دعا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، في خطابه أول أمس للإعلان عن استدعاء الهيئة الانتخابية، الجزائريين إلى مشاركة واسعة في الانتخابات التشريعية المقبلة، قائلا ''إننا ننتظر من الناخبين والناخبات هبة صريحة إلى الإدلاء بكل سيادة بصوتهم الحر في التعبير عن الإرادة الشعبية'' ولا يجب أن يغيب عنهم أنهم يتحملون مسؤولية تفويض النيابة عنهم في التصرف في مقدرات البلاد وممارسة سلطة الشعب للمرشحين والمرشحات الذين سيرسو عليهم اختيارهم''· والأكيد أن عددا كبيرا من الجزائريين لم يتابع خطاب رئيس الجمهورية في التلفزيون، ولا سمع مقتطفات منه في الإذاعة الوطنية ولا قرأه أو قرأ تعليقات عنه في الجرائد، لسبب بسيط، لأن العديد منهم، في الأرياف والقرى النائية بالجبال، يعيش منذ أيام دون كهرباء، والعديد منهم لم تصله قارورة غاز البوتان والخبز والحليب، حتى تصله الجرائد· عندما أعلن، مساء أول أمس، عن خطاب لرئيس الجمهورية سيتوجه به للأمة، تضاربت الآراء حول فحوى الخطاب الذي لم يكن مبرمجا ولا منتظرا لدى الرأي العام، وكثرت التكهنات حول فحواه، لكن لا أحد قال إنه للإعلان عن استدعاء الهيئة الانتخابية، ليس لأنهم لا يعرفون أن الهيئة الانتخابية تستدعى -قانونا- قبل ثلاثة أشهر من إجراء الانتخابات، بل لأن الوضع الذي يعيشه الجزائريون هذه الأيام لم يكن ليترك لهم مجالا للتفكير في الانتخابات· الجميع اعتقد أن الخطاب سيكون استدراكا لما أهمله أو تفاداه أو نسيه أو تناساه اجتماع الوزراء الأخير الذي ركز على الانتخابات التشريعية المقبلة دون الإشارة لا من قريب أو من بعيد لما يعانيه الشعب في العديد من الولايات من جحيم أبيض· لقد تحاشى رئيس الجمهورية الحديث عن الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد والذي استدعى تدخل الجيش الوطني الشعبي لنجدة الجزائريين المعزولين في قرى ومداشر وحتى مدن لا تبعد عن عاصمة البلاد بأكثر من 200 كيلومتر، الذين لا يطالبون بأكثر من قارورة غاز تدفئهم وخبزا وحليبا يقومون به أنفسهم حتى تمر العاصفة· وهو أدنى سقف يمكن أن يطالب به المواطنون ويستجاب لهم، حتى يشعروا بالمواطنة ويقبلوا بأن نحملهم مسؤولية ''تفويض النيابة عنهم في التصرف في مقدرات البلاد وممارسة سلطة الشعب للمرشحين والمرشحات الذين سيرسو عليهم اختيارهم''· لقد أظهرت الحكومة، من خلال تصريحات كل ممثليها، أن رهان السلطة في الانتخابات التشريعية المقبلة هي نسبة المشاركة التي كانت دوما هاجسها وكانت دوما نسبتها تترجم يأس الجزائريين من السلطة والأحزاب على حد سواء· ولا ينتظر، بعد الذي يحدث، إلا أن تكون نسبتها بقدر درجات الحرارة التي يعيشها الجزائريون في هذه الأيام الباردة، فلا داعي للاندهاش·