أولى مباريات الدور نصف نهائي مونديال جنوب إفريقيا بين منتخبي هولندا والأوروغواي كانت غاية في المتعة والجمالية· فقد قدم كلا الفريقين أداءا كرويا متميزا، أمتع عشاق الكرة من خلال فنيات عالية ودون التقيد بالحسابات التكتيكية بالرغم من أهمية المباراة· لم يكن ممكنا عدم التفكير في المنتخب الغاني ونحن نتابع مجريات مقابلة الأوروغواي وهولندا، فقد تأكد بعد متابعة الأداء الأوروغوايي أن نصف النهائي لم يكن بالبعيد على منتخب غانا· لو كتب لرفاق اللاعب الغاني جيان بلوغ هذه المرحلة ومواجهة الفريق الهولندي لكانوا قدموا أداءا مذهلا وحققوا المعجزة في بلوغ النهائي· بالعودة للمباراة، يتضح أن كلا الفريقين تقاربا في المستوى، إذ لم تظهر أفضلية أداء أي منهم على الآخر· المثير للانتباه أن المباراة كانت تجري كذلك على المدرجات، فقد كان هناك مئات من مشجعي ومساندي المنتخب الأوروغوايي، في المقابل كانت بقية المدرجات برتقالية وتجهر بمساندتها للمنتخب الهولندي· ولا عجب في ذلك فإلى جانب مئات المشجعين القادمين من هولندا لتشجيع الفريق رفقة العائلة الملكية، كان هناك عشرات المئات من جنوب الإفريقيين من أصول ''أفريقانية'' من البيض المنحدرين بدورهم من أصول هولندية· هذا ما فسر تلك الموجة البرتقالية التي طغت على مدرجات ملعب ''غرين بوينت''· ثاني نقطة لا بد من ملاحظتها خلال هذا المونديال تتعلق بمشاهدة منتخبات بلاعبين من أصول أجنبية· هكذا شاهدنا خاليد الهولندي، أوزول الألماني وزميله خضيرة، كلها أسماء كانت صدى للحديث عن الاندماج الناجح بفضل كرة القدم· الأكيد أن مشجعي كل من هولندا وألمانيا لا يتوقفون عند هذه التفاصيل، بالنسبة لهم لا يتعلق الأمر بأجانب وإنما بنجوم وطنية ترفع الألوان الوطنية· الأسماء الغريبة ولون البشرة لا يكاد يصنع الفرق لتتحول هذه التفاصيل لمجرد مميزات ثانوية لا أهمية لها· هل يدوم هذا الشعور فترة المونديال؟ ربما، فنبض الشارع ببرلين وأمستردام ما زال يعيش على وقع العنصرية والحواجز العرقية والدينية· قد تكون كرة القدم أكثر من قبل مثالا يقتدي به السياسيون وكل من يدعو لحوار الحضارات والأديان ·