من هم هؤلاء الشعراء الذين/اللواتي يؤثثون مخيالنا اليوم، يخصبون وجودنا بالاستعارات الجميلة وبالروح الحية، وبالبهاء الخلاق· شعراء كُثر في جزائر الراهن، أي جزائر ليست جديدة، وليست قديمة، جزائر مفتوحة على كل شي، وعلى لاشيء، على /الحقيقة والسراب/ وعلى /الوهم والواقع/ وعلى /الحلم والخراب/ يعبرون عن لحظتهم بكل صدق وحيوية، متجاوزين لعبة الأسماء الكبيرة، أو التي تفترض في نفسها أنها كذلك وتحتل واجهة المشهد بصورة مضحكة وغبية، لتتوارى الفعاليات الشعرية التي تنبت في الهوامش الضيقة ولكن الواسعة في رؤيتها والرحبة في خيالها، ولا تستسلم مع ذلك لسلطة المكرس، والمظهرية الزائفة، كتابة فردية لكنها تشكل تيار جماعي غير متجانس، غير متصل، ومختلف عن بعضه، ومتحد في موقفه الحقيقي من الشعر والعالم، شعراء يطمحون لكتابة مختلفة، مراهنين على صدق تجربتهم بالدرجة الأولى، وعلى إيمانهم بالشعر أولا وقبل كل شيء، شعراء كثر ومع ذلك لم تتشكل بعد حركة شعرية في الجزائر، لماذا؟ وما أسباب ذلك؟ ليس لهذا الملف دخل في هذا الموضوع، لأن الإبداع المنفلت من قبضة الزمن عادة ما يتجاوز الرهانات الضيقة للمؤسسة الثقافية بكل شموليتها وبيروقراطيتها النقدية، والتي تتأخر كعادتها في إدراك هذا التحول الجميل والمنعطف الخطير في الحساسية الشعرية الجديدة· هذه الأصوات التي نقدمها اليوم في الأثر لا تدعي القطيعة ولا تدعي الحداثة، ولا توهم نفسها بأشياء كثيرة، وترفض الثرثرة والظهور المجاني لقد اختارت موقعها في الساحة: /الهامش/ وطريقتها/لسانها في الكتابة: /الشعر/ وأهدافها مختلفة وبسيطة على قدر بساطة وتعقيد الشعر نفسه· نقدمها لقراء الأثر للاكتشاف والتعارف ولم لا الحوار معها··