لا زال الاحتقان سيد الموقف بالقطاع الصحي في المغرب, حيث يواصل المهنيون سلسلة الإضرابات التي شرعوا فيها منذ عدة أسابيع, بسبب ما يصفونه بتنكر الحكومة لمطالبهم "العادلة والمشروعة" وانتهاجها لسياسة الآذان الصماء. وأكد التنسيق النقابي لقطاع الصحة في المغرب - المكون من ثماني نقابات صحية - في آخر بيان تصعيدي, استمراره في الإضراب لمدة 3 أيام كل أسبوع, وتنظم وقفات احتجاجية إقليمية وجهوية, ومقاطعة تقارير البرامج الصحية وكل الاجتماعات وتنظيم مسيرة حاشدة بالرباط, لم يتم الاعلان عن تاريخ تنظيمها بعد. ومن المقرر أن يخوض مهنيو الصحة إضرابا لثلاثة أيام متتالية, بدءا من يوم غد الثلاثاء, يستثني أقسام الاستعجالات والإنعاش, مع تنظيم وقفات احتجاجية ترفع خلالها شعار الحفاظ على الحقوق والمكتسبات وعلى رأسها صفة الموظف العمومي وتنزيل كل الاتفاقات الموقعة بين النقابات والوزارة الوصية والاستجابة لمطالب مختلف فئات القطاع, فضلا عن الاستمرار في مقاطعة تقارير البرامج الصحية والحملات وكل الاجتماعات مع الإدارة. واعتبرت النقابات أن "انفصام الخطاب الحكومي تجاه صحة المواطنين, ما بين الشعار والممارسة, بافتعال نزاع اجتماعي لا مبرر له, سيكون ضحيته المواطن والمهني على حد سواء, بحيث أصبحوا رهينة في صراع افتعلته وأججته الحكومة بصمتها المريب وتجاهلها غير المفهوم". وفي هذا السياق, وجه فريق "التقدم والاشتراكية" بمجلس النواب سؤالا كتابيا لرئيس الحكومة المغربية, عزيز أخنوش انتقد فيه التنكر للمطالب "العادلة والمشروعة" لعمال قطاع الصحة والتملص من تنفيذ مخرجات الحوار الاجتماعي القطاعي والاتفاقات الموقعة منذ عدة أشهر مع جميع النقابات التي تمثل مهنيي الصحة, بحضور القطاعات الحكومية المعنية, وهي الاتفاقات التي استغرق التوصل إليها جهدا كبيرا وزمنا طويلا من الحوار والمفاوضات. وأشار الفريق إلى أن "هذا التنكر الحكومي هو الذي أفضى اليوم إلى احتقان يتصاعد بقطاع الصحة, بصورة تذكر بسوء تدبير الحكومة وارتباكها في التعاطي مع ملف نساء ورجال التعليم". ونبه "التقدم والاشتراكية" إلى أن التعنت الحكومي, "جعل المواطنين أمام وضعية مقلقة من حيث ما يتعرضون له, وما سيتعرضون له من حرمان من معظم الخدمات الصحية, بعد أن اضطرت نقابات القطاع الصحي إلى الاتجاه نحو خوض سلسلة من الخطوات النضالية المشروعة, في شكل إضرابات متتالية, من أجل تذكير الحكومة بالاتفاقات المبرمة مع الحكومة ودفعها إلى الوفاء بها". وقال أن "الإنجاح الفعلي لإصلاح منظومة الصحة الوطنية وتحقيق هدف التعميم الفعلي للحق في الخدمات الصحية يظلان رهينين بمدى التزام الحكومة بالارتقاء بالأوضاع المهنية والاجتماعية والمادية والاعتبارية لكافة نساء ورجال قطاع الصحة العمومية على اختلاف فئاتهم ومهامهم ووظائفهم". وأكد أنه "من دون الاهتمام الكافي بأوضاع عمال الصحة سيبقى إصلاح الصحة, الذي هو موضوع استراتيجي بالنسبة لحاضر ومستقبل البلاد, مجرد حبر على ورق". ودعا الفريق, أخنوش إلى "اتخاذ القرارات اللازمة من أجل نزع فتيل التوتر والاحتقان في قطاع الصحة العمومية, وكذا تنفيذ ما اتفقت عليه الحكومة ووقعت عليه مع ممثلي عمال الصحة". وتواصل النقابات في تسطير برامج احتجاجية تصعيدية بسبب تخلف الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها ووعودها بالاستجابة لمطالب عمل القطاع. يشار الى أن قطاع الصحة في المغرب يعيش حالة من الاحتقان الناجم عن عدم اقتناع المستخدمين بالعرض الحكومي الذي قدمه وزير الصحة للنقابات خلال جلسات الحوار القطاعي, ما أثار تذمر مهني القطاع أمام تنصل الجهات المسؤولة من التزاماتها و مسؤولياتها و انغماسها في خدمة أجندتها الشخصية دون إيلاء الاهتمام لتدمر الشارع و الاحتجاجات المستمرة.