ورد في العدد الأخير من الجريدة الرسمية بموجب مرسوم تنفيذي الشروع في تنفيذ إحصاء اقتصادي شامل يهدف: ''لمعالجة ونشر البيانات الخاصة بالكيانات الاقتصادية أيا كانت طبيعتها''، وقد جاء في نص المرسوم التنفيذي أنه يمكن للجنة المكلفة بتنفيذ الإحصاء الاستعانة بكل هيئة عمومية قادرة على تقديم مساعدتها، كما وسع نص المرسوم من صلاحيات العاملين في الإحصاء، حيث ورد ضرورة تسخيرهم بشكل حصري لإنجاز هذه المهمة· سامية بلقاضي وقد بدا من نص المرسوم الأهمية التي توليها الحكومة لهذا الإحصاء الاقتصادي، مع ضرورة الإشارة إلى أنها المرة الأولى التي تشرع فيه السلطات العمومية في مثل هذا الإحصاء المكرس خصيصا لتوضيح معالم الساحة الاقتصادية، في الوقت الذي باتت تتصاعد فيه الأصوات، سيما الفاعلين الاقتصاديين الخواص الخبراء، للتنديد بالضبابية التي يتسم بها الفضاء الاقتصادي في غياب معلومات دقيقة من شأنها تحديد معالم وآفاق الاقتصاد الجزائري· فالجدير بالذكر أن الجزائر بالرغم من توفرها على جهاز خاص بالإحصائيات والمتمثل في الديوان الوطني للإحصائيات، إلا أن هذا الأخير منذ تأسيسه مع بدايات سنوات الاستقلال تميز في توفير معلومات وإحصائيات تتسم بالشمولية، على اعتبار أنها لا تختص بالاقتصاد بقدر ما تهتم بالمؤشرات العامة حول النمو الديمغرافي، الاستهلاك وغيرها من الإحصائيات التي تقترب من الميادين الاجتماعية· وقد تدعم هذا الجهاز عام 1994 بالمجلس الوطني للإحصائيات، كما شهدت سنة 2008 وضع آلية جديدة تهدف لاستقاء المعلومات بشكل آلي في إطار تكريس تعميم استعمال المعلوماتية في الإدارات العمومية من خلال نظام '' سنيس''، النظام الوطني للمعلومات الإحصائية· غير أن كل هذه الآليات لم تكن تقتصر على الجانب الاقتصادي، كما أنها ظلت غير قادرة على توفير معلومة موحدة يتم التوصل إليها بعد تجميع المعلومات من كل الهيئات المعنية· فقد شكل موضوع الأرقام الرسمية والإحصائيات نقطة سوداء، سيما بعد الكشف عن التناقض الصريح في بعض الإحصائيات، مثلما حدث مع مؤشر البطالة، حيث أن كل وزارة كانت تقدم رقما يخالف رقما رسميا آخر· هذا التضارب أثر بشكل كبير على الرؤية الاقتصادية التي باتت تنعدم فيها المعلومات الحيادية والموضوعية التي يتم على أساسها تبني سياسة واضحة· ولوضع حد لهذا التذبذب، يبدو أن المرسوم التنفيذي جاء لتقويم الخلل الحاصل وبعث عمل ميداني معمق يشمل قائمة مضبوطة بكل الكيانات الاقتصادية· ضبط إحصاء اقتصادي، حتمية تشترطها المنظمات الدولية