تنفرد، ''الجزائر نيوز''، بنشر وثيقتين سريتين وتصريحات تظهر لأول مرة في الصحافة الجزائرية، تتعرض لأهم حقبة في تاريخ الجزائر المستقلة وأهم رجالاتها ·· الوثيقتان والتصريحات تؤكد أن الرئيس أحمد بن بلة، لم يكن بطلا جزائريا كما تدعي كتب التاريخ الرسمية، بل كان عميلا لديغول والسلطات الفرنسية بعد الإستقلال، وذلك لثبوت انصياعه لجنرال الجمهورية الخامسة من خلال اتفاق سري بينه وبين ديغول يسمح بالتفجيرات النووية في الجزائر، مخفيا ذلك عن كل المسؤولين الجزائريين، كما منح بن بلة الجنسية الجزائرية لأرفي بورج الذي شَغَّله معه في ديوانه، وهو مكلف بمهمة المحافظة على مصالح فرنسا السياسية والاقتصادية في الجزائر من وراء ستاره، كما كان هذا الأخير وبن بلة مهندسا تهريب 100 حركي نحو فرنسا· أحمد بن بلة، رئيس أول حكومة جزائرية بعد الاستقلال، وأول رئيس للبلاد بعد إقرار أول دستور للدولة الجزائرية المستقلة، وهو في نظر الكثيرين من السياسيين وغير السياسيين في الجزائر وخارجها، بطل من أبطال العرب والجزائر، لكن عندما تفيض سرائر بعض ممن عايشوا هؤلاء الأبطال ويتحدثون عن خلافاتهم تطفو إلى السطح أسرار كبيرة بعضها خطير ·· وخطير جدا، يصبح فيه لقب البطل محل جدل ·· التفجيرات النووية الفرنسية بعد استقلال الجزائر ·· تحايل فرنسي أم خدعة جزائرية؟ تؤكد، العديد من الوجوه التي لها علاقة بتاريخ الجزائر، أن التجارب النووية التي أجرتها القوات العسكرية الفرنسية في الجزائر بعد عام 1962، وهو تاريخ استقلالها، مرتبط بمضمون اتفاقيات إيفيان، وأن التجارب التي اُتفق عليها، هي تجارب علمية وليست عسكرية، حيث لا تذكر نصوص الإتفاقية نوع تلك التجارب· ومن بين أنصار هذا الطرح في الجزائر، عبد المجيد شيخي مدير عام أرشيف الجزائر وأحد أهم أعضاء فوج العمل الجزائري الذي يتعاون مع فرنسا حاليا لتمكين الجزائر من بعض ذلك الأرشيف الذي يقبع في باريس· ويقول شيخي الذي يؤكد أن مصالحه تربط علاقات جيدة مع هيئة أرشيف فرنسا، في تصريح على هامش الندوة التاريخية الثانية لآثار التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية، أن ''اتفاقيات إيفيان لم تتضمن أيضا أي اتفاق سري حول التجارب النووية بعد الاستقلال، وأنه لا ينبغي أن نوجه أصابع الإتهام للمسؤولين الجزائريين في وقت ينبغي أن نركز كل جهودنا ضد فرنسا لاسترداد حقوقنا''· ولما سئل شيخي عن الجهة الجزائرية المسؤولة التي سمحت لفرنسا بتلك التجارب في تلك الفترة قال بالحرف الواحد ''الإتفاقيات كانت على أساس أن التجارب علمية، لكن فيما بعد تم اكتشاف أنها عسكرية، وأرفض الخوض في الحديث عن الجهة الجزائرية المسؤولة''· إن ما ينبغي الإشارة إليه في هذا الباب هو أنه حسب إحصائيات الندوة الأخيرة، فإن التجارب والتفجيرات النووية التي قامت بها القوات العسكرية الفرنسية بعد الاستقلال كانت أكثر من 35 عملية ووصل فيها الحجم الإجمالي لكمية المتفجرات النووية إلى 500 طن، أي ما يفوق إجمالي ما تم استعماله خلال فترة الاستعمار بين 57 و,62 بعشرات الأضعاف، وبقي السؤال المحيّر حول الجهة الجزائرية التي سمحت بذلك دون أي إجابة ·· وزير العدل في أول حكومة جزائرية بعد الاستقلال عمار بن تومي له ما يقول في هذا الصدد ''كنت أقرب الأشخاص إلى سعد دحلب الذي كان مقررا لوفد الجزائر في المفاوضات التي كان يرأسها كريم بلقاسم· فقد كنت نائبا لدحلب في نهاية الأربعينيات في اللجنة التي أنشأناها والخاصة بمساندة ضحايا القمع الفرنسي، وكان هذا الأخير يطلعني على كل صغيرة وكبيرة بحكم العلاقة النضالية التي جمعتنا منذ فترة ليست