«مساجين الكدية استقبلوني بالأهازيج، ظننت نفسي في حملاوي، عشت مثل الملك والقوانين الداخلية غيروها لأجلي”“سجنت ظلما، أنا بريء من قضية تبديد أموال عمومية، ولأجل شرفي مستعد لأن أكشف كل شيء وأموت لنبدأ من اللقاء الأخير في البطولة إ. العاصمة – ش. قسنطينة في ملعب حمادي (بولوغين)، وهي المباراة التي كان يفترض أن تجري في وقت واحد مع لقاء و. تلمسان – م. وهران لكنك أخرتها ب 20 دقيقة، هل هذا صحيح أم لا؟ لماذا نؤخر اللقاء، حتى نعرف نتيجة المنافس؟ الأمر الأول لم نؤخره نحن، لأن رابطة العاصمة برمجت في الملعب نفسه مباراة في الكأس للفئات الصغرى، وبما أن الفيدرالية هي التي كانت مسؤولة عن البرمجة كان يحق لها إلغاء تلك المباراة أو تأجيلها أو حتى توقيفها. الأمر الثاني لو كان هناك تعمّد ومباراة مرتبة، لبقيت النتيجة (0-0) وسجّلنا بعد نهاية مباراة مولودية وهران منافسنا على اللقب، لكننا سجلنا في الدقيقة الخامسة عن طريق كاوة وبقينا ندافع عن النتيجة. حتى لو كان هناك تأخّر، فإن “الحمراوة” عند (د25) من مباراتهم كانوا يعرفون أنهم عليهم الفوز لكنهم لم يفوزوا في تلمسان رغم أننا حفزناهم بهدف كاوة (د5)، لهذا لم يكن لهذا التأخير أي تأثير، وأضيف لك أمرا. ما هو؟ أقسم بالله أن شباب قسنطينة في موسم اللقب لم يتآمر، ولكن تآمروا عليه، يمكن حتى أن أمنحك عدد استدعاءات الشرطة التي وصلتني، لو تأخذها إلى القيادة العامة للشرطة لتسألهم عن الفحوى منها لن يفهموا شيئا، ما عدا التأثير في الفريق، لقد مارسوا ضغطا رهيبا حتى لا نفوز باللقب. من قام بالضغط ومن كان المستفيد، هل هي الفيدرالية؟ أصلا لم تكن هناك فيدرالية لأنه كان هناك مجرد مكتب مؤقت “ديريكتوار”، الضغط كان ممارسا من أياد خفية، ولا يمكن أن تعرف من أين “تجيك الضربة”. أعطيك كل الأدلة أننا كنا ضحايا، وبعدد ركلات الجزاء التي صفرت لمنافسينا ومعطيات أخرى ربما نسيها حتى أنصارنا. هل هناك حكام عملوا ضدكم؟ في قسنطينة كانوا في المستوى لأننا في المقدمة، كان أفضل الحكام يديرون مبارياتنا، الحادثة الوحيدة التي حصلت في مباراة مولودية وهران، الحكم كان من المفترض أن يكون “نمس” بمساعديه، وبمجرد وصوله إلى مطار “السانية” كانت مجموعة في انتظاره أرادت الإعتداء عليه، فخاف على حياته وعاد إلى العاصمة، رغم هذا الفيدرالية لم تتصرف ثم عيّنت لنا حكما من وهران هو برملة، يعمل الآن في البنك الخارجي”bea” لوهران ويمكنكم الإتصال به. وقال لنا في اليوم الموالي: “الله غالب، هناك أمور خارجة عن طاقة البشر”، وحتى نحن لم نتكلم عليه ولم نبحث عنه، أقسم لك يومها أننا سجلنا قبلهم وأقسم أننا عادلنا الكفة وأقسم بالله ثلاثا أننا كانت لدينا ركلة جزاء لأن بوعبد الله أسقط ياحي في منطقة العمليات بسحبه