عرضت ليلة يوم الاثنين بالجزائر العاصمة, مسرحية "راس المحنة" من إنتاج مسرح العلمة الجهوي, في إطار المهرجان الوطني للمسرح المحترف, وهي عمل يمثل علاقة الفن بالحياة وقيمة الإنسان في دفاعه عن مبادئه وقيم مجتمعه. واحتضن المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي, في إطار المنافسة الرسمية للطبعة السابعة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف, مسرحية "رأس المحنة" التي أخرجها وألفها محمد طيب دهيمي واقترب من خلالها إلى عالم الإبداع والتشكيل الفني وكيف يؤثر الفن في شخصية الفرد ويجعل منه كائنا صافيا وصادقا مع مجتمعه مدافعا عن قيمه ومبادئه ضد قوى الشر التي تحاول أن تسلب منه حريته وكرامته. وتروي المسرحية قصة "عادل" فنان تشكيلي شاب شغوف بالإبداع داخل ورشته يفكر في مواضيع متنوعة, يصطدم في يوم من الأيام بطلب "لزرق" رجل متسلط يطالبه برسم بوتريه لتجميل صورته أمام أبنائه وإخفاء جرائمه ضد الأبرياء والبسطاء, وفي المقابل يتلقى عرضا من قبل أفراد من شعبه للانضمام إلى انتفاضتهم ضد الظلم ويطلبون منه نحت تمثال لأحد الأبطال المقاومين. ويدخل "عادل" في صراع بين قوى الفضيلة و الخير و قوى الشر التي تحاول أن تمنعه من استخراج القيم النظيفة خدمة لمجتمعه ومساهمته في حماية أرضه وشعبه, لتتصاعد أحداث المسرحية بدخول شخصيات جديدة مثل "منيرة" و "حدة" وآخرين تضاعفت مشاعر الارتباط والخوف والتأرجح بين العاطفة المؤجلة في زمن الحرب وبين الضمير الحاضر في الأوقات العسيرة. اعتمد المخرج دهيمي على مجموعة شابة من الممثلين وهم بن سهيلة محمد امين, دهيمي نجمة, قسيمي محمد راسم, بوصفصاف لطفي, عمران رابح, سارة بوزيد وكاملة وسام شهرزاد, وهم في غالبيتهم من الطاقات التمثيلية الشابة حديثة العهد بالتمثيل حيث راهن على انسجامهم فوق الخشبة محاولا أن يمنحهم فرصة الاشتغال على نص ثقيل في المعنى والخطاب. واتضحت تفاصيل المسرحية في وعي الشخصيات بدورها و تنازعها المواقع المجتمعية وصراعها فيما بينها, رغم تغلب النص المحكي على الحركة إلا أن الشخصيات حاولت كشف الحقيقة و دحض الزيف الذي يحجب رؤية الواقع. كما حاولت سينوغرافيا رمزي باجي, تشكيل السياق الزمني والمكاني للمسرحية التي دارت أحداثها تقريبا في مكان واحد, وهو بيت "عادل" أو حوله فاختار رمزية الجدران التي كانت عبارة عن خلفية لوحة تشكيلية تظهر تفاصيلها غير مكتملة بحيث تتحول إلى فضاء حسي يجسد الصراع الداخلي والخارجي وذلك بالاستعانة بإضاءة مناسبة لتأثيث الخشبة.