قضيت أكثر من أسبوع منقطعًا عن الأخبار، لا أقرأ صحيفة ولا أستمع لإذاعة ولا أشاهد تلفازا، واجتنبت شابكة الانترنت إلا لمامًا، وكنت أتجنب الأخبار ولا أقرب منها عمدًا، ولعل أمتع ما في الأمر أن خط هاتفي كان مغلقًا لا يرسل ولا يستقبل، تحبون أن تعرفوا ما (...)
لابد أن نعترف بخطأ وقعنا فيه جميعًا، هذا الخطأ يمكن وصفه بداء بعد النظر، فإذا كنا في أغلب الأحيان نعيب على غيرنا، ونصفه بأنه مصاب بقصر النظر، فقلما نتحدث عن داء بعد النظر، وإن كان أطباء العينين يعرفون الداءين، ويحاولون علاجهما على أنهما جمعيا من (...)
قرأت في الصحافة خبرا طريفا، ملخصه أن سيدة مغربية ولدت أرنبًا، ولأني قرأت الخبر من عنوانه، ظننت أن ناقل الخبر ربما قص علينا حكاية معاشرة بين خُزَزُ أي ذكر الأرنب وهذه السيدة، وهو ما أصبح شائعا بين بعض النساء الغربيات من معاشرة الحيوان، وطبعا فالحمل (...)
منذ سنوات تخامرني رغبة ملحة في زيارة مدينة تمنراست، وتحيا في نفسي هذه الرغبة كلما نظرت في خريطة الجزائر، فلقد تيسر لي أن أزور مدنا في أقصى غرب البلاد وأخرى في أقصى شرقها، ورأيت أغلب مدن الشمال، لكن تمنراست بقيت عصية لم يتيسر لي زيارتها إلا في (...)
كنت تلميذا في بداية المرحلة الثانوية، يوم أن صدر كتاب: "خريف الغضب" للصحافي المصري الكبير محمد حسنين هيكل، وفي تلك السنوات كنت أقضي ساعات طويلة بين المكتبات، أقتنص الكتب، وربما كان يدور في خلدي أن لو أتيت من القوة ما أستطيع به أن أقرأ كل الكتب...
لم (...)
أتى على الأمة الإسلامية حين من الدهر، تراجع فيها توهج العقل، وانطفأت فيها فعالية الفكر، وانحسر مد العلماء ومدادهم وكثر الأدعياء المتعالمين، الأمر الذي ما زلنا نشهد آثاره إلى اليوم، حيث كثرت الألقاب الخاوية من أي محتوى، كلقب الدكتور والأستاذ الدكتور (...)
يبدو أن صحافيًا استهل حوارا أجراه مع الوزير الأول الأسبق عبد الحمدي ابراهيمي بعبارة: مرحبا بك عبد الحميد ابراهيمي في الجزائر؛ والظاهر أن هذه العبارة لم تمض بسلام على غربال الكاتب الصديق إبراهيم قار علي، فكتب على واجهة جداره في شبكة التواصل الاجتماعي (...)
كلمة التطور من الكلمات البراقة في التاريخ المعاصر، وعمل علماء وفلاسفة القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين على جعلها كذلك. وعلى الرغم من أن كلمة "التطور" لغة تعني الانتقال من طور إلى طور، أو التقدم من حال إلى حال، بغض النظر إن كان التطور أو التقدم (...)
في الثلاثينيات من القرن الماضي، ظهرت حركة كبيرة في مصر أو ثم في بقية البلدان العربية، حركة تعمل على إحياء اللغة العربية، ونشرها وتحبيبها للناس وجعلها حاملا لصدى الحياة العامة، بعد قرون من الجمود، والاستغراق في البديع والسجع، ظهر شوقي وحافظ في الشعر (...)
يشيع في تعبير الصحافيين عبارة (نشر الغسيل)، فتجدهم يقولون إن فلانا قام بنشر غسيل فلان أو المؤسسة الفلانية، ويقصدون بها مجازا العبارة أنه أخرج أسرارها أو ما كان مستترا عن الناس.
والحقيقة أن العبارة بهذه الصيغة خاطئة ولا تفي بالغرض، فالأصل غير المجازي (...)
ظهر في تاريخ العربيّة رجل عبقري، يسمى سيبويه، وهي كلمة فارسية مركبة تعني رائحة التفاح، واشتهر بكتابه العظيم (الكتاب) الذي جمع فيه علم شيخه الخليل بن احمد الفراهيدي، ويذكر أنه توفي شابا لم يبلغ الأربعين، وطارت شهرة كتابه في الآفاق، وتحدث حاسدوه بأنه (...)
آثر الدكتور أحمد طالب الابراهيمي أن يقسم مذكراته التي أخرجها إلى الناس أجزاءً ثلاثة، خص الجزء الثاني منها بالسنوات الثلاث عشر التي قضاها إلى جانب الرئيس هواري بومدين، رحمه الله، وكذلك صنع في الجزء الثالث الذي خصه بالسنوات التي عمل فيها مع الرئيس (...)
