري ضد الأسرى الغزيين والكشف الفوري عن مصيرهم و كذا الإفصاح عن أسمائهم وأماكن وجودهم وتحمل مسؤولياتها كاملةً تجاه حياتهم وسلامتهم والتوقف الفوري عن ارتكاب جرائم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية الحاطة بالكرامة الإنسانية. ودعا اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى تحمل مسؤولياتها والتحقق من أوضاع المعتقلين في سجون الاحتلال وظروف احتجازهم والبحث عن المفقودين والمخفيين قسرا والمساهمة في الكشف عن مصيرهم.