وجه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مساء الخميس خطابا متلفزا بمناسبة الإعلان عن موعد الانتخابات التشريعية لعام 2012. هذا نصه الكامل: «بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين
أيتها المواطنات الفضليات أيها المواطنون الأفاضل
لقد تعهدت في خطابي يوم 15 فريل الماضي بمباشرة تعميق المسار الديمقراطي وتعزيز دعائم دولة الحق والقانون من خلال تمكين هيئاتنا المنتخبة من التمتع والاعتداد بمشروعية لا نقص فيها وتمكين المواطنين والمواطنات من المساهمة على أوسع ما تكون المساهمة في اتخاذ القرارات التي يتوقف عليها مستقبلهم ومستقبل أبنائهم . من أجل ذلك تم إصدار نصوص تشريعية جديدة شملت القوانين المتعلقة بالنظام الانتخابي والأحزاب السياسية والتنظيمات الجمعوية وتمثيل المرأة في المجالس المنتخبة وحالات التنافي مع العهدة البرلمانية وكذا قوانين الإعلام والبلدية والولاية. الآن وقد تم ذلك بناء على تجربة شعبنا ومن منطلق إرادتنا الوطنية وعلى ضوء ما ورد في الآراء والمقترحات التي عبرت عنها الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية وتنظيمات المجتمع المدني في المشاورات التي جرت على الصعيدين الوطني والمحلي حول الإصلاحات السياسية، أرى أننا قد هيئنا الأرضية التشريعية للدخول في مرحلة جديدة من الممارسة الديمقراطية.
أيتها المواطنات الفضليات أيها المواطنون الأفاضل
سنستهل المرحلة الإصلاحية الجديدة على بركة الله بإجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في إطار أحكام النظام الانتخابي الذي أصبح ساري المفعول وذلك في يوم 10 مايو 2012. إن هذه الانتخابات التشريعية تشكل استحقاقا مصيريا يفتح لنا الباب لاستكمال إعادة بناء الدولة الجزائرية بعد مرور خمسين سنة على استرجاع سيادتها، بحيث تصبح دولة تسودها الحكامة الفضلى والمواطنة الواعية في كنف العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني. لقد اتخذت كافة الترتيبات لضمان شفافية الانتخابات وستجري عملية الاقتراع والفرز تحت المراقبة المباشرة لممثلي المرشحين في جميع مكاتب التصويت. وستتكفل الهيئات الوطنية للمراقبة والمتابعة على التأكد من مراعاة قانون الانتخابات. كما للأحزاب والقوائم المستقلة المشاركة حق ممارسة التقصي والمراقبة في كل مرحلة من مراحل الاقتراع. وستسهر هي الأخرى على سلامة المسار الانتخابي من خلال تشكيلها للجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات التي ستؤدي مهامها بقوة القانون بعيدا عن كل وصاية أو تدخل وهي مسؤولة في ضبط الحملة الانتخابية الرسمية وعلى ضمان الإنصاف فيها بين المترشحين. وتنفيذا أيضا لأحكام القانون العضوي المتعلق بالنظام الانتخابي ستتولى لجنة متألفة حصريا من قضاة مهمة الإشراف على الانتخابات والنظر في سائر مسار الاقتراع من بداية إيداع الترشيحات إلى غاية إعلان النتائج من قبل المجلس الدستوري. اللجنة هذه مخولة عن طريق الإخطار أو بمبادرة منها لاتخاذ قرارات نافذة ضمانا لاحترام القانون من طرف الأحزاب المتنافسة ومن طرف الهيئات المكلفة بتنظيم الانتخابات. ملاحظون دوليون لمتابعة الانتخابات القادمة
أيتها المواطنات الفضليات أيها المواطنون الأفاضل
لقد قررنا دعوة ملاحظين دوليين لمتابعة الانتخابات القادمة. وقد قامت الحكومة بتوجيه الدعوة لعدد من المنظمات الدولية التي ننتسب إليها بالعضوية أو الشراكة لإرسال ملاحظيها إلى الجزائر. كما تم توجيه الدعوة لنفس الغرض إلى بعض المنظمات غير الحكومية.
أيتها المواطنات الفضليات أيها المواطنون الأفاضل
تتحمل الهيئات الإدارية في الوطن مسؤولية ضمان حياد أعوانها حيادا تاما في كل ما يتعلق بالانتخابات. كما يتعين عليها التأكد من التعاون التام للإدارة المحلية مع الهيئات الوطنية لمراقبة الانتخابات والإشراف عليها ومع الملاحظين الدوليين في كنف احترام القانون. وعلى كل مسؤول أو عضو في الحكومة أو موظف سام أو إطار مسير في مؤسسة عمومية يترشح للانتخابات التشريعية المقبلة أن يلتزم بالامتناع عن استعمال وسائل الدولة أثناء حملته الانتخابية وعن القيام بأية زيارة عمل إلى الولاية التي يترشح فيها.
