وصل الخلاف بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى درجة العداء التام، وانتشر بين جميع إمارات وممالك الخليج العربي· والسبب المباشر، موقف إيران من التدخل السعودي في مملكة البحرين· وقد ذهب مجلس الشورى الإيراني إلى وصف عملية قوات درع الجزيرة في البحرين بالغزو والاحتلال، على طريقة غزو الكويت من طرف الجيش العراقي في عهد صدام حسين في بداية التسعينات· ولم يفعل الإيرانيون سوى تبني رأي المعارضة·ومن المعروف أن كلمة غزو واحتلال وما إليها تعني بالضرورة ما يقابلها· وقد رأينا كيف أن المقابل لغزو الكويت حربا طاحنة كانت فاصلة في التدمير النهائي للقوة العسكرية العراقية· وقد يكون المقابل الذي يقصده الإيرانيون، في حالة البحرين، الدعوة إلى مقاومة هذا الاحتلال·وعندما ننظر إلى خارطة المنطقة نرى أن أزمة البحرين هي تكرار، في شكل مصغر، للأزمة في جنوب اليمن، ومقدمة لأزمة مماثلة في شرق العربية السعودية· وعلى الرغم من أن أصل المشكلة هو الصراع المذهبي بين السنة والشيعة، وعلى الرغم من وجاهة الشك في الدور الإيراني في تأجيج الصراع، إلا أنه من غير المنطقي أن يكون إيران هو السبب الرئيسي في الصراعات التي تشهدها البلدان العربية التي يتساكن فيها شيعة وسنة· فالتاريخ الإسلامي يقول لنا إن الصراع المذهبي، السني الشيعي هو الحقيقة الوحيدة الممكنة بين الطائفتين وأن التعايش بينهما صعب للغاية، وأن رفض هذا التعايش ليس خصلة شيعية خالصة وأن السنة هم أيضا يرفضونه·وأتعس ما يمكن أن يصل إليه الصراع، في زماننا، أن يتحول إلى حرب طاحنة بين اثنين من أكبر البلاد الإسلامية: إيران والعربية السعودية· نعم إن قيام حرب بين البلدين ممكن جدا، إذا عرفنا حجم التهم التي يكيلها كل طرف إلى الآخر·إنها الحرب التي يحلم الإسرائيليون أن يؤديها عنهم السعوديون مثلا، وهي الحرب التي يسعى إليها الأمريكيون، ولا أدل على ذلك من صفقات السلاح الرهيبة التي أبرمتها الولاياتالمتحدة مع المملكة العربية السعودية، وقال عنها المسؤولون الأمريكيون صراحة إنها من أجل تمكين أصدقائنا العرب من مواجهة الخطر الإيراني المتعاظم في منطقة الخليج العربي· كما مكنت الملايير العربية والسلاح الغربي من تحطيم القوة الإيرانية في وقت سابق أمام التصفيقات والتهليلات الأمريكو صهيونية· وقد نجح الأمريكيون في اقناع العرب، وبخاصة عرب المشرق العربي، أن البرنامج النووي الإيراني، موجه بالأساس ضد العالم العربي لا ضد إسرائيل، وأن قنبلة نووية إيرانية أكثر خطورة على الرياض والقاهرة منها على تل أبيب· ومن العجيب ما يردده بعض العرب من أن إيران هي التي قد تتسبب في سباق نحو تسلح نووي· أما مئات الصواريخ النووية الإسرائيلية فلا تشكل تهديدا للعالم العربي، ولا تتسبب في سباق نووي في المنطقة·