في الوقت الذي تصدر فيه هذه السطور، يكون النرد قد رمي··· بطل العالم قد عرف والعرس العالمي قد وصل إلى النهاية· إسبانيا التي كانت المرشح الأوفر حظا، على الرغم من بدايتها المخيبة في المونديال، هل ما وصلت إليه بحد ذاته تاج؟ هولندا من جهتها أبهرت العالم بقوتها، وأكدت أنها لم تسافر إلى جنوب إفريقيا من أجل المشاركة وحسب· الأخطبوط ''بول'' العراف قد سبق له أن نصّب إسبانيا بطلة للعالم، لكن نحن الذين لا نملك موهبة التكهن فقد انتظرنا القرار النهائي من خلال متابعة مجريات اللقاء يوم الأحد، ولكن قبل ذلك فقد تمتعنا بمواجهة في القمة يوم السبت بين ألمانيا والأوروغواي التي كانت من أجمل المقابلات، ألمانيا التي أزاحت البرازيل من مجريات المنافسة، التي تحصلت على عزائها بهذا الفوز الجميل، في حين كتبت الأوروغواي صفحة مشاركة في تاريخها الكروي، بصفته المنتخب الأمريكو-لاتيني الوحيد الذي استطاع اجتياز كارثة الربع النهائي في هذه المنافسة، والتي تعد بمستقبل رائع لتاريخها الكروي· للأسف··· إفريقيا التي تحتضن هذا العرس على أراضيها لأول مرة في التاريخ، لم تسعد بعرسها حيث لم ترَ منتخباتها- من بينها منتخب الجزائر- تتجاوز المشاركة الخاطفة، إذا استثنينا منتخب غانا الذي ترك الإفريقيين يحلمون قليلا في هذا المونديال··· لكن بالنظر إلى الخسارة المشينة لأبناء ''مارادونا'' على يد المانشافت الألماني، يجب علينا أن نبقى متواضعين··· لكن في الوقت الذي اتجهت فيه أعين الملايين إلى مسيرة كرة مستديرة سحرت يومياتهم، العالم بقي يدور في هديره الدرامي، ورغوته العبثية· برايتن برايتنباش الجنوب إفريقي، كاتب وقاص، شاعر وفنان تشكيلي، يدير في ''غوري'' بالسينغال معهد بحث للديمقراطيات وتطوير الثقافات، تجمعه علاقة وطيدة وصداقة حميمة مع الشاعر الكبير ''محمود درويش'' والذي كرمه مؤخرا بمجموعة شعرية عنونها ''الصوت الآخر''، منحدر من الجنس الأبيض في جنوب إفريقيا وكان من الأوائل الذين انتفضوا ضد التمييز العنصري والذي دفع الثمن غاليا بأكثر من عشر سنوات سجنا، هو أيضا لم يدر ظهره للمونديال، بل أعطى له حقه من الكتابة من خلال زاوية في جريدة ''ليبيراسيون'' يومي 10 و11 جويلية· هي في الحقيقة نظرة أخرى للعالم، ففي الوقت الذي يكون فيه محاربو الكرة يتعاركون - صحيح بعيدا عن ذلك العنف الدموي الذي يضع حدا لكل تفاهم من أجل عدالة أكبر للإنسان ''العالم أصبح أقل تعقيدا بواسطة أصوات الفوفوزيلا، أو بين الهرج والمرج والكلمات غير الواضحة في المدرجات، هذه اللامبالاة تؤدي بنا وتدفعنا إلى الاشمئزاز من أنفسنا، وليس مدهشا أن نتقبل اليوم الطائرات بدون طيار التي تقتل بدون تمييز···'' قبل أن يضيف ''بلاتير رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم، هل استغل شرف القارة، من خلال اختياره لإفريقيا الجنوبية، من أجل إشباع رغبات منظمته المالية؟؟''· ''الغضب الأسود'' ل ''برايتن برايتنباش'' الذي لم يترك أحدا خاصة من المصرفيين والفاسدين باختلاف مشاربهم، رجل ديمقراطي، ذو مبادئ وملتزم بقضايا الإنسان العادلة متأكد من ''فلسطين··· هي الحتمية التي تحدد عقلية الجيل الجديد ويختم ب ''لكن من الأفضل أن نرى الألعاب النارية فوق رؤوسنا ونتمتع بها··· على أن ترى القنابل الفسفورية تهطل على سماء غزة'' ليتساءل فيما إذا كان ''الأخطبوط بول'' هو ''روح الكون''، إسبانيا تفوز ···؟؟ هذا أكبر دليل على التنجيم الصحيح··· وإلا، فإلى مونديال قادم، بدون أو بالفوفوزيلا·