''المرأة اليمنية متواجدة بقوة بالمسرح اليمني، وقد أثبتت جدارتها بقوة، كما أنها استطاعت أن تحقق نجاحاتها من خلال تحررها من القيود المتعارف عليها''، هذا ما أكدته نرجس عباد المخرجة المسرحية في حوار ل ''الجزائر نيوز''· وفيما يخص القضايا التي يتناولها المسرح أكدت المتحدثة أنه لا يمكن الفصل بين الخشبة والقضايا الراهنة، معتبرة أن المسرح هو اختصار أمثل للكون الكبير الذي نعيش فيه· من المعروف عن المسرح اليمني أنه يعيش في بعض الأحيان حالات ما بين المد والجزر، فكيف هو حال المشهد المسرحي باليمن؟ المسرح باليمن يعيش تحت الظل، حيث لا يوجد مؤهلات تدفعه للقيام بعملية الإبداع، كما هو الحال في المسارح المعروفة، فالمسرح اليمني موجود كمؤسسة ثقافية، غير أنه لا يخضع لمقاييس الإبداع المتعارف عليها، والسبب في ذلك أرجعه إلى سوء المسيرين في المجال ذاته، فتقريبا هم غير مؤهلين لخوض ذلك، وبما أن المسارح باليمن تنتمي إلى المسرح القومي، فهي لا تتلقى دعما ماديا قويا، وهذا الأخير أثر بشكل سلبي على عملية الإبداع في الإنتاج المسرحي، والشيء الجميل الذي تتمتع به دولة اليمن، أنها تملك إطارات وكوادر بالمسرح، فمثلا إنني خريجة الإتحاد السوفياتي سابقا للمسرح، فإننا نعمل دوما على تحريك الفعل الثقافي والمسرحي هناك، وبما أننا موجودين كفريق متكامل فإننا نعمل جاهدين على الاشتغال على الأعمال المسرحية حتى ولو كانت بسيطة، غير أنه من أهدافنا الحقيقية خلق مسرح يمني متجانس المشاهد· بما أن المسرح اليمني يعيش حالة من التذبذب، ما موقع المرأة في الحركة المسرحية اليمنية؟ بخصوص المرأة، فإنها متواجدة بقوة في المسرح اليمني، وهذا رغم الضغوطات والعوائق التي تمارس من بعض الأسر باليمن، لكن هذا لا يمنع أنها أثبتت حضورها في كل المجالات تقريبا وعلى رأسها المسرح، والدليل على ذلك مشاركة فرقة موليير بالمهرجان الدولي بالجزائر، وأنها تحتوي على أكثر من عنصر نسوي، وبما أن المرأة باليمن تتميز بقوة شخصيتها وذكائها، فإنها استطاعت بسهولة أن تفرض نفسها بالميدان، عكس المرأة التقليدية السابقة التي كانت إما تختبئ تحت جلباب والدها أو جلباب زوجها، فالمرأة اليمنية اليوم تعيش حالات التحرر من القيود والتقاليد المتعفنة، لكن هذا لا يمنعها أن تبقى محافظة على كرامتها وأصالتها مهما وصلت بها درجة العطاء والتحرر· المسرح العربي في الوقت الراهن يعيش إرهاصات العولمة، برأيك ماهي معايير النهوض به دون أن يؤثر عليه بشكل سلبي؟ سعد وهبة المسرحي المصري له موقف من العولمة ويرى أن المسرح له أسس وجذور إنسانية، لا يمكن للمسرح أن يواصل مسيرته النضالية دون أن يخضع لإرهاصات العولمة التي بدورها تدفعه لمواكبة العصور في خدمة الخير والحب والوئام في نصرة البشرية· وبما أننا ننحدر من هذا الكون ونعيش العولمة بكل سلبياتها وإيجابياتها، فإننا مطالبين أن نخضع لها دون تردد، ولكن علينا بحسن الاختيار· قبل عقدين من الزمن كان المسرح يطرح قضايا الشعب، الفقر، القومية وغيرها، لكن بعد تراجع عهد الإيديولوجيات بعيدا عن القضايا الكبرى، وبما أنك خريجة المعهد الروسي للمسرح، كيف تفسرين ذلك؟ القضايا المعاصرة لا يمكن أن نتخلى عنها، كما أننا لا يمكن الاستغناء عنها، والسبب أن تلك الأخيرة تسيّر المسرح بحد ذاتها، وعليه المسرح قائم بقضايا اليوم ولا يمكننا من هذا المنطلق الفصل بين القضايا المعاصرة والخشبة، كما أنه لا يمكننا الفصل بين التوجه المسرحي كوجه إبداعي يخدم اليوم والغد ويؤسس للقضايا الإنسانية، تتطلع لكل ماهو إيجابي وفاعل من أجل راحة الإنسان أينما كان· ماذا عن المشاركة في المهرجانات الدولية والاحتكاك بتجارب جديدة؟ نحن اليوم في الجزائر، وقبلها كانت لنا بعض الزيارات والمشاركات المهمة في عدد من العواصم العربية والعالمية، في كل الأحوال هي تجارب جد مهمة، على سبيل المثال نحن اليوم من خلال التجربة الأخيرة في مهرجان الجزائر من المؤكد أن المسرح اليمني سيستفيد من المهرجان الدولي للجزائر الفريد من نوعه استفادة غير عادية، خاصة وأن الجزائر تملك تجربة جيدة في الميدان المسرحي وأقدمت أكثر من مرة على تظاهرات إبداعية غير عادية، وهذا يدل على أن الفنان الجزائري يتطلع دائما إلى اكتشاف كل ماهو مثير لتفعيل الحياة تفعيلا صادقا وإيجابيا، فالمسرح برأيي هو الاختصار الأمثل لهذا الكون الكبير الذي نعيش فيه بكل مقوماته الحياتية· وماذا عن المسرح الأوربي؟ الثقافة الأوربية أثرت بشكل مباشر من خلال تهميش الإنسان وجعل الآلة هي مصدر التفكير ومصدر موازاته المهنية التي كان الإنسان أولى بها، الأمر الذي كان له تأثير على كل شيء عربي ينبض في كياننا وحتى في ثقافتنا اليومية التي أصبحت صورة مطابقة للأصل لتراثنا العربي· ترجمة النصوص المسرحية من لغتها الأصلية إلى العربية ومحاولة إسقاطها على الواقع العربي في أغلب الأحيان يفقدها جماليتها ويجعلها من النصوص الجامدة التي لا معنى لها مثلما شاهدناه في بعض المسارح، ما رأيك؟ عندما يكون النص غير خالد سيفقد حتما كل معانيه، أما إن كان عكس ذلك فلا أعتقد، وعليه النص سواء كان عربيا أو أجنبيا فهو نص يستمد روحه من واقع حياة الإنسان، ثم إن الإنسان لا يخضع إلى التغيير مهما كانت الظروف·