برحيل الأستاذ عبد الحميد مهري، تكون الجزائر قد فقدت واحدا من أبنائها البررة، لقد كان مناضلا لا يكل دفاعا عن القضية الوطنية، ثم كان من حظه وحظ الجزائر أن شارك في كل المواعيد الحاسمة في تاريخنا المعاصر. لا شك عندي أن الأجيال السابقة واللاحقة ستذكر في الأستاذ عبد الحميد ولعه بقيم الحرية والعدالة، ودهاءه في التوفيق بين رغبات الذات ووجوب الإلتزام بمبادئ النضال الحزبي والسياسي. كما ستحتفظ الأجيال السابقة واللاحقة مثالا يحتذى وطريقا تسلك، فمن هذا المثال ومن هذه الطريقة نفهم خلقه الطبيعي الذي يروم الوسطية والإبداع. وهو لعمري، رجل ثقافة بحق، فقد فهم باكرا أن الإلتزام بمبادئ الأمة والدفاع عن أدق خصوصيات أفكارها لا يعني أبدا، الإنطواء على الذات ونفي ما لدى الآخر من إبداع. وكذا كانت شخصية الأستاذ عبد الحميد، مزيجا بديعا من حسنات شخصيتنا ومبادئنا، وما خالط هذا المزيج البديع من حسنات ثقافات أخرى، طعمت بتجارب سنين طوال اقتحمت الزمن وكتبت جزءا من تاريخ بلدنا. أما من الرجل، فلنا أن نذكر التواضع والسخاء، وأما من المناضل، فلنا أن نذكر الوفاء والثبات على المبادئ والمواقف. يتركنا الأستاذ عبد الحميد، والجزائر في مفترق طرق، وجيل نوفمبر الذي عرفه وناضل معه حيران، فبعد النضال والتضحيات والإستقلال، يأمل ذلك الجيل في أن تتحقق تلك الطموحات التي من أجلها ضحى وناضل. ولا يسعني إلا أن أتقدم لكل عائلة مهري ولحرمه وأبنائه وكل أبناء عائلته الكبيرة، أصدق العزاء وأبلغ المديح لفقيدهم وفقيدنا، رزقكم العلي القدير الصبر والشجاعة والسلوان. ''إنا لله وإنا إليه راجعون''. بقلم: علي بن فليس رئيس حكومة سابق