كان القدامى إذا أرادوا أن يدمغوا أديبًا بتهمة أو يسخروا منه بقول، يقولون عنه: أدركته حرفة الأدب، وفي هذه المقولة تعريض بأن الرجل حلت به لعنة أو أصيب بعته في مداركه العقلية أو مسه طيف من جنون، وقد يفهم من ايراد هذا القول الكناية عن ضيق الحال واليد (...)
تحرص الرواية البريطانية (آغاتا كرستي) في حل عقدة رواياتها البوليسية على اثارة السؤال التقليدي: من المستفيد من الجريمة؟ فالجريمة سواء تعرض لها فرد بعينه أو جماعة من الناس لا بد وأن يقف وراءها دوافع، والأكيد أن المجرم يلجأ إلى كل طرق التمويه والتعمية (...)
قديمًا أعاب شاعر على امرأة عجوز مبالغتها في طلب الزينة، والإسراف في اقتناء ما يرمم تجاعيد الوجه، وأخاديد الجلد، وكانت تروح عند العطارين، والعطار قديمًا هو بمثابة الصيدلي في زماننا هذا، فقال لها الشاعر مخاطبًا:
عجوزٌ تُرجّى أنْ تَكونَ فَتيَّةً -- وَ (...)
نقل إلينا الشيخ مصطفى عبد الرازق، في كتابه "مذكرات مسافر" بعض ما وقف عليه من مشاهدات أيام إقامته في مطلع القرن الماضي في مدينة ليون الفرنسية، وكان الشيخ قد أقام بهده المدينة بين سنتي (1909-1914)، حيث كان طالبًا هناك، و الشيخ مصطفى هو الشقيق الأكبر (...)
في يوم 27 أكتوبر سنة 2001، أعلن (ستيف هامب)، مدير متحف (هنري فورد)، في مدينة (ديربورن) في (مشيجان) الأمريكية عن شراء حافلة ركاب قديمة ومهترئة من موديل الأربعينات بمبلغ 492 ألف دولار أمريكي.
ولم يكن مدير المتحف ليدفع هذا الثمن المرتفع لولا أن لهذه (...)
كثير من الناس يظن أن ما يدور في ساحتنا الثقافية والإعلامية جديد طارئ، وهم معذورون في ذلك لأن أخطر ما أصابنا على امتداد القرون الأخيرة هو داء "فقد الذاكرة" الثقافية، وهي حالة تشبه داء "السيدا اجتماعي"، لأن أخطر ما في أمر فقدان المناعة المكتسبة من (...)
هممت أن أجعل لهذه الكلمات عنوانا آخر، هو »صخرة سيزيف«، ثم عدلت عن العنوان لسببين، أولهما أني قد أجد نفسي مجبرا على سرد قصة »سيزيف« بتفاصيلها في الأساطير الإغريقية، واللعنة التي حلت به في دحرجة الصخرة من أسفل جبل إلى أعلاه، ورجوعها في كل مرة إلى (...)
روى الدكتور محي الدين عميمور في كتابه »التجربة والجذور« قصة أحب أن أقف على ما فيها من دلالات، والدكتور عميمور الذي بدأ مسارا طويلا في رئاسة الجمهورية في زمن الرئيس بومدين، مديرا لمكتب الإعلام ثم مستشارا للرئيس، رصد في أكثر ما كتب مواقف جمعته بالرئيس (...)
حينما قرأت تصريح الرئيس الفرنسي السابق (نيقولا ساركوزي) في تونس، لا أعرف لمَ جمحت بي الذاكرة لاستحضار مذكرات وزير الخارجية الفرنسي الأسبق (رولان ديما)، تلك المذكرات التي نشرها سنة 2011، واختار لها عنوانا مثيرا، يكشف عن شخصية صاحبها، اما العنوان فهو (...)
يكتبه: محمد قماري ترددت كثيرا في وضع هذا العنوان، ومرد ترددي هو مصطلح »التطبيع«، هذا المصطلح الوافد على اللّغة العربية، وما لهذا السبب كان ترددي في قبول إثباته من عدمه، فحياة اللّغات متعلق بقدرتها على قبول الوافد من اللّغات والثقافات الأخرى وتطويعه، (...)
لو كان لنا أن نختزل الحديث عن قيمة ثورة نوفمبر، فلن يسعنا إلا وصفها بلحظة )انبعاث(، وهذا الوصف هو الذي اختاره لها البيان الأول الذي رافق انطلاقتها، فالهدف من إعلان الثورة، كان )إعادة بعث دولة جزائرية ديمقراطية واجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية(، (...)
كان الأمير الحسن بن طلال، شقيق ملك الأردن السابق الراحل، وولي عهده، يضع على مكتبه لوحة رخامية، نقش عليها بيت شعر، والبيت الشعري يقول:
ونصف الناس أعداء لمن حكمهم هذا إن عدل
تذكرت الأمير الحسن، وتذكرت معه بيت الشعر هذا، وأنا استعرض بعض المواقف التي (...)
سامحوني أيها القراء، فأنا اليوم عاجز عن الكتابة، وكدت أن أكلم مسؤول التحرير لأعتذر لديه عن إخلاف الموعد هذا الأسبوع، فهذه من المرات القليلة التي يعتريني فيها داء الشعور بخلاء الذهن، فلا أعرف في ما أكتب، ولذلك اطلب منكم أن تسامحوني إذا لم يعجبكم ما (...)