صبيحة الأمس، وأنا أخرج من مقهى بالقرب من جامعة بوزريعة بأعالي العاصمة، تفاجأت لأحد الشباب هو بصدد تنصيب طاولة، رفقة زميل له، على الرصيف المحاذي للجامعة· وتبين لي بعد الاقتراب منهما، أن الأمر يتعلق بطاولة لبيع الشاي· فقد قرأت على لوحة كبيرة عبارة ''شاي محلى بالعسل ب 15 دج''· كما شاهدت إبريقا نحاسيا قديما، بدا لي أنه جلب ديكورا· لم أطل النظر في الشابين وانصرفت، لكنه بدا لي أن الطاولة كانت كبيرة وتمتد على أكثر من مترين، الأمر الذي جعلني أقدر أن الأمر لا يتعلق ببيع شاي، كما هو الشأن بالنسبة إلى الباعة المتجولين الذين يحملون إبريق شاي فوق موقد فحم، على الأقل على المدى المتوسط· وربما سيرافق الشاي عند هذين الشابين، بيع الفول السوداني، ومكسرات أخرى، وقد يمتد الأمر إلى القهوة ومشروبات أخرى، وربما حتى ''الخفاف'' و''البنيي''· ولا أعتقد أن الأمر بعيد عن ذلك، فالذي يزور المنطقة يجد أن هناك طاولات أصبحت جزءا من النشاط التجاري بها، فهناك طاولتان لبيع المكسرات، وهناك مقهى بكامله بني على الرصيف المحاذي لبوابة الجامعة، يأخذ فيه الأساتذة والطلبة وحتى عمال الإدارة قهوتهم بها· المنظر ذكّرني بأيام وصول الفيس ''المحل'' إلى البلديات وإقدامه على إعطاء تراخيص للناس لإقامة أسواق شعبية وطاولات أينما وجدوا مكانا· وأذكر يومها أن هناك من نصب طاولة و''طابونة'' لبيع البوراك بالقرب من موقف الحافلات بشارع حسين عسلة غير بعيد عن محافظة الشرطة ''كافينياك''· أقول هذا، لأنني أعتقد أن مصالح بلدية بوزريعة ستجد عناء في نزع طاولة الشاي هذه من أمام الجامعة، لأن صاحبها سيطالب بمحل، بل وأكبر الظن أنه فعلها من أجل ذلك، وإلا هدد بالانتفاضة بعد أن سمع وزير الداخلية يقول ''إن محاربة الحكومة للتجارة الموازية إشاعة''· غياب الدولة يبدأ بشاي محلى بالعسل·