بالقصيرة، ولو كانت هناك اتفاقات سرية لكنت علمت بها''· ولا يخفي عمار بن تومي سرا خطيرا إذ يكشف أن الإتفاقات كانت بين رجلين، الأول جزائري إسمه أحمد بن بلة، والثاني فرنسي إسمه الجنرال ديغول ''وقد أخذ الإتفاق شكلا سريا دون أن يعلم أحد في الحكومة''· ويذهب عمار بن تومي أول وزير عدل في الجزائر الحرة، إلى حد القول ''لقد زكى ودعم ديغول، أحمد بن بلة كثيرا على رأس الجزائر وكان دوما قريبا منه ومن فرنسا، فلا يخفى على أحد أن مكانة بن بلة عند السلطات الاستعمارية صنعها بتضحياته لها خلال الحرب العالمية الثانية ضد النازية حيث منحه المرشال جوان وساما حربيا، ومعروف عنه أن فرنسا تعترف له بأربع عمليات عسكرية قادها بشكل استثنائي، وهو ما جعل ديغول يشيد به دوما، فاتفاق التفجيرات النووية التي شهدتها الصحراء جاء بعد مفاوضات إيفيان، بين بن بلة وديغول، وبصفة سرية دون أن يعلم أحد في الحكومة الجزائرية''· بالنسبة لعمار بن تومي، كان أحمد بن بلة يتصرف في الجزائر كأنها ملكيته الخاصة· لهذا يكشف بن تومي أيضا، أن أحمد بن بلة منح السفارة المصرية ملكا عموميا وتراثا جزائريا تم نهبه كله، وحول بأكمله إلى القاهرة دون رجعة· فالفيلا التي توجد فيها السفارة المصرية حاليا هي ملك خاص للدولة الجزائرية كانت عبارة عن مقر للنيابة العامة الفرنسية في الجزائر، بها أثاث وأواني ومعمار ولوحات فنية قيمتها تقدر بملايين الدولارات كونها تعود إلى القرن السابع والثامن عشر، وكنت قد وضعت عليها حراسا تابعين لحرس السجون لنجعلها مقرا سكنيا لرئيس المجلس الدستوري الذي كنا نحضر لإنشائه، لكن بن بلة أرسل رجاله لإدخال المصريين إليها عنوة، فنهبوا ذاكرة الجزائريين نهبا، كل تحف كريستالية وخشبية فاخرة وزجاجية نادرة، اليوم، موجودة في مصر ولم يبق منها أي شيء· ''ورغم محاولاتي لإخراج المصريين منها وإبلاغ بن بلة بأنها ملكية جزائرية تخص الشعب الجزائري وليس من حق المصريين، إلا أنني فشلت''· بن بلة إجتمع سرا في سويسرا لتهريب 100 حركي من الجزائر بطلب من ديغول هذا التاريخ قادنا مع وزير العدل الأسبق عمار بن تومي إلى الخوض أكثر في الحديث عن علاقة ديغول وبن بلة خاصة بعد الاستقلال، لنكتشف ما هو أخطر لدى هذا الاخير ·· أحد الأسرار الخفية التي جعلت العقيد ووزير الدفاع هواري بومدين يفكر في الانقلاب على بن بلة ·· يقول عمار بن تومي أن بن بلة بعد الاستقلال، مباشرة، كان يربط علاقة وطيدة بالجنرال ديغول والسلطات الفرنسية عن طريق شخصية فرنسية إسمها آرفي بورج، حيث منحه بن بلة الجنسية الجزائرية وشغله معه في ديوانه الرسمي، وكان يتدخل في قرارات الحكومة بشكل رهيب، مما بدأ يثير فينا الشكوك حول تعاملات وعلاقات بن بلة آنذاك''· ويسرد عمار بن تومي في هذا الإطار قصة غريبة تخص هذه الشخصية التي يعتقد أنها كانت عين ديغول والسلطات الفرنسية في الجزائر بعد الاستقلال، وأنها كانت تعمل على المحافظة إلى أبعد الحدود الزمنية والمكانية على مصالح فرنسا في الجزائر مقابل أن ينال بن بلة الدعم من فرنسا للبقاء في الكرسي الذي تقاتل حوله الإخوة الأعداء· فخلال ترتيبات تسجيل الجزائر عضوا في هيئة الأممالمتحدة والتي كان يقوم بها الرئيس بن بلة شخصيا كان هواري بومدين كوزير للدفاع ونائبا للرئيس يرأس مجلس الحكومة، فقرر الجهاز التنفيذي الذي كان يحضر لأول انتخابات رئاسية في للبلاد وإنشاء أول مجلس دستوري أيضا، قرر أن توضع أملاك المعمرين الفرنسيين غير المشغولة قيد الإستغلال الجزائري، وصادقت على القرار وبالإجماع كل الحكومة آنذاك، وبعدها بعد أيام تفاجأنا بأن القرار لم يدخل رسميا حيز