من القميص، ولكن “ما عليش” لأنه في كرة القدم هناك حرية مناورة ويمكن أن تستعمل كل شيء، خاصة الحكم والتأثير فيه. أوساسي مثلا في لقاء عين مليلة والمولودية صفر ركلة جزاء ثم أصبحت مخالفة لعين مليلة، وضيع مستقبله لأنه بشر، كان يعرف أن التلفزيون متواجد لأنه في اللحظة التي كان فيها على الميدان لن ينفعه لا تلفزيون ولا كاميرا ولا حتى تطبيق القانون، فقرّر أن ينجو بجلده ولو تطلب الأمر أن يتوقف عن التحكيم. كنت وقتها تملك تأثيرا شديدا لهذا كان يخافك الحكام، هل تتذكر أنك نقلت 3 لاعبين من فريقك كانوا في الخدمة العسكرية إلى باريس، وهو أمر لم يسبق أن حدث؟ في 1997 خلال شهر ماي، البطولة لم تكن حسمت بعد، تنقلنا إلى باريس للعب دورة “بلاك ستارز” التي شارك فيها فريقنا مع جزر موريس، “بلاك ستارز فرنسا” (أصحاب البشرة السوداء) ومنتخب جزيرة غويانا، كان لدي 3 لاعبين في الخدمة الوطنية هم: عرامة، بودماغ والثالث نسيت اسمه، فتقدمت بطلب إلى وزارة الدفاع، المنتخب الوطني نفسه لم يتمكن من الإستفادة من الإجراء، لكن أنا عرفت أين أذهب ومنحت لي الموافقة عن طريق الجنرال العماري ولعب الثلاثة في باريس، في وقت أن مدرب المنتخب الوطني مهداوي اشتكى في تصريح لجريدة وقال لهم: “من غير المعقول أن نطلب فيزا مرور ولا نستفيد منها رغم أننا منتخب وطني في وقت أن رئيس ناد (كان يقصده) جلب لكل لاعبيه حتى المجندون منهم تأشيرة مدتها عام”، قبل ذلك عليكم أن تطرحوا عليّ سؤالا؟ ما هو؟ هو كيف أن شباب قسنطينة الذي بعض لاعبيهم عيونهم خضراء مثل غضبان، لعب دورة في باريس شاركت فيها منتخبات كلها بالبشرة السوداء وتسمى “بلاك ستارز”؟ أليس كذلك. إحتفالات عارمة عاشتها قسنطينة، أكيد أنك كنت فخورا في سن 32 سنة أنك حققت لهم اللقب الأول... (يقاطع)... الشعب الذي فرح “بصحتو”، ولكن شهادة للتاريخ.. الإحتفالات الرسمية قام بها من أرادوا أن لا يفوز شباب قسنطينة باللقب بالمال العام الذي بدّدوه وصرفوه على الاحتفالات والاستقبالات و«الزرد”، ميزانية أكثر مما صرفناه نحن لجلب هذه البطولة وأملك الدليل، ويمكن حتى أن أجلب لك رقم الفاتورة في مطعم بولفخاذ وقيمتها، وهذا هو “اللّي يغيض”. بعدها أصبحوا يحاسبون شباب قسنطينة، وعندما أقول جرّوا بوالحبيب إلى العدالة وافتعلوا له كل تلك المشاكل لم يكن ذلك محاسبة لي شخصيا ولكن للفريق، أنا كنت رئيسا بإسم الفريق. عندما تقول “راهم سرقو”، من سرق؟ أكيد أنه مسؤول شباب قسنطينة. هل تقصد الولاية التي قامت بكل هذا البذخ؟ أمنحك فاتورتين فقط في مطعم “بولفخاذ” قيمتهما مليار و400 مليون واحدة يوم 19 أوت 1997، والثانية يوم 28 أوت. لماذا احتفلوا في وقت كانوا ضد الفريق مثلما تقول؟ يسمى “البروتوكول” في لغة الرسميات، لا يمكن لك أن لا تحتفل ببطل الجزائر (يضحك)... لا نتكلم عن الحفلات الأخرى و«العرضات”، يومها تحطم شباب قسنطينة، لقد منحوا للاعبين منحة اللقب، في وقت أنا كنت متفقا معهم على أجرة ومنحة إمضاء واللقب كان مفروغا منه لأننا تعبنا وصرفنا وكان تحصيل حاصل، أنا مسير “تاع الصح مش تاع تمسخير”. كان من المفترض أن تلك الأموال التي صرفت على اللاعبين أن يأخذها الفريق حتى ينطلق ويحافظ بها على لقبه، لكنها أخذت وجهة أخرى ومن يومها ضاع كل شيء، صدقني أن الإحتفالات الرسمية كلّفت أكثر مما حققنا به اللقب، وفي النهاية أنا حوسبت وهم لا. هل تتحدث عن أطراف في الولاية أم... (يقاطع)... لا يمكن أن تعرف، فحتى هذه الأطراف التي تتكلمون عنها يمكن أن تكون مأمورة من الأعلى، الأسئلة هذه يجب أن تطرح على المعنيين، مثلا أنا أعطيك معلومة فاتورتين للإحتفالات بمليار و400 مليون من دفع الثمن؟ طبعا مديرية الإدارة المحلية (لادال) التابعة للولاية، وهنا السؤال يطرح على مسؤوليها في ذلك الوقت. قبل اللقب، ظهر صراع شديد بينك وبين الوالي السابق غازي الذي يرى البعض أنه سبب كل ما حصل لك، ماذا حدث؟ ما حدث قصة مرّ عليها 13 سنة. حتى لا أظلم الناس هناك أياد خفية هي التي حركت كل شيء ضدي، وأنا أصلا لا أخاف لكن عليّ أن أتحرى الصدق، وفي رأيي السؤال هذا يطرح على المعنيين لأنهم أحياء اليوم. أدليت بتصريحات هجومية وخطيرة جدا ضد رجل من رجال الدولة هو الوالي... (يقاطع)... كانت عبارة عن رد فعل.. عن ماذا؟ عن أمور معيّنة، أي تصريح أدلي به يكون رد فعل، تصريحاتي كلها تعقيبات حتى أزيل الغموض. أنا أستغرب أنه لم يسبق أن شاهدت فريقا يحتل المرتبة الأولى وبفارق 12 نقطة يتعرض لتلك الحملة، هنا سؤال كبير جدا جدا جدا (قالها 3 مرات) لماذا تلك الحملة الشعواء؟ حتى بعض الصحفيين كانوا يكتبون كأن الفريق في مؤخرة الترتيب، وقد قلت وقتها إنه أحيانا يجب أن نقلب الترتيب (يصبح شباب قسنطينة الأخير) حتى تكون تلك الكتابات موضوعية، هنا تعرف أن أمورا خفية حصلت. لا أدري ربما كانت هناك صراعات في تلك الفترة ونحن لا نعرفها، وكنا الضحية ونحن لا ندري، ربما أحرجنا البعض أو أزعجناهم. ممكن أن تصريحاتك وتحديك حتى لأطراف في الدولة يعرفها الجميع هي التي جلبت لك كل المشاكل، ما رأيك أنت؟ تصريحاتي أحتفظ بها وهي قصاصات بحوزتي إن أرادت الإطلاع عليها، لا تضر، أنا أهم شيء أني كنت غير متحزب وضد السياسة، كان يمكن أن أكون برلمانيا في ذلك العام، لم يكن لسيسبقني أحد سنة 1997 إلى الكرسي، لكني رفضته. هناك أمور خفية، ممكن أنهم موهوا بنا، ممكن أنهم مثلوا واشغلوا الرأي العام ب “سوسو” حتى يلهوا الناس عما يحدث في جهة أخرى. البلاد كانت تعيش أزمة طاحنة، وسط تجاذبات سياسية وأمنية، البعض يقول إلى اليوم إن الدولة كانت تتدخل وتمنح اللقب كل مرة لمنطقة، أحيانا الوسط، الغرب والشرق الذي جاء فيه دور شباب قسنطينة للتتويج، ما هو تعليقك؟ لم يحدث ذلك أبدا. كانت لدي في ذلك الوقت علاقات مع أشخاص نافذين في الدولة التي لم يسبق لها أن تدخلت في كرة القدم ويكذب من يقول لك العكس، الدولة تعرف شيئا واحدا أن المدينة التي تفوز باللقب يفرح سكانها، وعندما يفرح مواطني “بني مزاب” أو مستغانم فالأمر نفسه، لأن ذلك يتعلق بمكان في الجزائر، وعندما تُغيّر مكان الفرحة من عنابة إلى وادي سوف أعتقد أنه لا يوجد مشكل، بالنسبة للدولة كرة القدم مجرد أمر صغير مقارنة بإنشغالاتها ومشاريعها ومسؤولياتها. هذه ما هي إلا مزايدات، وللأسف في الجزائر هناك الكثير من الذين يتكلمون حيث أساؤوا استغلال حرية التعبير، لا يعجبهم أن تكون الأمور على ما يرام، سواء في الدولة أو الرياضة أو في الموسيقى أو حتى في المساجد، ربما هناك حتى أطراف خارجية وراء هذه المزايدات لأنه عندما تأتي إلى قسنطينة من 1993 إلى غاية 1998 الجزائر كانت في شلال من الدماء تعيش في حزن عميق، لكن لما تزور قسنطينة وملعب حملاوي في نهاية الأسبوع تقول “موحال” أن هذه البلاد فيها مشاكل، وهنا أقص لك قصة. تفضّل... جاءت صحفيون يمثلون صحيفة سويسرية إلى قسنطينة اسمها “لاكروا”، ولدي قصاصة منها ومن “الباريزيان” الفرنسية كتبوا: “من المستحيل أن يجتمع 50 ألف شخص في مكان واحد في ظروف مثل التي تعيش فيها البلاد”، هذا الأمر أزعج الكثير من الناس. من المستفيد مما وقع لك؟ أقول لك كلمة، أنا جزائري واحد ظلم وسط 36 مليون حكاية ليست لها قيمة كبيرة، ربما هناك من هم مظلومون أكثر مني، أنا خسرت 13 شهرا في السجن الإحتياطي ربما هناك من خسر حياته، وهناك من “راح” ب 20 سنة.. هذه الأمور تجعلك تستخلص الدروس، يجب أن لا نخطئ فيها في المستقبل. نتحدث الآن عن قضية إتهامك بتبديد أموال عمومية... القضية حساسة وأتمنى أن تكتب حرفيا ما أقول... الأسباب التي اقتدت إليها إلى السجن سأكشفها في الوقت المناسب ولدي الدلائل، وأُفرح من يحب “سوسو” أنه لن يطول الوقت لأكشفها. ما يمكن أن أرويه لكم هو كيف قادوني إلى السجن؟ القضية مفبركة والأدلة كثيرة تؤكد ذلك، أول شيء اتهامي بتحويل أموال عمومية، في وقت أن شباب قسنطينة يملك أموالا خاصة وليست عمومية، لأنه تابع لجمعية رياضية في وقت أن قانون تسيير الجمعيات الهاوية 90-31 مواده واضحة وتنص على أن أي مساس بأموال الجمعيات الرياضية هو خيانة للأمانة، كما أن من يملك الحق أن يتقدم بشكوى ضدي، قانونيا هي الجمعية العامة فقط، في وقت أن الشكوى جاءت من أطراف أخرى وهذا خطأ فادح. القضية مفبركة من طرف من؟ أعرف كل شيء ولكن في القريب العاجل أعدك عندما ننهي على الأقل فترة الذهاب بحوار في شكل قنبلة أكشف فيه الأسماء، حتى لا أؤثر على الفريق وأتفادى المتاهات، هذا ما سيكون في... (يعلمنا بالفترة ونحتفظ بذلك لأنفسنا). لكن نريد بعض الحقيقة الآن؟ العام والخاص يعرف أن ناديي قسنطينة، الشباب والمولودية، ينالان الإعتمادات نفسها، تلقينا معا الأموال نفسها في موسم اللقب 96-97، مليار لنا من الولاية ونفس الشيء وهكذا، النتائج كنا أفضل بكثير من جانبنا لأننا كنا أبطالا وهم لعبوا دون هدف واحتلوا المرتبة ال 11، كيف تتهم هذا الفريق أن أمواله حوّلت والفريق الآخر لا؟ طبعا المنطق يقول إن “الموك” فيها تحويل أيضا، ما داما يحصلان على نفس الأموال، ونتائجنا أفضل، أنا لا أتهم لكن أعطي مثالا بالفريق الجار لأنه أقرب ناد إلينا ويحصل على نفس ميزانيتنا، هنا أذهب بك أبعد من ذلك، فريقنا في ذلك الموسم كان يحتل المرتبة 13 من حيث المداخيل بين 16 فريقا في القسم الأول، معناه أن 12 فريقا حصلت على موارد أحسن منا، فكيف الفريق ال 13 يكون فيه تحويل للأموال العمومية ولا يحصل شيء لمسؤولي الفرق ال 12 التي صرفت أكثر منا؟ لا تحقيق ولم يبحثوا عنهم. ما دام وجدوا أن الفريق ال 13 فيه سوء تسيير، من المفترض أن تكون هناك حملة أليس كذلك؟ لكنهم لم يبحثوا لأنهم كانوا يريدون رأس إنسان واحد، كيف تدخل في عقلك أنهم يقولون إن “سوسو” كان يمنح الأموال للحكام والفرق الأخرى وهذه مصاريف لا تسجل في التقارير المالية، وهم بالتالي يعترفون صراحة أني صرفت أيضا من جيبي، في وقت أنهم أيضا يعتبرونني سارقا، هنا تناقض صارخ، يسمح لك بالتأكد أن القضية مفبركة الهدف منها بوالحبيب وشباب قسنطينة كان ضحية، وأمور خارجة عن نطاق كرة القدم، وأعطيك مثالا. تفضل... قبل السجن كان لدي أصدقاء أوفياء في أعلى السلطات، لا يمكن أن أكشف أسماءهم أعلموني أني سأدخل السجن، تلقيت اتصالا يوم 12 نوفمبر 1997 قال لي فيه أحدهم: “سوسو أنت ستدخل السجن يوم الجمعة 21 من هذا الشهر، في يدك فترة أسبوع حتى تُحضر نفسك وتهرب، هل فيزا جوازك سارية المفعول؟”. في قرارة نفسي لم أفكر تماما في الهرب رغم أن من أعلمني كان يقصد ما يقوله وأنا أيضا أعرف ذلك، كانت لدي فعلا “فيزا” ولم يكن لدي أي مشكل في الحدود، لأنه لم يصدر في حقي أمر بالقبض ومع هذا لم أفر لأني غير مذنب، لو فعلت شيئا كنت استفدت وغادرت الوطن بل ولكنت طلبت لجوءا سياسيا أعود به إلى الجزائر بعدها ولا أحد يمكنه أن يتنفس معي. هنا لا بد أن أذكر لكم موقفا مؤثرا، صارحت والدتي أني سأدخل السجن، قلت لها: “لا تقلقي والدتي، أنا سأدخل السجن يوم الجمعة، لكني سأخرج براءة ويظهر الحق”، لأنه مهما طال الزمن لا يمكن أن أبقى مسجونا كل الوقت. كيف عشت ذلك الأسبوع الذي كنت تنتظر فيه إيداعك السجن؟ عشته بطريقة عادية، اطمئنان تام، أنا بشر ومع هذا لا أخاف، وأوكلت أمري للقضاء والقدر، لا تهم كل هذه الأمور عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم. هل تتذكر يوم 19 نوفمبر أين سحبت منك الثقة، كيف كانت معنوياتك؟ كيف لا أتذكر؟ قمت صباحا في حدود الثامنة، نزلت إلى وسط المدينة اشتريت بذلة جديدة، حلقت ذقني، وها هي الصورة، قابلت الجميع وتكلّمت بشجاعة ولم أخف من أحد، وقلت ما في قلبي. ما أتأسف له أن هناك مجموعة من أعضاء الجمعية سارت ضدي وشاركت بالتالي في المؤامرة. يوم 21، حصل ما حصل. تنقلت إلى مركز الشرطة الولائي في “الكدية” بوسط المدينة، نقلني شقيقي بالسيارة، لأنه كان يمكن أن أذهب لوحدي لولا أني كنت أعلم أني متوجه إلى السجن، فكان من الضروري أن يأتي ليعيد السيارة إلى البيت، لبست بذلة خاصة بالسجن... (نقاطعه)... كيف ذلك؟ قسما عظما أنه كان لباس السجن. بعد يومي الأربعاء والخميس بالبذلة الجديدة التي كانت من “ماركة” عالمية، لبست بذلة جديدة كما لبست جيدا “باه ندفى”، أتذكر جيدا أني لبست قميصا من الصوف وسروال يقيني من البرد، وحملت بعض الأغراض، وهي أغراض نزيل في السجن، الدليل على ذلك أن من كان شريكي في ذلك الوقت وأيضا أمين المال عراس الذي رافقني وقتها إلى السجن، عندما رآني بذلك اللباس سألني: “هل هناك شيء ما، بهذا اللباس أكيد أننا سنذهب إلى السجن؟”. كيف تمت الإجراءات؟ كنت متعاونا ولم أحدث المشاكل مع الشرطة لهذا سرنا على أقدامنا إلى المحكمة، قدموني أمام وكيل الجمهورية في ذلك الوقت، حاول أن يهين كرامتي فردعته مباشرة، رددت عليه حتى أحفظ شرفي وقد كنت مستعدا أن أسجن مدى الحياة، قلت له: “القضية أكبر منك وخارجة عن نطاقك”، فصمت ولم يقل أي كلمة، النائب العام منحها إلى عميد القضاة “سي دالاش” رحمة الله عليه الذي رفض الملف، ومنه مباشرة إلى قاضي تحقيق آخر لا زال على قيد الحياة من قسنطينة أتحفظ عن ذكر اسمه رفضه بدوره. قاضي التحقيق الثالث كان جديدا في قسنطينة لم يمض على تواجده في المدينة أكثر من شهرين، فعرضوا عليه قبول الملف وقالوا له: “جاء دورك”، الملف كان مكتوب عليه: “مع أمر الإيداع” في الأعلى. دخلت عنده وحدي، ومباشرة قلت له إن قضية من هذا النوع تتطلب خبرة، لأن التهمة غير ثابتة وطلب الإيداع غير قانوني، ثم أجرى 3 أو 4 اتصالات لن أقول لك مع من، بعد ذلك قال لي كلمة: “الله غالب، أوامر من الأعلى”، لا زال على قيد الحياة وحتى لو ينفي أنه قال هذا الكلام، فهناك وثائق تثبت ذلك، كما أعلمكم بأمر. ما هو؟ لما بقيت شهرا في السجن وتم تعيين خبير لدراسة التقارير المالية. أول خبير برّأني، كان من المفترض أن قاضي التحقيق يبرئ ساحتي، ومن حق الطرف الآخر أن يقوم باستئناف، لكنهم داسوا على القانون وتركوني في السجن، ولما قلت له إن الإجراءات تقتضي أن أغادر “الكدية”، كرّر لي نفس الكلمة: “أواااااااامر” (قالها بعمق). وجدت نفسك في لعبة كبيرة؟ هذه لعبة قذرة... من يلعب لعبة كبيرة يذهب إلى محاربة إسرائيل، أو يخرج وطنه إلى مصاف الأمم الكبيرة، هذه هي اللعبة الكبيرة. ولكن أن تمسك مواطنا أفرح مدينة كاملة مدة 4 سنوات في سنوات الجمر وتزج به في السجن فهذه ليست لعبة وإنما انحطاط أخلاقي. هل يمكن لك أن تصف لنا ليلتك الأولى في السجن إن لم يثر ذلك إحراجا لك؟ لا، أبدا. الليلة الأولى لمن لا يعرف يمر كل سجين جديد بالقاعة رقم 5 حتى يتذوق طعم “الحبس” وهي عبارة عن زنزانة انفرادية، أنا قلت لك نفسيا أني كنت مهيئا لدخول السجن وجئت باللباس في وضعية استعداد، وصلت القاعة رقم 5 ودخلت، استلقيت ثم شاهدت فيلما في قناة أجنبية، ومباشرة وجدت نفسي نائما، في التوقيت الذي تعودت عليه لأن ضميري كان مرتاحا، كان ذلك في الحادية عشرة ونصف. السجان فتح الباب، وقتها لم يكن هناك من لا يعرف “سوسو”، مزح معي وقال لي السؤال الذي يطرح دائما على المساجين: “ماذا فعلت؟”. قلت له: “سرقت 7 ملايير من شباب قسنطينة”، ضحك وقال لي: “أنا أعرفك جيدا، من يسرق لا يقول إنه سرق، أنت مشكلتك مع رؤوس كبيرة في الدولة”. الأيام التي بعدها، كيف كانت؟ وضعت كما قلت لك في القاعة رقم 5 أنا وصديقي عراس، ثم أنا ذهبت إلى القاعة 4 وهو إلى القاعة 6 لأننا كنا لا زلنا في التحقيق والقانون يقول إنه يجب الفصل بيننا كمتهمين. أؤكد لك أني دخلت كأني في ملعب، أقسم بالله أن ذلك كان بالهتافات والأهازيج كأني في حملاوي، في ذلك الوقت كان هناك اكتظاظ في السجن، ويجب أن تنتظر شهرين أو 3 لتستفيد من سرير، منحوا لي كل شيء حتى “زاورة تاع النمر” (يضحك)، حتى الأكل الذي كان يأتي من البيت كنت أوزعه على الجميع لأنني لم أكن بحاجة إليه. كل مسجون يتلقى طعاما أيام السبت، الأحد، الاثنين والثلاثاء كان يدعوني والكل يتنافس عليّ. “كل يوم عرضة”، حتى السجانين 95 من المائة منهم كانوا من أنصار شباب قسنطينة، من سيحاسبهم داخل السجن، أحدهم يجلب لي السجائر وآخر المأكولات لأنهم يعرفون القضية، حتى مدير السجن يعرف القضية لأنهم لم يسبق في التاريخ أن رئيس فريق بطل الجزائر يدخل السجن لأنه سرق أموالا عمومية في الوقت أن فريقه هو النادي رقم 13 في الاعتمادات من بين 16. هل صحيح أنك شاهدت مباريات كأس العالم في السجن؟ (يضحك)... بعد 7 أشهر من السجن، جاء موعد كأس العالم 98 في فرنسا، قمت بطلب وقلت إنه لظروف إنسانية لا يمكن مشاهدة مباريات كأس العالم في تلفزيون بالأبيض والأسود، التلفزيون الملون كان ممنوعا، صدقني لا أدري كيف تم تجاوز الإشكال في ذلك الوقت وقُبل طلبي، لكن مدير السجن اشترط عليّ أمرا واحدا. أن تبقى القضية سرية؟ لا، لأنها كانت قانونية، بل طلب مني أن أشتري تلفازا لي وعددا آخر للمساجين وهو ما فعلته، هذا مثال واحد. هناك مأكولات لم تكن تدخل السجن، أنا طالبت بها واشتكيت وأصبحت تدخل على غرار السردين المصبر والتونة، فقاموا بدراسة النقطة وصارت المصبرات تدخل بصفة عادية لكل المساجين... صدقوني هناك قوانين داخلية في السجن غيّرت من أجلي. هل كنت تشعر بالظلم؟ صدقني، أقسم بالله أني بريء من كل القضايا التي لفقت لي، مثل براءة الذئب من دم يوسف. عندي الأدلة بحوزتي، كل القضايا التي حوكمت فيها استفدت فيها من البراءة، القضية الوحيدة التي أدنت فيها ب 3 سنوات سجنا هي قضية الغرامة المالية على مستوى مصالح الضرائب، أنا صدقني دخلني الشك وقلت ربما أن لدي قضية معهم وأنا لا أدري وقبلت الحكم وخرجت بالعفو عن الرياضيين من طرف رئيس الجمهورية، الذي بالدرجة التي أتكلم فيها عنه، لا يمكن أن أعطيه حقه... أعطيك مفاجأة. ما هي؟ لما غادرت السجن في القضية الأخيرة، وصلتني رسالة مجهولة فتحتها وجدتها من إنسان مجهول، يقول إنه يعمل في مديرية الضرائب، الرسالة فيها 78 وثيقة من التي ركزت عليها المديرية لإدانتي، قال إنها مزورة ومنحني المستوى الذي وقع فيه التزوير، حملت الوثائق وقمت بالمطابقة مع مصالح الجمارك، فوجدت مفاجأة عظيمة، وجدت الوثائق مزورة، مثلا أنا جلبت سلعة بمليار، في الورقة المزورة تجدها بمليارين، مديرة الجمارك أكدت لي أن الوثيقة صحيحة، الرقم كذلك، ولكن الرقم مدوّن بالخطأ في الوثائق التي تملكها المديرية. من هو المستفيد في هذه القضية الأخيرة؟ هذه القضية حصلت في نفس الوقت مع قضيتي السابقة، نفس الشهر، أمنحك أمرا مهما جدا. ما هو؟ أملك دليلا يؤكد أن ما تعرضت إليه هو مؤامرة حقيقية، أنا ولدت سنة 1964 وإلى غاية فيفري 1997 في استمارة معلومات الشرطة لا يوجد شيء، بل ولم أدخل مركز شرطة، حتى غرامة لا توجد، بين فيفري 1997 ونوفمبر من العام نفسه هناك 18 قضية، من المستحيل في عالم الإجرام أن إنسانا 33 سنة وهو مواطن صالح وفي أشهر يتحوّل إلى مجرم حقيقي ومن الدرجة الأولى، هل تعرفون ماذا كانت التهم؟ ما عدا تحويل أموال عمومية وقضية الغرامة المالية، لا علم لنا، هل لك أن توضح؟ الضرب والجرح، محاولة القتل، الهروب، كل شيء لفقوه لي، انقلبت من مواطن صالح إلى إنسان شرس في وقت أني كنت قريبا من التتويج بالبطولة، وهذا المثال يعطيك كل شيء، والحمد لله على كل حال. لو نسألك سؤالا بالعامية “على شكون توكل ربي”؟ كل من شارك في أزمتي، أناس كثيرون، أعرفهم جيدا، يمكن أن أثأر منهم لأنهم ضعفوا كثيرا، لكن حسبي الله ونعم الوكيل، هناك أشخاص مباشرون وآخرون مستعملون، “بزاف” وأملك الأسماء والأدلة، أنا لما لا يكون لي دليل لا أتهم.