يسألني ولدي علولة (5 سنوات) كل يوم وبإلحاح بابا متى تصلنا المظاهرات؟؟ وكل يوم أعطيه إجابة.. الأسبوع المقبل.. إنها في الطريق وقد تعطلت الحافلة.. سوف تصل أكيد لا تقلق عندما تصل مدينتنا ستأتي مباشرة إلى بيتنا.. الناس ملّت من الروتين ومن النشرات الإخبارية الرسمية ومن وجوه الحكام التي لا تتغير هذا في الجزء المظلم من كوكبنا.. في بلجيكا أيضا تظاهر الشعب طبعا بطريقة سلمية ومرحة كانوا يطالبون بحكومة وكانوا يضحكون والعشاق يحضنون بعضهم.. وآخرون يلبسون لباس المهرج.. وأحدهم يرفع لافتة مكتوب عليها نريد الفريت والبيرة وحكومة.. في بلجيكا لا توجد قوات مكافحة الشغب التي ترمي الناس بالقنابل المسيلة للدموع. في مصر الرئيس المخلوع مسبقا لا يريد أن يخرج من حياة المصريين.. وقد قالها له المبدع الفنان خالد يوسف.. يا ريس اذهب إلى شرم الشيخ واسترح هناك وريحنا معاك.. ولكن الرجل لا يريد أن يذهب ولا زال يحتقر الشعب ولا يعير اهتماما لكل ما جرى ويجري. ورغم أن الرجل مريض وبدأ يخرف إلا أنه ما زال مصرا على البقاء وعلى الصمود في وجه الشعب الذي كره من صوره ومن خطاباته ومن وجوده كله. المسلسل المصري يبدو أنه سيطول ومعه يطول انفعالنا كل يوم.. الأيام الأخيرة للدكتاتور تطول أكثر من اللازم.. تتمدد في أعصابنا وتزيدنا تضامنا مع المعتصمين في ميدان التحرير وكل ميادين مصر. ومع إلحاح علولة في أسئلته عن المظاهرات ومتى تصلنا.. تزداد حدة توترنا ويزداد العالم غليانا ويتحوّل ميدان التحرير إلى مركز العالم وقلبه النابض. ومع كل هذا تسقط كل يوم المزيد من أوراق التوت عن هذا النظام الذي طهر أنه هش وفاشي وأنه السبب في كل البؤس الذي يعيشه المصريون.. هذا النظام البائس المرتزق من جهد المصريين وعرقهم لا يريد أن يرحل ولا يريد لمصر الجديدة أن تولد من رحمها الطبيعي.. رحم الشعب الشاب الذي آن له أن ينتصر على كل الشرعيات البائسة الميئوس منها.