فقدت، الإقامة الجامعية للذكور ببوخالفة، في الآونة الأخيرة، كل المعالم المرتبطة بالتعليم العالي والبحث العلمي وتحولت إلى هيكل تعليمي يصلح لكل شيء إلا لإيواء الطلبة نتيجة لتردي الأوضاع الاجتماعية فيها إلى أسوء الأحوال، حيث أصبحت معيشة القاطنين فيها مرة ولا يمكن تحملها، كون حياتهم أصبحت عرضة لكل أنواع المخاطر على غرار الاعتداءات الجسدية والمعنوية التي يمارسها الغرباء في حقهم والتي فاقت كل الحدود، ناهيك عن الأمراض المحدقة بهم نتيجة الانتشار الكبير للأوساخ في الأجنحة والحمامات وحتى في المطعم، فضلا عن غياب أدنى تكفل بالطلبة في جميع الجوانب في الوقت التي تتلقى الإدارة شكاوى بصفة متكررة، حيث دق القاطنون فيها ناقوس الخطر وطالبوا الجهات المعنية بالتدخل العاجل قصد انتشالهم من هذه الأوضاع المزرية· الزائر للإقامة الجامعية للذكور ببوخالفة يعتقد في الوهلة الأولى أن هذه الإقامة هي الأفضل على مستوى ولاية تيزي وزو، نظرا لمنظره الجميل من الخارج، كونه زين بطريقة جيدة بالدهن، لكن عندما يتجول بداخلها ويتعمق في مشاكلها ويستمع لشهادات الطلبة القاطنين فيها، يلاحظ الصور المفجعة بأم عينه، ويكتشف أنه داخل هيكل يصلح لكل شيء إلا لإيواء الطلبة، فهو يخفي عدة أسرار مرة وخطيرة، مشاكله لا تعد ولا تحصى، تثقل كاهل الطلبة، وتعمق معاناتهم، وتؤثر سلبا على مشوارهم الدراسي وتحصيلهم العلمي، وتتسبب في التأخر الدراسي للعديد منهم، فضلا عن مغادرة بعضهم لمقاعد الدراسة قبل نهايتها، وآخرون يهربون منها إلى الإقامات الجامعية الأخرى المتواجدة بتيزي وزو، والبعض الآخر يفضل مغادرة هذه الإقامة نهائيا والعودة إلى منازلهم وقطع كيلومترات كثيرة ذهابا وإيابا إلى الجامعة يوميا· هل نحن نعيش في إقامة جامعية أم في مفرغة واد السمار؟ التساؤل الأول الذي طرحه الطلبة القاطنون في هذه الإقامة خلال لقائهم ب ''الجزائرنيوز'' والذي يبحثون له عن جواب رسمي منذ سنوات ولم يجدوه إلى يومنا، هذا هو ''هل نحن نعيش في إقامة جامعية أم في مفرغة واد السمار؟''، مؤكدين أن المشكل الخطير الذي يواجهونه هو غياب النظافة في كل مرافق الإقامة، حيث توجد الأجنحة في وضعية جد كارثية تستدعي القلق نتيجة الانتشار الكبير للأوساخ والنفايات المرمية في كل الزوايا بطريقة عشوائية، وبصفة خاصة في الأروقة والسلالم والحمامات والمراحيض، حيث لاحظنا خلال زيارتنا الإستطلاعية أكواما متراكمة من النفايات مبعثرة بطريقة فوضوية وعشوائية، وحسب تصريحات الطلبة، فإن السبب الرئيسي راجع إلى عدم إخراجها بسبب نقص عدد العمال والعاملات، فيما أكدت إحدى المنظفات أن الطلبة هم السبب الرئيسي في انتشار هذه الأوساخ ''لا يحترمون رميها في الأماكن المخصصة لها''، لكن الطلبة فندوا ذلك وأشاروا إلى أنهم يضعون النفايات في الأكياس الخاصة بها، غير أن هذه الأكياس البلاستيكية - بحسبهم - صغيرة الحجم وتفيض منها الأوساخ وتنتشر مع تحركات الطلبة كون الأروقة ضيقة· الإكتظاظ في الغرف، غياب التدفئة، أزمة المياه وحمامات بدون أبواب ·· كلها عوامل عمقت معاناة الطلبة إكتشفنا خلال لقائنا مع الطلبة أن المشكل الرئيسي والعويص الذي يؤرقهم بصفة أكثر ويوميا هو الإكتظاظ الكبير داخل الغرف، فقد تجرأت الإدارة، حسبهم، على رفع عدد الطلبة في الغرفة الواحدة إلى خمسة طلبة، ويصل في بعض الغرف وبطريقة غير قانونية إلى ستة، وأحيانا أخرى إلى