قدمت فرقة ''بالاغان سيستام'' الفرنسية بالمركز الثقافي الفرنسي العرض المسرحي ''أحمد الفيلسوف'' لكاتبه الفيلسوف العريق ''ألان باديو''، الذي أخرجه ركحيا إدوارد أنغولد رفقة نخبة من الممثلين الفرنسيين ذوي أصول إفريقية مقيمين بفرنسا· يقدم العرض المسرحي الذي دام قرابة الساعتين وجبة دسمة من الأفكار الفلسفية العميقة، التي تتطرق إلى العديد من المتناقضات وكذا البديهيات والمسلّمات في العديد من القضايا التي يعيشها الإنسان في مجتمعه المعاصر بداية بالسياسة، الفكر وكذا الوجود وحتى الدين والمعتقدات من خلال مواقف هزلية وطريفة، من أجل جعل الفلسفة والأفكار الفلسفية في متناول الجميع من خلال الإفراط في السخرية والتهكم في الأفكار الفلسفية عن طريق حوارات شخصية ''أحمد'' التي أداها الممثل الفرنسي ذو الأصول الجزائرية إبراهيم طاكفا مع العديد من الشخصيات بداية من صديقته الإفريقية، السياسي وصديقه ''موستاش'' ذو الأصول العربية الذي قام بأداء الدور ويتقن العربية جيدا وبطلاقة وفصاحة، وكذا إلمامه بالعديد من الأفكار الفلسفية التي يحاول تعليمها للصغار، من خلال ترسيخ فكرة ''أن اللغة وتعلمها سواء كانت اللغة الأم أو غيرها من اللغات الأخرى هي مفتاح النجاح في كل المجالات الفكرية''، هذه الشخصية التي تتحدى أيا كان بلغته وبكلماته التي يتحدث عنها بداية من السياسي (إتيان براك) الذي يأتي إلى الحي البسيط الذي يسكن فيه أحمد والذي يحمل الكثير من التناقضات في كلماته، الصديق ''موستاش'' (برونو فتيان) الذي لم يستطع فهم أي شيء في نظرية ''تقاطع طريق سلسلتين مختلفتين من الأفعال'' التي يحاول من خلالها أن يقرب له معنى الصدفة التي يعلق عليها الكثير من الناس نجاحاتهم أو فشلهم، كما أعطى درسا لصديقته ''بيكات''، ذات الأصول الإفريقية في تحمل مسؤولية الأفعال والقرارات المتخذة، لكن نافيا في نفس الوقت فرضية التخيير في اتخاذ القرارات، مشيرا في نفس الوقت إلى التسيير، سواء من طرف أشخاص آخرين، أو الطبيعة أو قوى أخرى في أبسط قراراتنا، فلسنا مخيرين أبدا وفي أي فعل أو قرار نتخذه، بالإضافة إلى العديد من المشاهد التي أداها وحده في الحديث عن الفكر الفلسفي بداية من ديكارت ''أنا أفكر إذا أنا موجود'' الذي حاول أن يثبت عكسها على الأقل في فن المسرح. العرض وبالرغم من غياب الديكور، إلا أنه استمد قوته من قوة النص والأداء، كما أحب الجمهور بارتجال الممثل الرئيسي في بعض فترات العرض، وصفق طويلا للموسيقي عبدل صفصاف الذي رافق الفرقة بمجموعة كبيرة من الآلات الإيقاعية·