ظهرت إحدى النساء وهي تطلق العنان لزغاريدها أمام كاميرا التلفزيون فرحة بوصول غاز المدينة إلى مطبخها، وبقيت أنا وحماري نتفرج على عفويتها وعلى الاستغلال الذي وقعت فيه من طرف هؤلاء الذين يريدون القول ''تو فا بيان''··· نهق حماري عاليا وقال·· زغردي زغردي·· الشغل لمليح يطوَّل قلت له·· المسكينة فرحت لأنه وبعد كل هذه السنين سوف تبتعد عن قارورات الغاز وتعبها·· من يصدق أن بلد الغاز والبترول مازال يعاني من الفوضى في تسيير هذه المادة؟ قال·· لا تخف، هم يقصدون تصيد فرحتها حتى يقولوا للغاشي أننا لم ننساكم قلت له·· نعم، ولكن عيب أنه ما يزال غاشي بلا غاز وبلا كهرباء·· قال ضاحكا·· أعد عليّ ما تقول؟ عيب؟ عن أي عيب تتحدث··؟ قلت من المفروض أن الجميع وبدون استثناء قد نال حقه من الريع·· نهق من جديد وقال·· الريع·· الريع·· لقد ذكرتني بالهاشمي شريف رحمه الله·· كان يستعمل هذه الكلمة كثيرا·· النظام الريعي البيروقراطي المرتشي·· وغرقنا في موجة من الضحك المتواصل·· وفجأة، أطلت علينا إمرأة أخرى وهي تزغرد بنفس الطريقة السابقة، ولكن مع اختلاف الأمر قليلا·· فقد أنعم عليها البلد بشقة تأويها من الضياع·· قال حماري·· لها الحق في الزغرودة·· آه·· لو يعطوني سكنا سأغرق المدينة في النهيق·· ضحكت وقلت له·· الحمد لله أنهم لن يعطوك وإلا فعلت الأفاعيل·· المهم فهمنا أن زغاريد الثامنة كلها من أجل ذر الرماد في العيون·· وكل شيء على ما يرام··