تقليد جميل يتبعه مهرجان سيدي بلعباس للمسرح المحترف، منذ انطلاقه في الثامن أفريل الماضي، وسيتواصل إلى الرابع عشر من الشهر نفسه، حيث تتواصل الفعالية في أجواء حزينة، بعد رحيل الرئيس الأسبق ''أحمد بن بلة''· يميط النقاش في كل مرة على حالة واقعية لممارسي الفن الرابع في الجزائر، سواء جمعيات أو تعاونيات، الإختلاف واضح في الإمكانات والقدرات أيضا، رغم اشتراكهم في حب الخشبة· وقد اتضح جليا أيضا تباين مستوى العروض، ولم نفهم على أي أساس تختار أعمال لا ترقى إلى المنافسة التصفوية، وعلى أساس تختار الولايات الأعمال التي ستمثلها في السباق الجهوي، وهل يتصرف القائمون على المهرجانات الجهوية، من محض التكافل الاجتماعي، أم أن هناك معايير تحترم، تضع في الحسبان الانشغال برفع مستوى المحترف وطنيا· قادة بن شميسة: لا يمكنني أن أخدش حياء الجمهور قال قادة بن شميسة، إنه حاول تركيب نص فيرناندو آرابال بطريقة تليق بنظرته الخاصة للفن عموما وللمسرح على وجه التحديد، وأنه لم يتوصل إلى الشكل النهائي للمسرحية المقدمة بسيدي بلعباس، إلا بعد قراءات متعددة عن آرابال ونصوصه المتنوعة في المسرح والرواية والسينما· حيث يعكس قلم الكاتب الإسباني، حالة الإضطهاد الممارسة على الفنانين، كما يتحدث عن الهجرة والمنفى، وعن الحرية الفردية والفكرية· ورغم المكانة المقتدرة التي احتلها آرابال في سجل المسرح العالمي، إلا أن قادة بن شميسة لم يأخذ كل ما جاء في ''الحبل المتهدل'' أو ''القطار الشبح''، وقد أوضح في رده على سائليه قائلا: ''أخذت الجانب الإنساني في هذا النص، لأنه ينطبق على كل الحالات الإنسانية مهما كان مكانها وزمانها، واعترف أنني أهملت جانبا ثانيا، له علاقة بميولات آرابال ذاتها''، في إشارة منه إلى الحياة الجنسية التي كان يدعو لها الكاتب في إطار نظرته العبثية للحياة، ويبرر قادة ما أسماه بعض الحضور ب ''الرقابة الذاتية'' بالقول: ''أنا أحترم نفسي وأريد للجمهور أن يحترمني كذلك، ولا أحب بدوري أن أخدش حياء المتفرج الجزائري''·يصف بن شميسة نفسه كالآتي: ''مخرج يحب أن يعمل بالعواطف، ويوظف كل الأحاسيس التي بداخله للتعامل مع الشخوص التي في النص''، لدرجة شعر أنه الأب والإبن في هذه المسرحية· فرقة ''النواة'' تفشل في تعويض ''الموجة'' اعترف ''محمد يدو'' بالظروف الصعبة التي حضرت فيها مسرحية ''منطق الحب والحياة''، كان أداة دفاع هذا الشاب ومجموعته، التي تعثرت أثناء مرورها أمام لجنة تحكيم مهرجان سيدي بلعباس للمسرح المحترف· كل المعطيات تؤكد أن ''يدو'' ورفاقه ليسوا مؤهلين بعد لخوض تجربة المحترف، ومع ذلك أختيروا ليمثلوا ولايتهم وليقفوا إلى جانب فرق أخرى لها من المؤهلات والمقومات ما يضمن لها تأشيرة المرور إلى مهرجان العاصمة· ''يدو'' قال ''أنا لم أكن في المستوى''، وأضاف، أنه ضبط الإنارة في آخر دقيقة، وفهمنا من كلامه العراقيل التي واجهها مع المسؤولين التقنيين التابعين للمسرح الجهوي، فلم يجد يدا تساعده أو ''تعلمه'' سرا من أسرار فنون العرض· تعاونية ''النواة''، لا تملك قاعة، تتدرب في محل عادي يصلح لأي نشاط ما عدا الفن الرابع، لا يعملون تحت إضاءة واحدة· عندما وقف محمد على الخشبة، تفاجأ بإنارة غير المتفق عليها، وبموسيقى تنطلق وهو يتحدث، توقف تفكيره فنسي أكثر من مقطع من الحوار هو وزميلته، إرتباك شديد عاشه هذا الشاب القادم حديثا إلى المسرح· مع أن كل المؤشرات الأولية كانت تقول أن ''النواة'' لم تصل بعد إلى مرحلة المحترف، ومع ذلك تغير رأي المحافظة بعد أن كان سلبيا انقلب على مرمى يومين من الانطلاق باستدعاء للمشاركة، بدل ''خيال'' سليمان حابس نص سليم سوهالي؟ ''هابيل···'' يقيس مقاومته في الزمن قال عز الدين عبار، مصمم مسرحية ''هابيل'' لفرقة ''تنهينان''، أن قرار العمل على نص ''احميدة العياشي''، مرده إلى رغبة الفريق في ''قياس مدى مقاومة النص لمتغيرات الزمن، وبعد 15 عاما'' أي هل ما زال النص يطرح نفس الإشكاليات والانشغالات التي حكت الفرد الجزائري في التسعينات من القرن العشرين، وهل الأجواء التي رسمها الكاتب، من وجهة نظره الخاصة، وكونه فاعل في المجتمع، وواحد ممن تعرضوا بشكل أو بآخر إلى الضغوط النفسية والجسدية، وذاق من مرارة الخوف الذي ولدته الجماعات الإرهابية، كما أوضح ذلك ''العياشي'' في تدخله وشرحه لحيثيات ولادة النص· لهذا جاءت المسرحية حسب عبار، عبارة عن مقاطع أو شظايا، تعكس كومة من الأحاسيس بين الشخصيتين المتصارعتين على الخشبة· عبار قال أيضا في النقاش المفتوح، إن استخدام تقنية معينة من الإضاءة دون غيرها، وتركيزه على السواد يتناسب مع ضرورة النص، الذي تدور أحداثه في فضاءين: حقيقي واقعي وخيالي إفتراضي·