قبل الحديث عن مضمون الحوار الذي ينقسم إلى حلقتين، ويصدر جزءه الثاني الأحد المقبل، لا بد من الإشارة إلى ظروف إجرائه، والعلة في ذلك أنه لم نكن لنعرج على الظروف لو لم تصطبغ بالاستثنائية· فبعد أن طالبت سونلغاز في مراسلة رسمية ''الجزائر نيوز'' بالتعجيل بهذا الحوار، الذي كان سيصدر عاجلا أم آجلا امتثالا للمهنية والاحترافية في إعطاء إمكانية التعبير للرأي الآخر، بعد سلسلة التحقيقات التي أجرتها حول عدة ملفات تخص المؤسسة· وصادف هذا الطلب، قرب موعد عرض الرئيس المدير العام نور الدين بوطرفة للحصيلة السنوية لسونلغاز الخاصة بسنة 0102، فكان من رأينا أن تكون الحصيلة مناسبة للحوار، الأمر الذي سعينا للاتفاق حول موعد محدد له خلال الندوة الصحفية التي نشطها الرئيس المدير العام، ولو أن العرض لم يرق للرجل الأول في سونلغاز· وتعزز هذا الشعور بعد مقابلتنا مع المكلفة بالإعلام والاتصال لدى بوطرفة التي أصرينا عليها بتحديد الموعد، حيث كانت إجابتها باردة بقولها (أرقامكم عندنا وسنتصل بكم حالما يتسنى ذلك)، وإذا راعينا ما تعنيه عبارة ''سنتصل بكم'' في الثقافة الإدارية الجزائرية، نقول أن تلك الإجابة كانت تراجعا دبلوماسيا عن الطلب· إلا أنه بعد أسبوع من الحصيلة، تفاجئنا مكالمة من مساعدة الرئيس المدير العام، المكلفة بالاتصال، تبلغنا فيها استعداد المدير بوطرفة لمقابلتنا، فما كان إلا أن نستجيب على الفور تمسكا بالمهنية والاحترافية، إلا أن لدى شروعنا في الحوار معه، يقول بوطرفة ''إن ما دعوتكم لأجله هو رغبتي في توضيح لا أوصي بنشره ويخص ملف السكن الذي كشفتم قائمة ممتلكاتي فيه وسبب لي متاعب''، واتفقنا على أن ننشر كل ما سيرد في الحوار دون أن نتطرق لتفاصيل ''قضيته مع السكن''، ورغم هذا الالتزام إلا أن بوطرفة كاد ينسحب من الحوار على مرتين بسبب بعض الملفات التي أثرناها معه، إلا أنه آثر في النهاية الاحترافية بكل شجاعة، وهو مشكور على ذلك·· الحلقة الأولى تخص السكنات والثانية ستخص سونلغاز ونشاطاتها، فتابعونا الأحد القادم أيضا· يتحدث بوطرفة في حوار مع ''الجزائر نيوز''، هو الأول من نوعه، حول السكنات التي تديرها سونلغاز وأثارت جدلا منذ أحداث حي سونلغاز ببن عكنون، قبل أيام قليلة، حيث يُطالب قدماء الشركة بقرارات استفادة من التنازل بالبيع على شاكلة سكنات سابقة، لكن يبدو أن الملف عرف حراكا وصراعا، إلى حد تدخل الرئاسة والمالية والداخلية والطاقة· كنت أود أن أبدأ معك من ملف المسؤولية في سونلغاز، لكن ما دمت تصر على أن تكون البداية من السكن، نقول لك هل من مبرر يقدمه السيد بوطرفة لما يسميه البعض تبديدا للمال العام في شراء سكن وظيفي إضافي، عندما جاء على رأس سونلغاز ولم يقطن المنزل ذاته الذي كان يقطنه سابقه، السيد بن غانم؟ كنّا ملزمين باحترام العقد الذي كان يربط السيد بن غانم، الرئيس المدير العام السابق لسونلغاز، وكان مضمونه أن يشغل بن غانم السكن الوظيفي للرئيس المدير العام لعامين متتاليين بعد مغادرته منصبه، وهنا أسألك بدوري هل ترى من المعقول أن أضع مدير عام سابق لسونلغاز في الخارج، وأحرمه من المسكن خلافا للعقد؟ بوطرفة له عقد عمل مع سونلغاز وعقده ينص على كل ما يوجد تحت تصرفي اليوم، وقد سبق وأن صادق مجلس الإدارة على شراء السكن الوظيفي الذي أشغله، وبالتالي المسألة لم يتم إقرارها بشكل انفرادي، وبالتالي الإجابة هنا تكون من سونلغاز وليس بوطرفة، تستطيعون محاسبتي فقط إذا سرقت أو خطفت في سونلغاز، ولا أدري لماذا هناك جدل حول أشياء هي اليوم تحت التصرف باسم القانون، ثم إن السكن الوظيفي هذا هو باسم سونلغاز وعندما أغادر لا آخذه معي. المسألة حسب العمال مسألة ترشيد نفقات، فهم يرونها تبديدا للمال العام من زاوية أن بوطرفة كان بإمكانه تجنيب سونلغاز شراء سكن وظيفي ثان لصاحب منصب واحد، بينما لم يكن بوطرفة يعيش ظرفا قاهرا يدفعه إلى وضع أموال الشركة في إجراء يضر بها ماليا ولا يخدم إلا مصلحة شخص واحد فيها؟ يا أخي، أنا عندي عقد عمل، ولماذا عليّ أن أسكن في داري ما دامت سونلغاز طلبت خدماتي كرئيس مدير عام، أنا أعتبر هذا التحليل مجرد كلام، وإذا كنا نتبع مثله، فإننا نسقط في الديماغوجية. وأنا هنا أعطي الحق للعمال من حيث أنهم يرغبون في الدفاع عن الشركة، لكن لا يجب إغفال القانون في هذه الحالة، وأذكر في هذا الباب أن سونلغاز كان لديها قرار يرخص ببيع الدار التي كان يشغلها بن غانم، واتخذ في الجمعية العامة. لكنها إلى اليوم لا تزال مغلقة وبحوزة سونلغاز، وأنتم اليوم على رأس سونلغاز منذ سبع سنوات؟ القرار اليوم تغيّر وسنقوم بمنحها لمديرية الشؤون الاجتماعية لتحوّلها إلى حديقة لأطفال عمال سونلغاز، والأشغال جارية فيها، ثم أقول لك شيئا آخر، هذا العقار الذي لم نبعه قد ترتفع قيمته في السوق؟ وهل ضمنت ألا تنهار قيمة العقار في الجزائر بشكل مفاجئ، ألم يكن ذلك مفاجئا في الولاياتالمتحدةالأمريكية وانطلاقة الأزمة كانت من العقار؟ وهل هذه المعلومات التي قلتها ستنشرونها.. السيد بوطرفة، ألسنا في حوار صحفي طلبته منّا مديرية الاتصال التابعة لكم، في مراسلة رسمية؟ (رغب بوطرفة في قطع الحوار، وقال لنا أكتبوا ما شئتم إذا.. قبل أن يتراجع عن موقفه.. أوقفنا التسجيل ثم واصل بوطرفة...). شاغلو سكنات حي بن عكنون يريدون أن يفهموا لماذا بوطرفة أوقف عملية البيع، وهل تؤكد أن إدارتك لن تطرد المتقاعدين بما أنك صرحت أنك تتحدى من يثبت عكس ذلك؟ ليس بوطرفة من أوقف البيع، ولن أطرد المتقاعدين، ونعم تحدّيت في الندوة الصحفية؟ لكن بحوزتنا محضر صاحبه يكشف عن هويته، وهو عز الدين دويب أحد الإطارات السابقة لسونلغاز، في إحدى الجلسات حول هذا الملف تؤكدون أنكم ستشرعون في إخلاء السكنات تحسبا لتنظيمها من جديد عن طريق عقود إيجار، ماذا تقولون في هذا الإثبات الذي يرد على تحديكم؟ ملف بيع السكنات فتحه قانون ,1981 ثم جمده رئيس الجمهورية. لكن هنا تحيلني على مشكلة جوهرية في الملف، السكان يعتبرونها سكنات اجتماعية ويستندون إلى قرارات الاستفادة التي لا تصنفها في خانة السكنات الوظيفية، بينما تعتبرونها أنتم عكس ذلك ؟ إنها سكنات وظيفية، والعمال باستطاعتهم قول ما يشاؤون، أنا كنت في مناصب مسؤولية منذ مدة طويلة في سونلغاز، وأنا أعرف طبيعة كافة القرارات. كانت القرارات تقول إن السكنات غير قارة وقابلة للإلغاء، وبالتالي إما لديّ 35 سنة خدمة في سونلغاز وأنا على علم بما يحدث أو العكس تماما. ليس هناك سكنات اجتماعية تمنحها مؤسسة، هؤلاء القاطنون في بن عكنون لم يكونوا في مواقع مسؤولية في الشركة تسمح لهم بمعرفة طبيعة الأمور والقرارات. قبل أن أتبوء المسؤولية كانت لديّ نظرة وعندما تبوأتها تغيرت نظرتي، وهذا أمر منطقي، لأن النظر من مختلف الزوايا والمواقع ليست واحدة. المؤسسة ممنوع عليها بناء سكن اجتماعي بأموالها، لأن الميزانية هي للنشاطات الإنتاجية، وبالتالي تلك السكنات إما سكنات مرافقة، حسب القوانين القديمة، وإما لاعتبارات الخدمة. وأين تصنفون السكنات التي منحتها الولايات لسونلغاز عبر الوطن؟ أملاك غير قابلة للبيع منحتها للمؤسسة وليس للعمال، وهم في خانة السكنات الوظيفية. قرار المنع تشترك فيه الرئاسة والداخلية والمالية والطاقة والمناجم، وهذا الأمر أبلغتهم به. لكن في 15 سبتمبر 2005 جاء تصريح بالبيع أطلقه الوزير شكيب خليل؟ القرار نعم موجود، ولكن كان يشمل 3 آلاف سكن تحوزه سونلغاز وليس حي بن عكنون فقط، وعندما جئنا نطبق القرار اصطدمنا بقضية طبيعة السكنات. وفي مراسلة من طرف أحمد أويحيى أجابنا بالسلب، وهو ما جعلنا نوقف القرار الذي اتخذه شكيب خليل. لكن لدينا مراسلة من أحمد أويحيى لكل المدراء والمسؤولين في المؤسسات العمومية تحصلنا عليها من طرف عز الدين دويب، تقول إنه يرفع التجميد وأن ملف بيع السكنات للعمال يتحمّل مسؤوليتها مسيرو الشركات العمومية بطريقة لا يجب أن تضر بالحظائر العقارية للشركات، لماذا لم تنفذوا عملية البيع بعد هذه المراسلة؟ في 2008 جاءتنا تعليمات تدفعنا للعدالة من أجل استرجاع السكنات. لماذا لم تبيعوا في 2005 بعد صدور قرار خليل؟ قرارات الاستفادة لم تكن منظمة والتقسيم كان منعدما. إذن خليل اتخذ قرارا فوضويا، ولم يكن مبنيا على علم تام بخبايا بالملف؟ خليل منح الموافقة المبدئية على البيع وليس الشروع في البيع. هذه قراءتكم الخاصة للقرار، لأن عبارة ''الموافقة المبدئية'' منعدمة في النسخة، ولهذا السكان لهم قراءة مختلفة؟ ليعلم السكان أن منفذ القرارات هو بوطرفة ومجلس الإدارة، وهذا فيه كثير من المسؤولية والعشوائية غير مسموح بها، فالبيع يحتاج لشرطين، فعدنا للجمعية. هل راسلتم كتابيا شكيب خليل وأبلغتموه بعدم قدرتكم على تنفيذ قراره؟ نعم راسلناه، السكان دائما مرجعيتهم قرار ,2005 والمشكل بالنسبة لنا وقع في 2008 وهي السنة التي تم فيها التراجع عن عملية البيع. لكن البيع تقرر مرتين في 2005 وفي 2006 بعد رفع أويحيى التجميد ولم تبيعوا؟ أنت تتحدث عن مراسلة أويحيى، وهذه المراسلة لم نرها، وأقول لك أيضا إن مراسلته في 2005 الخاصة بالتجميد أيضا لم نكن على علم بها؟ لكن أليس غريبا أن يكون رئيس مدير عام ثاني أهم مؤسسة في البلاد ليس على علم بمراسلة وزير أول حول ملف معني به مباشرة، وراسل لأجله كافة مدراء الشركات العمومية؟ من حقك أن تستغرب، لكن هذا هو الواقع. ومتى تفطنتم إلى وجود مراسلة من أويحيى حول الموضوع؟ في ,2008 والتجميد الذي كان موضوع مراسلة أويحيى الأولى، لفت نظرنا إليه ممثل أحد الوزارات المعنية بالملف، التي تمنع البيع بالتنازل، بعد أن راسل عدد من المسؤولين أويحيى في الموضوع. لكن هناك من يقول إن بوطرفة أوقف البيع في الفترة التي كانت تسمح بها القوانين بسبب رغبته في ضم 90 مسكنا كانت قيد الإنجاز في حي سونلغاز لدمجها في 2005 ومن ثمة البيع دفعة واحدة؟ أنا أكذّب هذه المعلومة، وهناك وثائق موجودة أستند إليها في حديثي معكم، منها مراسلة وزير الطاقة آنذاك لرئيس الحكومة، وأنا عندما أتحدث لا أخص بالذكر حي سونلغاز ببن عكنون، بل كافة السكنات المعنية عبر التراب الوطني والتابعة لسونلغاز. لو نخرج من المسألة الإدراية، من فضلك، صرّحت أنك على علم بمن يملكون فيلات، ولكنهم لا يزالوا يشغلون سكنات وظيفية في حي سونلغاز، لماذا لم تطردهم إدارتكم؟ لدينا قرارات بالإخلاء ونحن نتابعهم. إذن هناك تناقض، من جهة تطمئنون الشاغلين ومن جهة تتابعون البعض الآخر، لم أفهم؟ من أتحدث عنهم، البعض ممن يقطنون في الشاليهات ال ,17 ولدينا قرارات قضائية، ورغم كل اللغط الذي حدث كانت نيتنا أن نسرع دوما عملية البيع للسكان، إلى درجة أن خليل أراد الطعن في تجميد قرار الوزير الأول أحمد أويحيى بما أن القرار إداري قابل للتغيير من جهة، بالإضافة إلى الطعون والتظلمات التي أرسلها السكان، فكرنا حتى في العودة إلى الجمعية العامة لمجمع سونلغاز، وفي ظل هذا الجمود اهتديت إلى حل، وهو أن نكلف شركة ''سوبياك'' العمومية بحل المسألة عن طريق عقود إيجار مدتها 3 سنوات، ثم نرى بعدها كيف ستتطور الأمور، وبالتالي ليس من حق هؤلاء اتهامي بأنني أرغب في إخراجهم. من جهة أخرى، أشتغل على إيجاد صيغ لإبقائهم في السكنات، إلى درجة أنه قلنا إن قرار أويحيى غير قابل للتطبيق على سونلغاز، وقام خليل بمراسلة أويحيى بعد مراسلة ,2008 لكن أويحيى رفض أن يرخص لخليل، فوقع الانسداد، مادام القاطن يدفع إيجاره لا يوجد من يملك إخراجه. مدى الحياة؟ حتى يموت أو يكون له منزل، ونحن هنا بصدد حل مشكل وليس خلق مشاكل، وأقول بوضوح فليسكنوا ولكن دون أن يمتلكوا ما هم يشغلونه. وبعد الموت ما مصير العائلة؟ يبقى لذوي الحقوق بنفس الصيغة. لقد كان المتقاعدون خائفون بمجيئي في ,2004 وطلبوا مني في الإدارة أن أفصل في الملف، وقلت إنهم ماداموا يتحمّلون أعباء السكن من كهرباء وماء، فلندعهم، وإذا كانوا يريدون تصويري على أنني وحش فليس لديّ ما أقوله لك في هذا الباب. لقد منحنا هؤلاء وثيقة فيها شروط وكانت نيتنا حسنة في وقت أن ال 90 مسكنا كانوا شاغرين. لماذا يسكن عمال من سوناطراك ووزارة الطاقة في مساكن تعتبرها سونلغاز ملكا لها، في وقت هناك نظام داخلي ينص على وجود سلّم من الشروط التي يجب الاستجابة إليها للحصول على سكن وظيفي، ومنها أن يكون العامل في سونلغاز؟ سوناطراك منحت لنا أيضا أربعة سكنات في وهران، ومادمنا مؤسسات عمومية عاملة في قطاع الطاقة، فأين المانع، ثم إن هذا ليس جارٍ من أمس بل منذ مدة معمول به، وإذا كان هؤلاء يعتبرون هذا الموضوع إشكالا يحتاج إلى تطبيق القانون وإخراج كل من لا يعمل في سونلغاز، في هذه الحالة نحن مطالبون بإخراج من تقاعدوا أيضا.