لم يعلق أحد من أركان الدولة، سوى الرئيس ميشال سليمان، على واقعة إطلاق طائرة “أيوب" إلى الأجواء الإسرائيلية، لا رئيس الحكومة ولا وزير الدفاع ولا قائد الجيش، وكأنهم غير معنيين. أما الرئيس فذهب إلى الاستنتاج بأن هذا العمل يؤكد الحاجة إلى “استراتيجية دفاعية". ولأن الدولة لم تأخذ الأمر بالأهمية التي يستحقها فقد انتقل الموضوع إلى مكانه غير الطبيعي في السجال السياسي على خلفية الانقسامات المعروفة، مثله مثل قانون الانتخاب وسلسلة الرواتب وانقطاع الكهرباء. في الجانب الآخر، لم يشذ حلفاء “حزب الله" عن طريقة الفاخوري الذي يركب إذن الجرة كيفما اتفق، فدافعوا عن “النصر الأيوبي"، حتى أن أحدهم تبرع بفتوى تقول إن إرسال تلك الطائرة “ليس عملا عسكريا". وبناء على ذلك ماذا يمكن أن يسمى تصدي إسرائيل لها بالوسائل العسكرية، أهو عمل سياحي؟ ليس متوقعا، ولا حتى مطلوبا، من حلفاء الحزب أن ينقلبوا عليه بل أن يقاربوا الأمر بمنظور المصلحة الوطنية التي يفترض أن تهم الجميع بمعزل عن الخلافات الأخرى. للأسف، لا يبدو أن لهؤلاء “الحلفاء" أي قدرة على دور إيجابي، ناهيك بأي قدرة على “عقلنة" الحزب في هذه المرحلة الدقيقة. أكثر من كل المرات السابقة بلغ عدم الاكتراث ذروته في أداء “حزب الله". أطلق “أيوب" ليحرف الأنظار عن مشاركته في القتال إلى جانب النظام السوري، وعن ولغه في دم الشعب السوري. طوال ستة أعوام، بعد القرار 1701 تفادى أي عمل يمكن اعتباره خرقا أو تحرشا بالعدو، وإذا به يختار هذه اللحظة ليعلن عن نهج جديد في المساجلة مع إسرائيل. فالأمين العام ل«حزب الله" قال إن طائرات أخرى ستتبع “أيوب". إذا عطفنا هذا على استعدادات إسرائيلية دائمة ومتواصلة، نكون أمام توعدات يتراشق بها الطرفان في طريقها إلى حرب تبحث عن توقيت لا عن دوافع أو مبررات. الفارق أن الإسرائيلي لا ينفك يضع شعبه في أجواء حرب آتية، ويجري تجارب وتدريبات لحماية المدنيين، أما “حزب الله" فيعتمد على الشحن والتعبئة في إيران ولا يكترث بكونه موجودا في لبنان وبين اللبنانيين، بل إنه حتى لا يكترث ب«البيئة الحاضنة" التي يعتمد عليها. بالنسبة إلى “حزب الله" يرتبط توقيت هذه الحرب باللحظة التي يحصل فيها تغيير جوهري في مجرى الأحداث في سوريا، سواء في اتجاه سقوط النظام عسكريا - وهو ما يستبعدها، أو في اتجاه حل سياسي يتطلب تنازلات أساسية من جانب النظام - وهو ما يستبعده أيضا. الأكيد أن هذه الحرب ستسبق أي “إستراتيجية دفاعية" يمكن التوافق عليها. ف«حزب الله" غير معني باستراتيجية كهذه، وسيتكفل بإحباطها إما بالمماطلة أو بالإرهاب الداخلي.