ترى الروائية الناشئة ازدهار بوشاقور، أن الكتابة هي السفر إلى العالم الآخر واكتشاف تجارب من نوع جديد يمكن إلا للخيال والإبداع أن يختبرها، مؤكدة في هذا الحوار أن باب الأدب انفتح أمامها بعد جملة من القراءات في الأدب العالمي وتأثرها بأقلام إبداعية، الأمر الذي زادها ثقة لخوض التجربة الإبداعية. في هذا السياق، ترى أن هناك طاقة شبابية في الأدب الجزائري تبشر بالخير بالرغم من الصعوبات التي يعرفها مجال نشر وتوزيع الكتاب في الجزائر. بما أنك من الجيل الجديد في الكتابة الروائية، كيف كانت الانطلاقة في عالم الرواية؟ بصراحة، وجدت نفسي أجول بالصدفة في عالم الكتابة بحكم مطالعتي الكثيرة لأنواع الكتب، وجدت نفسي أدخل إلى عالم الكتابة دون استئذان، والشيء الجميل الذي ساعدني على خلق تلك الحميمة بيني وبين الكتابة يكمن في استمدادي بالشجاعة من تجارب الشباب الروائيين الجزائريين، فقد وجدت فيهم القدوة والدافع لأكون ضمن هذا الجيل الذي يسعى لإيجاد مكان له على الساحة الأدبية الجزائرية. هناك العديد من الأسماء الأدبية من الشباب التي باتت تؤكد على قدرتها ومستواها، وإن كان هناك الكثير من التسرع وعدم النضج في بعض المحاولات، لكن ما يهم هي مرحلة الانطلاقة والتواجد، لا بد من العمل ومن ثمة يكون النقد، من الجيد أن يهتم جيل الشباب من الروائيين بالقضايا الآنية. كيف تنظر الكاتبة ازدهار لفعل الكتابة، هل لك من طقوس أم أنه حالة واعية؟ مفهوم الكتابة بالنسبة لي عبارة عن تجانس إبداعي اختلطت فيه الموهبة بالإبداع أو بعبارة أخرى الكتابة هي تلك الفسحة النفسية التي أجد فيها نفسي، أجد المتنفس الوحيد للتعبير بحرية عن الأشياء، وبالتالي أغوص في داخلي للبحث عن طريقة تعاملي مع ما يحدث وما يدور حولي. أحب أن أتفاعل مع كل الأمور والأحداث والقضايا قبل مرحلة اختمار الفكرة وبعدها يعمل المبدع على تطويرها وإعادة إنتاجها أدبيا. كتابك الأخير ''كُبُّو'' من نوع فلسفي، كما أنه ثاني إصدار بعد ''لعب في مملكة الأحرار''، هل تفصحي للقارئ عن بعض ملامحه؟ أجل هذا صحيح ، فكُبُّو كتاب تأملي يعالج الشطر الأول فيه تقلبات الإنسان، كما أنه محاولة للإجابة عن بعض التساؤلات الوجدانية. أما في الشطر الثاني من الكتاب تحكي أحداثه مأساة إنسانية بطلها شخص يبحث عن ذاته في ركام الماضي، فبعد فقدانه لأفراد عائلته في زمن المجهول وجد نفسه يتخبط في معاناة الألم والنسيان، غير أن بطل الرواية بحكم إرادته القوية وإيمانه بالحياة، فضّل عدم الرضوخ للطبيعة وتجلى ذلك خلال قراءته للحياة بشكل إبداعي وحاول بإيماءاته المتعددة استخلاص الجمال الداخلي للنص مستغلا تصوير مشاهد الأحداث بطريقة متسلسلة تساعد على خلق عنصر التشويق والمتعة للقارئ. يقال إن الروائيين الجزائريين بالعربية خرجوا من جلباب الطاهر وطار، كيف تنظرين لمستقبل الرواية العربية في الجزائر بعد رحيل الأب الروحي؟ المرحوم طاهر وطار يعتبر من أوائل الكتاب باللغة العربية، كما أنه أعطى للرواية الجزائرية نوع من التكامل والتجانس، وهذا ما جعل الكثير من المبدعين الذين تأثروا به، ينسقون في الكتابة على طريقته، لكن هذا لا يمنع من وجود طاقات إبداعية جزائرية تحمل أقلام وأفكار رائعة، فكثيرا ما حركت بعض النصوص الجادة للجيل الجديد الجدل في أوساط المثقفين، وكثيرا ما غيرت بعض الأقلام المبدعة الآراء المغايرة، وكثيرا ما حرّضت بعض الأقلام لتغير بعض الواجهات في المشهد الثقافي، لكن كما سبق لي الحديث على هذه الأقلام، أن لا تكتب من أجل الكتابة وإنما تعمل جاهدة على صناعة الحدث المثير للنقد البناء. كيف ترين ازدهار مستقبلك في الكتابة؟ أتفاؤل خيرا بالكتابة في الجزائر رغم الصعوبات المترصدة بالحراك الثقافي، ثم إنني من الكتاب الذين يؤمنون بالكتابة من أجل المتعة والسفر بالنفس إلى عالم جميل. وبما أنني في سلك التعليم، أرى أن الكتابة تساعدني أكثر على تطوير ملكاتي الإبداعية وتلقينها لطلبتي.