ثمانية، وأكدوا أن هذا الأمر يؤثر سلبا على راحتهم ويعرقل مراجعة الدروس، ناهيك عن المشاكل التي تحدث داخل الغرف فيما بينهم والتي تصل - حسب شهاداتهم - إلى حد الشجار وتبادل الشتائم· وطرح كذلك الطلبة مشكل غياب التدفئة في الغرف، مؤكدين أنهم يتجرعون معاناة جد قاسية خصوصا وأن تلك المنطقة تشهد برودة شديدة، بالرغم من أن كل الغرف والأجنحة تتوفر على نل الوسائل التي من شأنها أن توفر التدفئة بالماء الساخن، غير أنها معطلة منذ أكثر من عشر سنوات، وفي هذا الصدد ذكروا أن هناك العديد من الطلبة أصيبوا بأمراض خطيرة مثل الروماتيزم، ومن أجل تفادي هذا الوضع يضطر العديد منهم للإعتماد على الأجهزة والمقاومات الكهربائية وعلى قارورات غاز البوتان لتوفير التدفئة ومجابهة البرد، خصوصا وأن معظم زجاج الأروقة محطمة ولم يتم إصلاحها رغم الشكاوى المتكررة التي رفعوها للإدارة، فضلا عن وجود العديد من الغرف بدون زجاج، ويشير الطلبة إلى وجود غرف تتسرب إليها مياه الأمطار· وإلى جانب ذلك يشكي الطلبة من الانقطاع المتكرر للماء في الأجنحة، فهذه المادة الحيوية غالبا ما تصل إلى الطوابق العلوية، ويضطر الطلبة للجوء إلى الطوابق السفلية أو إلى ملعب الحي لجلب الماء قصد غسل وجوههم في الصباح أو للشرب· وما شد انتباهنا خلال تجولنا بين الأجنحة رفقة طلبة الإقامة هو الحالة الكارثية التي آلت إليها الحمامات والمراحيض، حيث تنتشر الأوساخ والقاذورات بكل أنواعها وتتسرب المياه القذرة وتنبعث روائح لا تحتمل، إضافة إلى فقدان معظم الحمامات وبعض المراحيض للأبواب، وانعدام الماء الساخن، كما وجدنا معظم الحنفيات فاسدة وتتسرب منها، مما زاد من تأزم الأوضاع،ا فضلا عن انعدام الإنارة في الأجنحة وخاصة في الأروقة· غرف تحولت إلى محلات تجارية تحولت بعض غرف الإقامة الجامعية بوخالفة للذكور إلى محلات تجارية بمختلف أنواعها، حيث وجدنا إحدى الغرف المتواجدة في الطابق السفلي للجناح D من غرفة تأوي خمسة طلبة إلى مقهى ومحل تجاري يبيع مختلف ما يحتاجه القاطنون من تبغ ومختلف أنواع الحلويات والعطور ومثبتات الشعر، وغيرها من اللوازم ·· فيما تحولت إحدى الغرف في الطابق الأخير بالجناح C إلى مطعم يقدم وجبات غذائية ساخنة بكل أنواعها· فيما تحولت ساحة الإقامة إلى ما يشبه سوقا شعبية، نظرا لكثرة باعة التبغ في كل زوايا الإقامة ويبلغ عددهم أكثر من .10 رداءة الوجبات الغذائية كما ونوعا، مزبلة مقابلة لقاعة الإطعام والطلبة يتقاسمون الوجبات مع القطط والفئران والكلاب إغتنمنا فرصة تواجدنا بهذه الإقامة لدخول المطعم القديم لمعاينة وضعيته، حيث وجدنا ما لم يتصوره العقل، فأول مشهد كان تلك المزبلة الممتلئة بالقاذورات والنفايات القريبة جدا من قاعة الإطعام، تنبعث منها روائح كريهة، أما المطبخ فوجدناه في حالة يرثى لها حيث يفتقد تماما للنظافة، فالأوساخ منتشرة في كت مكان إلى حد لا يصدق، إننا في مطعم جامعي، فبقايا الخضر والفواكه والغذاء مرمية في الأرض بطريقة عشوائية، معظم أواني الطبخ كانت مبعثرة في الأرض، ومادة الخبز التي كانت ينتظر تقديمها للطلبة وجدناها موضوعة قرب الأوساخ، أما هندام معظم العمال والعاملات التي من المفروض أن تكون نظيفة وجدناها فقدت بياضها وتحولت إلى السواد· إلى جانب ذلك، طرح الطلبة مشكل نقص الكراسي والطاولات، وكذا الصحون، وفي هذا الصدد، كشفوا أنهم يغسلونها بمفردهم وبعدها