ثمانية شهورٍ مرت منذ انطلاقة فعاليات ''القدس عاصمة الثقافة العربية''، الشعار الذي التقطته الجزائر ومنحته معنى أكبر من مجرد الاحتفائية ليصبح ذا مدلولٍ عميقٍ وحاملاً لشحنةٍ ثقافيةٍ فاعلة ومؤثرة في المناخين الجهادي والسياسي، فأطلقت على هذه المناسبة عنوان ''القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية''، في إشارة إلى ارتباطها الأبديّ وانتمائها غير القابل للنقاش للعرب والعروبة، وقد يكون من المناسب أنْ نراجعَ ما تمَّ تحقيقه حتى الآن مِن أهدافٍ وإنجازات تدعمُ هذا الشعار، وتحوّلُه إلى حقائقَ في الوعي والإرادة العالمية، كخطوةٍ لبلورته حقيقةً جغرافيةً سياسية، وإذا كان الجردُ يطولُ ويتطلبُ مسحاً كاملاً لمختلف الأنشطة ذاتِ العلاقة في العالم، مما يستدعي عملاً مركزياً وشمولياً، إلّا أنَّ المشهدَ العامّ لا يوحي بأيِّ انطباع من شأنه أن يجعلنا مطمئنّين إلى تحقيق حدٍّ مُرضِي على رأس العام، ذلك أنَّ أهمَّ آياتِ المشهد تكمنُ أصلاً في عدم وجود هدفٍ أو أهدافٍ واضحةٍ متبلورة يُسْعى للوصولِ إليها، إذ أنَّ تأكيدَ عروبةِ القدس لدى جمهورٍ عربي هو تحصيلُ حاصل، بينما ربّما سيكونُ أكثرَ جدوى محاولةُ إضاءة مساحاتِ وعيٍ مجهولة لدى مواطننا العربي في مختلف الدلالات القدسية والمقدسية تاريخياً ودينيّاً وإنسانيّاً، بالإضافة إلى ابتداع طرائق ومناخات تجعل المواطنَ العربي جزءاً أصيلاً مفكراً ومبادراً وناشطاً في مكابدة الطريق إلى القدس واستعادة سياق نهضتنا العربية الشاملة التي تُعتَبرُ القدسُ آليتها وثمرتها في نفس الوقت، ومن بين قضايا عِدّةٍ يبرز خواءُ الساحات العالمية من جهدٍ كافٍ يليق بأهمية المسألة، ويسعى لتجنيد وتنسيق طاقاتنا وهي كثيرةٌ في الساحتين الأمريكية والأوروبية على وجه الخصوص، فالجاليات والطاقات العربية على الأقلّ المقيمة هناك كافية وحدها لو تمَّ الاجتهاد والترتيب، لإنجازاتٍ ذاتِ شأن، ناهيك عن استنزافِ كثيرٍ من أرصدتنا التاريخية التضامنيّة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، دون أنْ يعني ذلك بأيّ حالٍ أنَّ الأمر صعبٌ، بل إنّني واثقٌ أن الأمرَ أكثرُ تفاؤلاً ممّا نظنُّ، بشرط أن نجتهدَ بوعيٍ على مختلفِ الأصعدة، إذ يكفي أن يتوفَّرَ لدينا أشخاص في أوروبّا بقامات وإيمان وتفاني ''عزالدين قلق'' و''محمّد بوديا'' لكي نصنعَ المستحيلَ والوردَ، والشهودَ والشهدَ، ··· والشهداء· اللجنة الإعلامية لاحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية بالجزائر