التنفيذ بنشره في الصحف والجريدة الرسمية، فطلبنا استفسارا من الرئاسة، ليأتينا هذا المسمى آرفي بورج ويؤكد لنا أن قرار الحكومة مجمد إلى غاية أن يدرسه بعد عودة الرئيس أحمد بن بلة الذي كان يومها في كوبا، فثارت ثائرة هواري بومدين بشكل عنيف جدا وصرخ في وجهه، من تكون أنت حتى تقرر في مكان الجزائريين··؟؟'' ولم تتطور الأمور إلى الأسوأ عندما هم آرفي بالهروب لأنه فهم جيدا غضب وزير الدفاع وأدرك أن بومدين لن يعتبر حادثة تدخله مسألة عابرة، بل ستردفها تداعيات ستنفجر لا حقا في جوان .65 ليس هذا فقط، بل يكشف عمار بن تومي قصة أخطر من تلك، تطعن مباشرة في وطنية أحمد بن بلة وتخص تهريبه للحركى نحو فرنسا· يقول بن تومي أن جريدة ''لوموند'' الفرنسية نشرت خبرا تقول فيه أن ''نحو 10 آلاف حركي يكونوا قد قتلوا في الجزائر خلال سنة .''62 هذا الخبر أثار حفيظة السلطات الفرنسية ودفعت بالسفير الفرنسي بالجزائر إلى تقديم احتجاجات لبن بلة، فكان حسب بن تومي موقف أحمد بن بلة أغرب من موقف السفير، ''حيث لم يستنكر بشكل واضح هذا التدخل في الشؤون الجزائرية ولم يبرز له تحفظاته رغم أن المسألة لم يتم التحقق منها بعد من قبل السلطات الجزائرية· بعد أيام من الواقعة تنشر جريدة ''combat'' الفرنسية أسماء لحركى تدعي فيها أنهم تم تصفيتهم، وفي تلك الفترة قررت فتح تحقيق وطلبت من كل قضاة التحقيق في الولايات، وبعد صدور النتائج عقدت ندوة صحفية أعلنت فيها أن ما جاء في الجريدتين يعتبر كذبا وقذفا في حق الجزائر، فلم تأخذ السلطات الفرنسية وإعلامها ذلك بعين الاعتبار، بل ساد صمت رهيب، وهو ما جعلنا نكتشف لا حقا أن المسألة كانت مفبركة''، وكانت خطوة استباقية من طرف الفرنسيين لتنفيذ خطة خطيرة كانت بمثابة أول تدخل ومساس بسيادة الجزائر المستقلة· ''أعلمني بن بلة دون غيري من أعضاء الحكومة بعد أن كان قد رتب كل شيء باجتماع سري في سفارة سويسرا ليلا، قال بأنه يخص لجنة الصليب الأحمر، لكنني وجدت نفسي في الاجتماع أمام الأمر الواقع بالنظر الموضوع المطروح حيث تم إقرار إطلاق سراح الحركى وهم ثلاث فئات ·· المرضى، أصحاب 60 سنة فما فوق، والقصر، فاكتشفت أن ديغول وعميله آرفي بورج وراء هذا القرار، وبينما كنت أبدي اندهاشي من قرار كهذا، كانت الإجراءات سارية، وبدأت أتلقى الإتصالات من مختلف السجون بأن الفئات التي تم الحديث عنها ليست معنية وحدها، بل شملت الجميع دون تمييز، وبدأ الصليب الأحمر في تهريبهم بتواطؤ من بلة وبأمر مباشر من الحكومة الفرنسية دون علم المسؤولين الجزائريين، فأعطيت الأمر بتوقيف كل عمليات إطلاق السراح عبر السجون الجزائرية، وكم كان اندهاشي كبيرا حينما علمت أن نائبه هواري بومدين لم يكن على علم كذلك''· ''يومها تلقى وزير العدل آنذاك مراسلة من وزير الدفاع هواري بومدين، يطلب فيها استفسارا حول عملية إطلاق سراح حركى وشدد على عملية سجن لامبيز بباتنة الواقع بمنطقة تازولت الذي عرف، بأمر من بن بلة، أكبر عمليات التهريب'' وهو ما تبينه الوثيقة التي تحصلت عليها ''الجزائر نيوز'' والصادرة عن وزارة الدفاع الوطني التي كان على رأسها هواري بومدين، وبعد التحقيق الذي أجراه وزير العدل عمار بن تومي رد الأخير على بومدين في مراسلة أخرى هي بحوزتنا أيضا، يؤكد فيها أن كل العمليات جرت بأوامر وتحت إشراف أحمد بن بلة، ما يعني، بالنسبة لوزير العدل، أن اجتماع الصليب الأحمر في سفارة سويسرا وفي الليل، لم يكن سوى محاولة لتغليطي وحملي على الموافقة عليها، بينما كانت عملية تهريب للحركى دون تمييز للسن أو الحالة المرضية نظير تعاونهم مع الإدارة الفرنسية ضد الثورة''·