أيتها المواطنات الفضليات أيها المواطنون الأفاضل
الديمقراطية التي نروم بناءها تمر عبر المشاركة الحرة للمواطن في الحياة السياسية التعددية من خلال مساهمته في الأنشطة الحزبية وممارسته لحرية التعبير واحتكامه إلى صندوق الاقتراع وعبر تجنيب مقدسات الشعب وثوابت هويته المزايدة والمتاجرة بها. وأنتظر من الأحزاب السياسية والنقابات وتنظيمات المجتمع المدني أن تعمل سويا على تعبئة الناخبين والناخبات ولا سيما الشباب منهم من أجل القيام بما توجبه المواطنة النصوحة الصادقة من إقبال على الوفاء بالواجب المدني والسياسي واختيار للبرامج والرجال والنساء والإدلاء بحكمهم في صلاحهم وأهليتهم. دور الأحزاب السياسية في تحقيق مصداقية الانتخابات التشريعية المقبلة وجدواها واحترام ضوابطها بلا استثناء دور لا بديل عنها فيه يتمثل في إعداد برامج جادة مجدية تتساوق حقا وانشغالات المواطنين وفي انتقاء وتزكية المرشحين والمرشحات القادرين على أداء المهمة النيابية حق أدائها وفسح المجال رحبا أمام المرأة والشباب بما يمكن من إثراء التركيبة البشرية لمؤسساتنا الدستورية بالكفاءات النسوية والشبانية. إننا ننتظر إذن من الناخبين والناخبات هبة صريحة إلى الإدلاء بكل سيادة بصوتهم الحر في التعبير عن الإرادة الشعبية. ولا يجب أن يغيب عنهم أنهم يتحملون مسؤولية تفويض النيابة عنهم في التصرف في مقدرات البلاد وممارسة سلطة الشعب للمرشحين والمرشحات الذين سيرسو عليهم اختيارهم.
منافسة على أفضل البرامج وخيرة النخب أيتها المواطنات الفضليات أيها المواطنون الأفاضل
لا نريد الانتخابات التشريعية المقبلة مجرد منافسة من أجل الفوز بالمقاعد، بل تسابقا من أجل ترجيح أفضل البرامج وخيرة النخب الجديرة بالنيابة عن الشعب بأمانة وكفاءة وذلك من خلال التفعيل الأمثل للنصوص التشريعية ذات الصلة قصد التوصل إلى تنصيب مجلس شعبي وطني جديد ثم الانتقال إلى الخطوات الإصلاحية الموالية وإنجاحها إنجاحا يليق بمقام بلادنا وتضحيات شعبها. إنني أتوقع من الجميع ما سيزيدني اعتزازا بالشعب الجزائري الأبي بكل فئاته وأحزابه ونقاباته الملتزمة بوطنيتها وشبابه المتوثب للنهوض بمجتمعه وذلك ثقة مني بأن المؤسسات والهيئات وجميع الفاعلين السياسيين سيقومون بدورهم على أتم وجه وفي الإعداد الجيد لممارسة الشعب سيادته في كنف جو لا مكان فيه لزرع الريبة والبلبلة. إن هؤلاء ملزمون بتحمل مسؤولياتهم باستيفاء كل ما تقتضيه الانتخابات النزيهة من شروط المنافسة الحرة الشريفة والتصدي الحازم لكل أنواع الإخلال بضوابطها. ومن الشباب الغيور على وطنه أنتظر أن يغتنم هذا الموعد الانتخابي الحاسم ليثبت حضوره فيه ناخبا ومنتخبا معززا بذلك انخراطه في عملية بناء حاضر وطنه ومستقبله. ولما كنت أولي نفس العناية للمواطن المقيم خارج الوطن وذاك المقيم داخله فإنني كلي ثقة أيضا في أن جاليتنا في الخارج ستعرب في الموعد الانتخابي القادم عن ارتباطها بوطنها بمشاركة مشهودة إن شاء الله مشاطرة شعبها سعيه الجماعي في سبيل بناء دولته القوية ومواصلة نهوضه التنموي.
أيتها المواطنات الفضليات أيها المواطنون الأفاضل
بعد الوفاء بما التزمت به أمامكم بخصوص استكمال بناء دولة الحق والقانون وتعميق المسار الديمقراطي من خلال تنظيم مشاورات واسعة مع الفعاليات السياسية الوطنية والمجتمع المدني وإصدار العدة القانونية الضرورية وتوفير الشروط الملائمة نحن بصدد القيام بهذه الخطوة الأولى المتمثلة في تنظيم الانتخابات التشريعية القادمة. ويبقى علينا جميعا أن نكون في مستوى هذا الاستحقاق الفاصل بإقبال جماعي حاشد على مكاتب الاقتراع والخروج بمجلس شعبي وطني يتمتع بالشرعية والمصداقية وكفيل بإعطاء دفع نوعي في سبيل إنجاح الاصلاحات - بما في ذلك التعديلات الدستورية - المعتمدة في مسيرة بلادنا نحو الغد الأفضل.