الحمد لله الرحيم الغفار، الكريم القهار، مقلب القلوب والأبصار، عالم الجهر والأسرار، أحمده حمداً دائماً بالعشي والإبكار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنجي قائلها من عذاب النار، وأشهد أن محمداً نبيه المختار صلى الله عليه وعلى أهله وأزواجه وأصحابه الجديرين بالتعظيم والإكبار، صلاة دائمة باقية بقاء الليل والنهار. أما بعد.. العدل من الأسس التي عليها عمار الكون، وصلاح العباد، لذا حث عليه الإسلام وجعله أساسًا للحكم بين الناس، ''لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس''، والله سبحانه وتعالى هو الحكم العدل المقسط، فهو سبحانه لا يحكم إلا بالحق، ولا يقول إلا الحق، ولا يقضي إلا بالحق. وقد نفى سبحانه الظلم عن نفسه، وحرمه على عباده، فقال تعالى: ''وما ربك بظلام للعبيد'' (فصلت: 46)، وقال في الحديث القدسي: ''يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا'' رواه مسلم. والله سبحانه وتعالى هو الحكم الملزم حكمه كونًا وشرعًا، وشرائعه سبحانه عدل كلها، فلا خير إلا فيها، ولا عدل إلا بها: إن الحكم إلا لله، أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم. والإمام العادل هو الذي يتبع أمر الله وحكمه، فيضع كل شيء في موضعه من غير إفراط ولا تفريط، وكل ميل عن الشرع فهو ميلٌ عن العدل وإقرار للظلم الذي هو ظلمات يوم القيامة. ودستور المسلمين يحث على العدل والإحسان، وينهى عن المنكر والبغي ''إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون'' ويأمر الحكام بآداء الأمانات إلى أهلها والحكم بين الناس بالعدل، ويحث الرعية على طاعة أولي الأمر ''إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا'' (58)، ''يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا''. ويحث على العدل في المقال- القول- والعدل في الفعال- العمل-: ''يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا'' (النساء: 135)، ''وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا''، والتزام العدل واجب حتى في الفتن والاقتتال بين المسلمين ''وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين''. وواجب على المسلمين أن يلزموا العدل حتى مع الأعداء، فلا تكون عداوتهم وبغضهم سببًا في ظلمهم، لأن المسلمين هم حملة المنهج الرباني الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ليقيم العدل ''يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون''. ولما رأى المسلمون ما حدث بقتلاهم يوم أحد من تمثيل قالوا لو أصبنا منهم يومًا من الدهر لنزيدن عليهم، فأنزل الله: ''وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين'' رواه عبد الله بن أحمد، والطبراني، وقال ابن حجر في الفتح، وقد ذكر روايات ضعيفة في هذا الباب، وهذه طرق يقوي بعضها بعضًا. وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم فضيلة العدل والإمام العادل في أحاديث كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: ''سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل''. متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: ''المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا''. رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: ''إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلسًا إمام عادل، وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدهم عذابًا إمام جائر''. (الترمذي)، والبغوي في شرح السنة بعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة إلى أهل خيبر يخرص عليهم ثمارهم وزروعهم، فأرادوا أن يقدموا إليه رشوة ليرفق بهم، فقال لهم: والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إليّ، ولأنتم أبغض إليّ من أعدادكم من القردة والخنازير، وما يحملني حبي إياه، وبغضي لكم على ألا أعدل فيكم، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض. (أبو داود وابن ماجه بسند حسن، ورواه مالك في الموطأ مرسلاً). وجاء جعدة بن هبيرة إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين، يأتيك الرجلان أنت أحب إلى أحدهما من أهله وماله، والآخر لو يستطيع أن يذبحك لذبحك فتقضي لهذا على هذا؟ فقال علي: إن هذا شيء لو كان لي فعلتُ، ولكن إنما ذا شيء لله. لا أسود ولا أبيض بيننا في شرعنا فتاة قالت لشخص أسود يا أسود بنوع من السخريه فانظروا بما أجابها: تقولين أسود؟ تقولين أسود؟ وكل من يزور الكعبة يقبل لوني بانحناء السواد هو صندوق سر لرحلات الفضاء. السواد هو بترول مبدل صحاريك لواحة خضراء لولا السواد ما سطح نجم ولا ظهر بدر في السماء. السواد هو لون بلال المؤذن لخير الأنبياء. لولا السواد لا سكون ولا سكينة، بل تعب وابتلاء، تقولين أسود؟ تقولين لي أسود، والسواد فيه التهجد والقيام والسجود والرجاء فيه الركوع والخشوع والتضرع لاستجابة الدعاء، فيه ذهاب نبينا من مكة للأقصى ليلة الإسراء. لو ضاع السواد منا علينا أن نستغفر ونجهش بالبكاء تأملي الزرع والضرع وسر حياتنا في سحابة سوداء. اسمعيني والله أنتي مريضة بداء الكبرياء أنصتي لنصيحتي ولوصفة الدواء عليك بحبة مباركة من لوني مع جرعة من ماء أنا لست مازحاً وستنعمين والله بالصحة والشفاء سامحيني يا مغرورة لكل حرف جاء وكلمة هجاء وكل ما ذكرت هو حلم في غفوة ليل أسود أو مساء. لا أسود ولا أبيض بيننا في شرعنا سواء، كلنا من خلق الله الواحد نعود لآدم وأمنا حواء.