اجمع المتدخلون يوم الاثنين في جلسة علنية خصصها مجلس الامة لمناقشة بيان السياسة العامة للحكومة التي عرضها يوم الاحد الوزير الاول على الاهمية البالغة التي تقتضيها عملية التكفل الفعلي والفعال بمختلف فئات الشباب. وأكدت جل مداخلات أعضاء مجلس الامة على اختلاف تياراتهم السياسية على الجهود المعتبرة التي تبذلها الدولة في مجال محاربة البطالة خاصة بين صفوف مختلف فئات الشباب الذي هو مستقبل البلاد . وفي هذا السياق قال عضو مجلس الامة مختار سي يوسف عن حزب جبهة التحرير الوطني أن الارقام المقدمة في بيان السياسة العامة للحكومة هي حقائق "لايجوز التنكر لها الا أن مزيدا من الجهود مطلوب تجاه فئات الشباب". وأضاف أن ما تحقق خلال السنوات الاخيرة من استقطاب لليد العاملة "يؤكد جهد الدولة وسعيها الدائم لمحاربة البطالة التي تفشت بشكل كبير بين الشباب خاصة من خريجي الجامعات. غير أنه أشار الى أن هذه الاجراءات ومهما كانت لن تكون الا مؤقتة وأن الحل الوحيد لمشكل البطالة "لن يكون الا اقتصاديا ويكمن في تحقيق لنمو الاقتصادي والخدماتي". نفس الاهتمام بالشباب ابدته لويزة شاشوة التي بعد تنويهها بالانجازات التي عرفها قطاعا التعليم العالي والتكوين دعت الى توفير مناصب شغل دائمة لخريجي الجامعات. وأكدت أن عدم حصول هؤلاء على عمل بسهولة يدفعهم في غالب الاحيان الى الهجرة الى الخارج وهو المشكل الذي يعترض الجزائر بشدة داعية في نفس الوقت الى اتخاذ الاجراءات الضرورية لتثمين الكفاءات وتأطيرها وتأهيلها قصد الاستجابة للحاجيات الوطنية في مجال الاطارات والكفاءات . أما زهرة ظريف بيطاط فقد تساءلت عما تم تحقيقه بالفعل لفائدة الشباب الجزائري من اجل تمكينه من مواجهة هذا العصر وهل حضر لرفع التحديات والعيش اللائق في بلاده . وشددت في هذا الشان على أهمية الاهتمام بالنوعية والتنافسية في التعليم والتكوين الممنوحين للشباب في مختلف الاطوار التعليمية والتكوينية . وتساءلت بالمناسبة قائلة :" هل المنظومة التكوينية قادرة على تمكين عمالنا واطاراتنا في مختلف المجالات من مجابهة المنافسة الشريفة داخل وخارج البلاد ومتى يكون الاهتمام بالنوعية بعد ان كان هذا الاهتمام موجها للكمية . وكانت ظاهرة الهجرة غير الشرعية(الحراقة) من جانب اخر محور تدخل بيطاط التي ذكرت بخطورتها وتفشيها اكثر بين الشباب والشابات وحتى المتخرجين منهم من الجامعات . وهنا خاطبت عضو مجلس الأمة الوزير الاول حول ما تنوي الحكومة القيام به لوضع حد نهائي للظاهرة في اقرب الاجال وفي سبيل اعادة بعث الامل بين الشباب. وفي نفس الموضوع دائما شددت المتدخلة على أهمية دعم افتخار الشباب الجزائري بوطنه عن طريق تعريفه بتاريخه المجيد عبر العصور وتصحيح اخطاء الماضي . ودعت بالمناسبة والجزائر تستعد لاحياء الذكرى ال50 لاسترجاع السيادة الوطنية الى تنصيب لجنة وطنية على اعلى مستوى تخصص لها كل الامكانيات وتوكل اليها مهمة التحضير الجيد للاحتفال بهذه الذكرى العزيزة. كما عبرت بيطاط في مقام آخر عن "تخوفها" مما تتعرض اليه منطقة الساحل الصحراوي وما "تخططه بعض الدول فيها مستقبلا" قائلة بأن الجزائريين "في حاجة الى أن يطمأنوا على بلادهم حاضرا ومستقبلا". وفي ما يتعلق بمجالات التربية والتعليم العالي والتكوين فقد كان هناك "اجماع" من المتدخلين بضرورة اتخاذ المزيد من تدابير الاصلاح والتكفل المنهجي بالبرامج واعطاء الأهمية للتاريخ والهوية والثقافة الوطنية. كما دعا اعضاء مجلس الامة الى الاستمرار في برامج التكوين وتحسين المستوى في كل الميادين بما في ذلك التعليم العالي الذي "ينبغي اصلاحه حتى يصبح مطابقا للمعايير الدولية والعصرنة" كما ابرزوا أهمية دعم البحث العلمي خاصة ذي الصلة بالتنمية. وبخصوص مكافحة الفساد أكدت المداخلات على خطورة هذه الظاهرة "التي أضحت من أخطر المشكلات التي تعيق التنمية المستدامة"مما يستدعي كما جاء على لسان النائب مختار سي يوسف" تجنيد كل الطاقات لمحاربتها". وأكد النواب على غرار لزهاري بوزيد ضرورة "اعتماد الشفافية والرقابة في صرف الاموال العمومية" التي وصفوها ب"المسؤولية الكبيرة" تجاه الاجيال القادمة. وبخصوص هذه النقطة تم التأكيد على ان الشفافية ومحاربة الفساد من الامور الاساسية للحفاظ على الثروة منوهين في هذا الصدد بما اتخذنه الحكومة من اجراءات وتدابير لمحاربة هذه الظاهرة . وقد حظي الجانب الصحي في بيان السياسة العامة للحكومة باهتمام اعضاء مجلس الأمة حيث أكدوا على ضرورة توفير الوسائل والتجهيزات وكذا الأطباء الأخصائيين في المستشفيات الواقعة في الولايات الداخلية وولايات الجنوب. و أثاروا في ذات الصدد مشكل النقص الفادح في الأطباء الإخصائيين في ولايات الجنوب و كذا انعدام بعض الإختصاصات الحساسة بها. و على الصعيد الأمني ثمنت المداخلات عودة الأمن و استتبابه عبر الوطن وتحسن الوضع العام مرجعين ذلك الى ايجابيات المصالحة الوطنية. وفي هذا الاطار دعا كمال بوناح عن حزب جبهة التحرير الوطني الى التكفل التام بمخلفات المأساة الوطنية. ولم تغفل مداخلات اعضاء المجلس في اليوم الثاني من مناقشة بيان السياسة العامة للحكومة المجال السياحي حيث اكدت مختلف المداخلات على ضرورة الاهتمام بالسياحة بالنظر لما تتوفر عليه الجزائر من امكانيات وطاقات تضاهي ما تزخر به البلدان المجاورة . وفي هذا المقام دعا النائب نور الدين ديب الى انجاز المزيد من المشاريع السياحية خاصة في بعض الولايات الساحلية مما سيكون له انعكاسه الايجابي على التنمية الدائمة في الجزائر ولما يدره هذا القطاع من اموال. و عموما فان اغلب اعضاء مجلس الامة قد اكدوا على ان ما جاء في بيان السياسة العامة للحكومة ما هو الا تكريس لمبادئ الديمقراطية وان ما تحقق من انجازات خير دليل على التطور الذي عرفته الجزائر خلال السنوات الاخيرة. واستدلوا في هذا المقام بالمشاريع المنجزة في مختلف القطاعات والتي أعطت ثمارها خلال السنوات الاخيرة في مختلف الميادين.