إتفقت الفرق المسرحية المشاركة في الطبعة الرابعة لأيام مسرح الجنوب، في معرض توصياتها المرفوعة إلى وزيرة الثقافة، يوم الأحد، بمغنية، على حاجتهم للتأسيس لمهرجان وطني للمسرح في الجنوب، والتساوي في فرص التكوين والإعانات، قصد النهوض بالمواهب الكامنة في الجنوب، وفي انتظار استكمال مشروع المسارح الجهوية هناك· أسدلت مدينة مغنية، سهرة الأحد الماضي، الستار عن أيام مسرح الجنوب، بعد عشرة أيام من النشاط، أعاد للمنطقة حيويتها الثقافية، وأعاد الصلة بين المواطنين وقاعة العرض، حيث سجلت قاعة المركز الثقافي، طيلة الدورة الرابعة (17 - 27 نوفمبر)، مداومة الحضور على العروض، فامتلأت المقاعد بالشباب خاصة، فيما بقي آخرون خارجا يحاولون الدخول. مغنية المدينة الهادئة ظاهرا، والمشهورة بالحركة التجارية المشروعة وغير المشروعة، تحوّلت في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية ,2011 إلى فضاء مغاير للشهرة التي باتت تزعج أهلها، وتدفعهم إلى تأكيد العكس بإصرارهم على الفعل الثقافي، مهما كانت بساطته أو أهميته. وقد تم الاختتام بحضور مستشار وزيرة الثقافة خليدة تومي، بن عيشة، الذي أكد إعجابه بالقاعة وامتلائها عن آخرها، متمنيا أن تلحق بقطاع الثقافة، حتى يتم استغلال لما يجب أن تكون عليه، ولِمَ لا أن تصبح مسرحا لمدينة مغنية. من جهته، اعتبر إبراهيم نوال، المنسق العام لأيام مسرح الجنوب، أن الطبعة الرابعة نجحت في لمّ شمل الجمعيات المسرحية الناشطة، وتكوين عناصرها، على يد أساتذة ومسرحيين محنكين، كما سمحت بالتعمّق في النقائص المسجلة على مستوى كل فرقة، قصد إصلاح ما يمكن إصلاحه. قدم أعضاء الفرق المشاركة من عشر ولايات جنوبية، عرضا مسرحيا قصيرا، هو نتاج الورشات التكوينية التي استفادوا منها خلال الأيام، في التمثيل وفنون الكلام، وكذا النقد المسرحي· وعلى ضوء الندوة التي أحياها الروائي الحبيب السايح حول الصحراء والكتابة الروائية، قرر المؤطر علي عبدون، أن يطلق على العرض الاحتفالي عنوان االصحراء في انتظار الجلنارب، كناية على الحياة القاسية التي يتكبدها الفرد هناك، حيث العطش والزوابع الرملية، والحرارة الشديدة، وحيث الصمت الذي يحرك في النفوس الخوف والسكينة في آن واحد. وهي الفكرة التي تدور حولها كتابة السايح، الذي قال في صدى الأقلام بتلمسان، إن الصحراء علمته كيف يصغي لعظمة الخالق، وأكدت كم هو الإنسان هين أمامها حين تغضب. إختار عبدون أن يركز على الطلاقة في العرض، ليخلص الممثلين الشباب من سطوة الخجل، أو من القواعد الخاطئة في العملية المسرحية، لهذا بنى عرضه على الرمزية، على جلسة الشاي، بأكوابه الثلاثة، المرتبطة بتقلبات الحياة، الموت، الحزن، والحب··· وغيرها من المشاعر المبكية والسارة. وبين الكوب والكوب، يحتاج رجل الصحراء إلى كؤوس ماء، تزيل جنون الزوبعة الرملية، وتعيد للناجين النفس المتجدد، في غد أفضل. إجتمعت إذن، أدرار بتمنراست، والبيض، والنعامة، وورفلة، والوادي، وتندوف، وبسكرة، وبشار، والأغواط، فأصبحوا فرقة واحدة، احتفلوا بأيامهم المسرحية، لكنهم قبل أن يغادروا إلى ديارهم، طرحوا انشغالهم، أثناء الجلسات التي كانت تعقب العروض، حيث أكدوا على حاجتهم لمزيد من الاهتمام، والإصغاء وتسليط الضوء على ما يحدث في ولاياتهم، في وقت تعاني فيه أغلب الجمعيات من بيروقراطية الجماعات المحلية، التي لا تفرّق بين الجمعية الثقافية وبين الجمعيات الأخرى، فيصبح الفعل الثقافي ساعتها في قبضة المزاج الإداري. قرأ بومدين بلا، رئيس فرقة ''الملقي'' لتندوف، ونيابة عن الجميع، النقاط السبعة للتوصيات المقترح تبليغها لوزارة الثقافة، وأول نقطة ذكرها بلا هي: ''نأمل في تأسيس هذه الفعاليات الثقافية تحت اسم ''المهرجان الوطني للمسرح في الجنوب'' على أن ترشح الأعمال الثلاث الأولى مباشرة للمشاركة في المهرجان الدولي للمسرح ولو خارج المنافسة''، وهو طلب صريح لتطوير فكرة الأيام، والوصول بها إلى مستويات أخرى، حتى لا تضيع الجهود. كما دعت التوصيات إلى ما يلي: -- نأمل في نقل مكان هذه الفعاليات إلى إحدى مدن الجنوب على أن يكون ذلك دوريا في المدن التي تتوافر فيها الفضاءات المسرحية. -- إنشاء معهد جهوي للتكوين في الفنون الدرامية بإحدى ولايات الجنوب، وإتاحة الفرصة لممارسي المسرح بالجنوب للمشاركة في الدورات التكوينية المقامة داخل وخارج الوطن على أن تكون الشهادات الممنوحة في هذه الدورات التكوينية رسمية ومعترف بها، علما بأن مختلف ولايات الجنوب ستستفيد في الآجال القريبة والمتوسطة من مسارح جهوية. -- دعم الجمعيات والتعاونيات المسرحية ماديا ومعنويا خاصة منها التي تساهم حاليا في التأهيل الفني وتكوين الجمهور في أقرب الآجال. -- التوزيع المتكافئ لمشاريع الإنتاج المسرحي، حيث لاحظنا أن الفرق المسرحية في الجنوب لا تستفيد من هذه المشاريع إلا في النادر. -- رفع وصاية المسارح الجهوية على فرق الجنوب وإلحاق ذلك مباشرة بالمسرح الوطني أو بالوزارة الوصية لتفادي المتاهات البيروقراطية التي يمكن أن تنجم عن ذلك. -- التفكير في إنشاء دورة تصفوية مؤهلة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف بإحدى ولايات الجنوب.