يتجدد الحديث عن موقع الجزائر ضمن منطقة ما يعرف بحزام النار الزلزالي، حيث يجمع الخبراء على أن الجزائر مهددة على الدوام بنشاط زلزالي مهم، الأمر الذي أجبر السلطات العمومية على بحث سبل وضع سياسة وطنية ضد الكوارث الطبيعية· جاء هذا الحديث عقب زلزال بومرداس، الذي تحول لما يشبه بورقة الطريق نحو سياسة جديدة تهدف لاستشراف الكوارث الطبيعية في مقدمتها الزلازل· وبالفعل، حسب تصريحات وزير السكن نور الدين موسى، فإن الجزائر نجحت في تعميم أنظمة بناء تتماشى مع المعايير الدولية الوقائية· فقد أجمع الخبراء أن الأبنية الجديدة المنجزة عقب زلزال بومرداس تتطابق مع ما هو معمول به في الدول المتقدمة عبر العالم، والتي تعرف ذات التهديدات من الكوارث الطبيعية· في هذا السياق، أكد الوزير أن الجزائر أنفقت ما لا يقل عن مليار دينار من أجل بعث دراسات بحث ميداني قدر عددها بحوالي 26 دراسة عبر مختلف ولايات الوطن، الهدف منها تحديد سبل إعادة تأهيل السكنات الهشة التي تتعرّض لتهديد حقيقي مع كل هزة أرضية· الجدير بالذكر أن الجزائر التي شهدت آخر هزة أرضية عنيفة بمنطقة بومرداس خلفت ما لا يقل عن 10 آلاف جريح وحوالي 2300 قتيل، شرعت في تعديل سلسلة القوانين المتعلقة بإنجاز السكنات والبنايات الجديدة، فقد تم وضع برنامج خاص ضمن مخطط المليون سكن يجبر شركات المقاولة على ضرورة احترام المعايير الوقائية من مخاطر الكوارث الطبيعية· وقد تزامن ذلك مع تدعيم مهام مراكز المراقبة التقنية، مع العلم أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد أكدت وزارة الداخلية والجماعات المحلية في وقت سابق عن مشروع إنجاز خريطة لأهم المناطق الزلزالية، وهو المطلب الذي تزامن مع قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي القاضي بضرورة إنشاء جامعة مختصة بالكوارث الطبيعية والزلازل في المقام الأول· هذا المشروع الذي تقرر إطلاقه بالتعاون مع الأمم المتحدة· فقد تقرر إنشاء واحدة من أهم الجامعات الدولية المختصة في دراسة الزلازل، مع ضرورة الإشارة إلى أن اختيار الجزائر جاء بعد الجهود المبذولة من طرف الجزائر في مجال استشراف الهزات الأرضية· فقد أكد وزير السكن نور الدين موسى أن الجزائر تحتل مرتبة متقدمة في مجال استشراف حدوث الزلازل وانتشار البنايات المضادة للهزات الأرضية· غير أن هذه الجهود المبذولة على المستوى الرسمي تبقى تواجه حقيقة تقادم العمران الحضري بكبريات المدن الجزائرية، الأمر الذي يضاعف تهديد الزلازل على الحياة البشرية، سيما وأن الكثافة السكانية تزداد في المناطق السكنية الشعبية ذات الطراز العمراني القديم· الجدير بالذكر أن السلطات الجزائرية شرعت في تطبيق سلسلة من التدابير لإعادة تأهيل العمران القديم الهش، الذي يشكل الخطر الحقيقي· الجدير بالذكر أنه في الوقت الذي نجحت فيه وزارة السكن من فرض قواعد جديدة حول حتمية تطبيق معايير السلامة الدولية فيما يتعلق بالسكنات العمومية، يبقى الحديث عن العمران الفردي غير المطابق لهذه المعايير ضمن المسكوت عنه، وهو ما تم كشفه خلال زلزال بني يلمان، حيث أنه بالرغم من حداثة العمران إلا أنه تعرّض لتخريب شبه تام بفعل الهزة الأرضية، ما يجعل الرهان الحقيقي بالنسبة للسلطات العمومية لا يقتصر على سن القوانين والتشريعات ولا حتى بصياغة الدراسات والأبحاث الميدانية بقدر ما يتعلق بإيجاد حل للبنايات الهشة والبنايات الفردية الحديثة التي في الغالب لا تحترم معايير السلامة· سامية بلقاضي ---------------------------------------------------------------- حتمية إعادة تأهيل العمران الهش