أظهر العرض الإنشادي الذي أداه المنشد التركي أندريه دوجان سهرة الثلاثاء إلى الأربعاء في إطار المهرجان الدولي للإنشاد بقسنطينة نوعية الفن الذي يمكن أن يصله النشيد الصوفي العربي-الإسلامي. فبعد المغني التونسي لطفي بوشناق والسوري منصور زعيتر و المغربي رشيد غلام ظهر دوجان وهو يترنم من العربية إلى التركية والعكس بالعكس و كأنه "متقن" حقيقي لكلتا اللغتين مبرهنا أنه مطرب كبير من أعظم كبار مؤديي الطرب العربي الذين طبعوا تاريخ الموسيقى في هذا الجزء من العالم. وهم يستمتعون بالصوت الدافئ صفق الحاضرون مطولا لخمسة موسقيين شكلوا الأركسترا ولا سيما عازف القانون الذي رافق أيضا فرقة المغربي رشيد غلام في الحفل. وتم عرض العزف المنفرد لموسيقار هذه الآلة السامية والتي أصبحت اليوم مهددة بالزوال في الجزائر حيث ألهب القاعة مما زاد الجمهور حرارة فصفق و هتف له بشدة. وخلافا للمغني التونسي لطفي بوشناق الذي اكتفى على أن يكون برفقة عازفين على آلتي القانون و الكمان في الأركسترا الخاصة به أثناء العرض الافتتاحي فإن المغنيين دوجان و رشيد غلام اللذين تعاقبا قبله قد فسحا مجالا أكبر لأداء الفرقة الموسيقية. كما ظهر هذان الفنانان بتناغم كبير و بحس غنائي جميل لأن الفنان التركي قد خص الفنان غلام بأغنيته الأخيرة قبل أن يدعوه على المسرح لمشاركته في ثنائي "عربي تركي" كان في منتهى التناغم حيث أديا مع أقدم نشيد إسلامي "طلع البدر علينا" وعرجا هكذا بصوتيهما على أقدم الأناشيد الدينية التي عرفتها أرض الإسلام. وجدد كل من دوجان و رشيد غلام اللذين حظيا بحب الجمهور روح هذا المديح وأظهرا بطريقة رائعة درجة اندماجه في تقاليد موسيقى الشعوب المسلمة غير العربية. وأكد أعضاء المجموعات الصوتية الجزائرية ل/وأج و هم يتعاقبون على الظهور أمام الجمهور على خشبة المسرح بأنهم لا يعارضون فكرة إدخال آلات موسيقية ضمن الأركسترا الخاصة بهم وإنما عدم استعمالها راجع لنقص الإمكانيات. وقال في هذا السياق قائد فرقة "آفاق" لعنابة "نأمل محو الفكرة التي تظهر المنشد بصورة شخص منغلق ومنطوي على نفسه ويرفض التجديد والتفاعل مع الجمهور". وأشار أن "المنشد أولا وقبل كل شيء هو فنان اختار أن يسخر صوته وفنه من أجل الكلمة الطيبة العميقة و البيداغوجية الهادفة". وقال أعضاء فرقة "آفاق" لعنابة الذين افتتحوا السهرة ل وأج "واذ نحن نرحب بتنظيم المهرجانات فإننا بالمقابل في حاجة أكثر إلى دعم في مجال التكوين وإتاحة الفرصة للقاءات منتظمة و دورية و كذا توفير وسائل عمل". والتقى منشدون و شعراء اقبل ذلك فيما بينهم بصالون المسرح بحضور عميد الأساتذة السوريين محمد الأمين الترميدي و فنانين شبان مثل عبد الرحمان بوحبيلة و ناصر ميروح و عبد الجليل عكروف و يوسف سلطان عبروا كلهم عن سعادتهم بأداء مقامات أمام "شيخ الشيوخ" الترميدي.