في اتصال هاتفي مع عدد من شباب مصر في ميدان التحرير بالقاهرة وزميل صحفي مخضرم من حي المهندسين، علمت أن الشباب في الميدان ينظرون بحذر شديد إلى: 1 - المشير الطنطاوي وسائر ضباط أمريكا في الجيش المصري، ذلك أن حسني مبارك أكمل مسيرة سيده أنور السادات بالتخلص من ضباط أكتوبر الذين كانوا قد أشبعوا بالروح الوطنية المصرية والقومية العربية في عهد جمال عبد الناصر.. فكل الضباط الكبار الذين يحكمون الجيش هم من خريجي الولاياتالمتحدة ودول المتروبول الأوروبية والكثير منهم أعضاء في أجهزة الأمن الأمريكية وعلى رأسهم عمر سليمان. ويرى الشباب أن سياسة القفاز الناعم التي ينتهجها الجيش معهم في ميدان التحرير، إنما هي جزء من الاستراتيجية الأمريكية لاحتواء حركة الشباب ثم الإنقضاض عليها، والتخلي عن مبارك وربما عن عمر سليمان نفسه والإبقاء على نظام تزاوج الثروة والقوة، وبالتالي قطع الحركة على هذه الحركة للعبور نحو الثورة التي من شأنها الابتعاد عن كامب ديفيد وعودة مصر لقيادة حركة التحرر العربي والإفريقي الجديدة. وهنا ذكرني الشباب بتجربة ضباط فرنسا في الجزائر الذين استغنوا عن الشاذلي بن جديد وأبقوا على النظام. 2 - ويحذرون من الأحزاب السياسية بكل أطيافها وخاصة منها حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين وإرث هذه الأحزاب في التعامل مع الأنظمة المتعاقبة وفي ركوب موجات الغضب الشعبي واستنزافها في مكاسب حزبية بالغة التفاهة وعلى حساب الشعب والانتماء القومي لمصر ومكانتها في المنطقة لحساب قوى أجنبية بريطانية وألمانية ثم أمريكية.. ويرى الشباب أنه بإمكان هذه الأحزاب إجراء انقلاب داخلي وتستبدل قياداتها بقيادات أخرى، غير محروقة، وتسوّق خطابا إنشائيا جديدا لها؛ لتغيير رأس النظام، والإبقاء على النظام من خلال تكوين حزب جديد يديره الجيش نفسه، لأن هذا الجيش وجد نفسه في عهد مبارك معزولا عن السياسة لصالح الحزب الوطني ومموليه من القطط السمان؛ وهاهي فرصته تأتي لتكوين حزب سياسي يدير البلد من خلاله.. 3 - ويحذر شباب مصر في ميدان التحرير، من بعض الشخصيات الثقافية والعامة والتكنوقراط من الطامحين لوراثة السلطة، خاصة أولئك الذين جعلوا من أنفسهم (العقل المفكر للحركة) وهم لا دور لهم فيها، ويريدون منها أن تدفع ثمن حضورهم لبعض الساعات في ميدان التحرير. ويعمل هؤلاء على جرّ بعض الشباب لتشكيل ما يشبه (مجلس الثورة) ويركبون هذه الحركة. ويشخصن بعض الذين حادثتهم هذا التوقع بأسماء مثل الشاعر عبد الرحمن يوسف والروائي علاء الأسواني، والباحث عمر حمزاوي والدكتور حسن نافعة والمخرج خالد يوسف والسياسي أيمن نور، ويعتقدون أن الشخص الأخطر من بين هؤلاء هو عمرو موسى صديق شيمون بيريز رئيس إسرائيل وصاحب نظرية الشرق الأوسط الجديد. 4 - ويحذر الشبان من البابا شنوده الذي في أجندته أصلا إقامة دولة مسيحية قبطية في مصر، مما يفتح الباب لتقسيم مصر، خاصة وأن المؤتمر الأمازيغي الدولي ينتظر فرصة لسلخ واحة سيوة ومنطقة الفيوم لمحاصرة الجماهيرية الليبية، كما هناك البعض ممن يسعى لفصل منطقة النوبة المتاخمة للسودان، وبالتالي يرى هؤلاء الشباب إن البابا شنوده يتجه -بجدية- لأن يلعب دور البطريك صفير في لبنان الذي يلعبه منذ سبعينيات القرن الماضي ولم يهدأ لبنان حتى اليوم. وبسبب هذه التخوفات يقول الشباب إنهم يتمسكون بموقفهم بعدم مغادرة ميدان التحرير؛ بل ربما سيرفعون من وتيرة مطالبهم لتشمل الخروج من اتفاقية كامب ديفيد واستعادة مصر لدورها العربي والإفريقي وربما الإسلامي بديلا عن إيران، وبذلك يعبرون بحركتهم نحو الثورة، ويقطعون الطريق على ضباط أمريكا في الجيش وينهون دورهم السياسي المفترض، ويشجعون صغار الضباط على التحرك ضد جنرالاتهم، وبالتالي يضعون أمريكا ودول المتروبول والأنظمة العربية من جهة، والجماهير العربية والإسلامية من جهة أخرى، في مواجهة حضارية جادة، وبعيدا جدا عن فزاعة بن لادن ووحشية الإرهاب وتخاذل الأحزاب العربية المتواطئة أصلا. شخصيا، ليس لديّ تعليق على كل هذه التحليلات.. فاأنا لست في ميدان التحرير ..لكن ما رأي القراء؟