يرى بشير مصيطفى أن من أخطر الانعكاسات التي يحدثها ديوان الحبوب الجزائري، ببيعه خلال الصيف لمحاصيل واسعة الاستهلاك في الشتاء، هي ضرب لسياسة صناعة المتدخلين الاستراتيجيين لكسر أسعار السوق، معتبرا في سياق متصل أنه من المحتمل أن تكون التغطية على قيمة صفقة تصدير الشعير في 2010 وعدم الإعلان عنها إلى اليوم، تهدف إلى عدم الكشف عن السعر الزهيد الذي بيع به القنطار الواحد. يقول ديوان الحبوب إنه صدّر الشعير، ولكن قام ببيعه تحديدا إلى تاجر يتمثل في شركة غرانيت الفرنسية وليس إلى دولة ما كما يعتقد الجميع، هل يمكننا اقتصاديا تسمية هذه العملية بتصدير؟ نعم، يمكن اعتبارها تصديرا، إذ تقول المفاهيم الاقتصادية إن أية سلعة تعبر الحدود بواسطة متعامل مقيم أو غير مقيم تعتبر في ميزان المدفوعات تصديرا، كما تتضمن حساباته في الميزان التجاري للدولة وضمن بند الصادرات. هذا المصطلح سيبدو غريبا للناس كون عهدنا الحديث في الجزائر عن الواردات أكثر من أي شيء آخر. وهل تعتبر من الصحيح أيضا إخفاء الديوان إلى اليوم قيمة الصفقة والجهة التي أبرمت معها، فهناك أخبار تتحدث عن بيع بالخسارة؟ في اعتقادي، المسألة ينبغي أن تُطرح من ناحية الموضوعية وليس الصحيح أو الخطأ. وقد تكون السلطات قد أخفت تلك المعطيات بسبب قيمة الصفقة الضئيلة وبدا لها من المخجل أن تكشفها مقارنة بالرواج الإعلامي الذي نالته في البداية. السلطات أجرت عملية التصدير بشكل محتشم واستثنائي ولم تكن هناك خطة تصدير على المدى الطويل ولا سياسة في هذا الشأن. لكن أمين عام ديوان الحبوب تحدث عن تسطير هدف لمليون قنطار؟ هذا ما يؤكده كلامي، فلو كانت هناك استراتيجية حقيقية، لبلغوا الهدف بشكل عادي. وماذا عن عرض الديوان خلال هذا الصيف، لبيع مواد واسعة الاستهلاك في الشتاء كالعدس و«اللوبيا"؟ هذا خطأ استراتيجي، فعدد المتعاملين الاقتصاديين في مجال تأمين الغذاء بالجزائر يعدّون على رؤوس الأصابع، ويشكلون تحالفا يستطيعون به تحديد الأسعار التي يشاءون، وبالتالي يتحكمون في حرمان السوق من أية مادة مهمة في الاستهلاك. وأما خرجة الديوان هذه، تعد دعما صريحا من جهة رسمية لخط الاحتكار. فالدولة عليها أن تدعم الأسعار بالزيادة في قائمة المتدخلين الاستراتيجيين لسوق الغذاء، وهي واحدة من هؤلاء المتدخلين. إذا فرغت مخازن الديوان بهذه السياسة من البقول، فهذا حرمان مسبق للسوق في الشتاء، وبالتالي المعادلة حسب الديوان معكوسة تماما.