من ألقى القبض على لوران غباغبو، رئيس كوت ديفوار السابق: وحدات التدخل السريع الفرنسية أم جيش ''القوات الجمهورية'' الموالية للرئيس الجديد الحسن واتارا؟ الحكومة الفرنسية تتجاوز هذا السؤال لما تعتبره الأهم في المسألة كلها· بمعنى أن توقيف غباغبو يعكس إرادة الإيفواريين، ويضع حدا للعنف ويجنب البلاد الحرب الأهلية، ثم إنه، أولا وأخيرا، تحقيق لإرادة المجتمع الدولي· وإرادة الإيفواريين، حسب الفرنسيين، تعكسها نتائج الانتخابات الأخيرة كما أعلنتها اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات، أي فوز الحسن واتارا· وأما إرادة المجتمع الدولي فتعكسه ما قررته الولاياتالمتحدة وفرنسا وبعض دول الاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة· وأما تجنيب الحرب الأهلية فعلى اعتبار أن غباغبو أصر على البقاء على كرسي الحكم بالقوة· وكان من أجل ذلك مستعدا لإشعال حرب أهلية·لم ينظر الفرنسيون إلى ما يقوله القانون الإيفواري الذي ينص على أن إعلان نتائج الانتخابات من صلاحيات المجلس الدستوري لا لجنة مراقبة الانتخابات· وأكثر ما يتحجج به الفرنسيون أن المجلس الدستوري من تعيين غباغبو وأن كل أعضائه موالون له ويأكلون في يديه، ونسوا أن أعضاء لجنة مراقبة الانتخابات موالون للحسن واتارا· وعليه يكون الفرنسيون قد قرروا موقفهم انطلاقا من نصف المعادلة، ولم ينظروا إلى شطرها الثاني·وبسرعة كبيرة أغلقوا الملف مباشرة بعد التأييد الأمريكي، وأغلق بان كيمون، من جانبه، الملف بمجرد حصوله على تأشيرة الأمريكيين والفرنسيين، وقرر أن المسألة تتعلق بخرق للقانون الدولي·· ولم ينظر إلى ما يقوله الصينيون والروس والأغلبية الساحقة من الدول التي تشكل المجتمع الدولي· ولا تسل عن موقف بعض دول الاتحاد الإفريقي، فإنها جزء من المؤامرة كما كانت دائما· هذا زيادة على أنها -الدول الإفريقية- توقفت عند حدود الأزمة السياسية ولم تتجاوزها إلى استعمال القوة·وأمام إصرار غباغبو على معالجة المشكلة من حيث هي أزمة سياسية داخلية تحل كما يجب أن تحل من طريق المفاوضات أو عن طريق الحرب·· بدأت القوات الفرنسية في الكوت ديفوار عملية إعادة احتلال الكوت ديفوار، بأتم ما لهذه الكلمة من معنى، وتحت غطاء الأممالمتحدة والشرعية الدولية، فاحتلت المطارات والموانئ، وقصفت القوات الموالية لغباغبو، وانتهى بها الأمر، أمام فشل ميليشيات سورو، إلى اقتحام القصر الرئاسي بعد تطويقه لمدة أيام بالدبابات والأسلحة الثقيلة، وألقت القبض على غباغبو وسلمته إلى أعوان واتارا وسورو على طبق من ذهب، وصفقت هيلاري كلينتون وهللت: هكذا سقط الطغاة· ومع ذلك، وعلى رغم أنف الفرنسيين والأمريكيين، فإن الأزمة لن تنتهي، وأن شبح الحرب الأهلية لم ينقشع· ذلك أن نصف الإيفواريين، على الأقل، وبحساب لجنة مراقبة الانتخابات، لا يزالون موالين لغباغبو· زيادة على ذلك ما بدأت وسائل الإعلام تكشفه من جرائم تنسب إلى ميليشيات الوزير الأول المعروف بمساره الدموي منذ أكثر من عشريتين من الزمن·