لقد جرف الغول الألماني كل ما كان في طريقه، كما لاحظ الجميع، وقد دفعت أرجنتين مارادونا الثمن غاليا أمام القدرة الألمانية، التي وصلت إلى الهدف بالرغم من الأزمات القاسية التي يشهدها التكوين في أوروبا، إلا أن نوعية الشخصية الألمانية، عكس الدول اللاتينية، تتميز بجديتها وحبها للحياة إلى جانب صمودها وقوتها· هذا النظام التوفيقي الذي يميز هذا البلد يكشف عن استراتيجية مركزها الفعالية التي تسيّر هذه اللعبة، وعن مجتمع معروف بتحكيمه للعقل في تصرفاته، بالرغم من ميولاته الكبيرة للهو والمتعة· كرة القدم الألمانية تتميز دائما باختيار خط هندسي خاص، يرسم أشكالا شبه رياضية، وهذا ليس بالشيء الدخيل عليها، ومن تابع المغامرة الكبيرة للفريق الوطني الألماني سنوات السبعينيات، سيتذكر هؤلاء اللاعبين الكبار الذين أظهروا تألقهم في الميدان على غرار ''مولير'' و ''سيلر'' و ''أوفيراث'' و''بكنباور'' و ''نتزر'' وغيرهم ممن نجحوا في إنتاج تلك السامفونية الجماعية وكرة القدم المتميزة والفعالة، ليس فقط لأن رقم 13 تلك الفترة، أي ''جيرد ميلر'' سجل الكثير من الأهداف، لكن هذه اللعبة في ألمانيا تتميز بالقوة والقدرة العالية التي تجعلنا نفكر في نصوص ''نيتشه'' أو ''غوته'' أو ''شيلر''، وهي القدرة التي نجدها أيضا في أفلام ''فاسبيندر'' و''شلوندروف'' و''وندرز'' و''هرزوغ''، التي تتميز ببرودة أعصاب المخرجين لكنها تصل إلى إعطاء شكل آخر للسينما باستغلالها لقوى ساحرة تزيد من فعاليتها، وهذا هو الحال بالنسبة لكرة القدم الألمانية، التي تمثل بلدا يشغل مكانة خاصة في أوروبا، بقربه الكبير من الفكر وكذا الشدة وغير بعيد عن الذهنية الهجينة لأوروبا اللاتينية· فالأداء الألماني يدعو المشاهد إلى رحلة في قلب هذه اللعبة التي تثير نوعا من العلاقة الطاهرة وجولة عبر فضاء العمل والإرادة· وعلى عكس ما يقال، فإن طريقة اللعب الألمانية، كما كان واضحا، يتعاقب فيها الأداء القوي والأداء الضعيف كما في أكبر السامفونيات، أو في أكبر الكتابات الأدبية، لكن الإرادة هي الأقوى دائما· لقد تم تخريب ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، لكنها أعادت بناء نفسها لتعطي للعالم صورة عن مجتمع قوي واقتصاد مزدهر، وكلمة ''الإرادة'' في ألمانيا يمكن تصريفها على جميع الأزمنة· فبعد ,1945 منعت ألمانيا من المشاركة في مونديال ,1950 بعد أن صمدت وعادت إلى الركب بعد زلزال الحرب العالمية الثانية 1939 ,1945 وانتزعت بجدارة اللقب أربع سنوات بعد ذلك، و1950 بقيت عالقة بالأذهان وبالألقاب العالمية الثلاث والفشل في أربعة نهائيات، والهزيمة أربع مرات في النصف النهائي· سر ألمانيا المتفوقة هو الجد والعمل والإيمان بالنصر، ويبقى السؤال مطروحا الآن، إن كانت ألمانيا صاحبة النجوم الثلاث ستظفر بلقبها الأول كبطل العالم· ألمانيا التي هزمتها الجزائر في ,1982 حصلت على كأس أوروبا سنة ,1980 ووصلت إلى نهائي كأس العالم هذه السنة، واليوم حتى ''الشوكة'' أصبحت جزءا من فريقنا الوطني، و''شوكة الزائدة الدودية'' قصة ستروى للجميع·