يقدمونها للعمال قصد تقديم وجبات غذائية فيها· وما أثار انتباهنا خلال تواجدنا في المطعم أعداد تلك القطط التي كانت تتجول بكل حرية بداخله، وتحتك بكل أنواع الغذاء الموجود في المطبخ، إضافة إلى دخول الكلاب، ولم يخف الطلبة أنه حتى الفئران الكبيرة المعروفة ب ''الطوبا'' تظهر بصفة متكررة في المطعم، ما ينذر بخطر وبائي على صحة الطلبة والعمال· وما يعانه الطلبة في هذا المطعم - حسب شهاداتهم - هو رداءة الوجبات الغذائية كما ونوعا، ولم يخفوا أنهم كثيرا ما يجدون فيها أوساخ وأشياء غريبة لا سيما حشرات ''الفرللو''· ناهيك عن الطوابير الطويلة والمملة، حيث صرحوا أنهم يقضون أكثر من ساعتين في المطعم للحصول على وجبة غذاء غير صالحة للإستهلاك· وما تأسف له الطلبة هو استفادة هذه الإقامة من مطعم جديد إلا أنه لم يحل المشكل· غياب الأمن حكاية أخرى تعتبر الإقامة الجامعية بوخالفة للذكور أكثر إقامة تشهد غياب تام للأمن في ولاية تيزي وزو، حيث أصبحت قبلة للغرباء والمنحرفين، فالطلبة يعيشون خوفا وذعرا شديدين بسبب تعرضهم وبصفة يومية لمختلف الإعتداءات الجسدية وفي الكثير من الأحياء باستعمال الأسلحة البيضاء، ناهيك عن الإعتداءات والتجاوزات المعنوية من شتم وسب وإهانات وتهديدات ·· يحدث هذا - حسب الطلبة -في كل مرافق وزوايا الحي، على غرار الأجنحة، الغرف، النادي، قاعة التلفاز، المطعم، الساحة وحتى في مدخل الإقامة، وأكد الطلبة أن غرف الحي يستغلها أشخاص منحرفون ليس لهم أية علاقة مع الجامعة، يمارسون تجاوزات خطيرة كالإعتداءات على القاطنين وسرقة أغراضهم وممتلكاتهم، ناهيك عن ''تناولهم لمختلف أنواع المشروبات الكحولية والمخدرات على مرأى الجميع دون تدخل الإدارة''، حسب تعبير أحد الطلبة· وأضافوا أن هؤلاء الغرباء أصبحوا يحتكرون المطعم ويخرجون الأكل منه بكل حرية، وأمام مرأى المسؤولين الذين يتهربون من تحمل المسؤولية· وحسب تصريحات الطلبة، فاللجنة المستقلة للحي رفعت عدة شكاوى لكل الجهات المعنية بما فيها الإدارة، مديرية الخدمات الجامعية، السلطات الأمنية ووالي تيزي وزو، لكن المشكل لا يزال يطرح نفسه بقوة وحياة الطلبة أصبحت في خطر كبير وغير آمنة بهذه الإقامة· وما يدعو لطرح تساؤلات كثيرة حول غياب الأمن في هذا الحي هو التواجد الكبير لأعوان الأمن، لكن الطلبة أكدوا أنهم لا يقومون بواجبهم، واتهموهم بالتواطؤ مع الإدارة ومع الغرباء والمنحرفين· سياسة الهروب إلى الأمام وتقديم الإدارة للوعود الكاذبة يزيد من غليان الطالبات وما يزيد من غليان الطلبة في الحي الجامعي للذكور ببوخالفة هو عدم أخذ المسؤولين مطالب اللجنة المستقلة للحي بجدية، وفي هذا الصدد أكد بعض أعضاء اللجنة أنهم رفعوا عدة مطالب وشكاوى للمسؤولين بما فيهم مدير الإقامة ومدير الخدمات الجامعية منذ عدة سنوات، وخاصة منذ الدخول الجامعي للسنة الجارية وبصفة متكررة، حيث نقلوا لهم كل المشاكل التي يواجهها الطلبة في الحي، لكن انشغالاتهم قوبلت - حسبه - بالإهمال واللامبالاة، وأكدوا أن الإدارة تمارس سياسة الهروب إلى الأمام وتقدم لهم فقط الوعود الكاذبة التي سرعان ما تتبخر، الأمر الذي جعل معاناة الطلبة تستمر والأخطار المحدقة بهم تزداد من يوم لآخر· وتجدر الإشارة إلى أننا ذهبنا الى إدارة الحي لمقابلة مدير الإقامة ولم نجده في مكتبه، وصرح لنا أحد أعوانه أنه خرج في مهمة، فانتظرناه أكثر من ساعتين اكنه لم يعد·