تفيد الأخبار الواردة من شمال مالي، أن الاشتباكات التي نشبت، أمس، بين عناصر من حركة التوحيد والجهاد وجبهة تحرير أزواد بمدينة غاوة شمال مالي، التي تسيطر عليها حركة أنصار الدين، وتستثنيها من الصيغ التفاهمية القاضية بتخليها عن تطبيق الشريعة الإسلامية، قد أسفر الحادث عن قتل عنصرين من حركة التوحيد والجهاد وأسر ثلاثة آخرين. ويأتي هذا الهجوم في ظل مفاوضات تجري بين الطرفين لتوحيد جهودهما من أجل مواجهة العدو المشترك ممثلا في قوات “الإكواس" وفرنسا التي تسعى إلى وضع حد لأسر مواطنيها من طرف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي يتخذ من الصحراء الكبرى ومنطقة أزواد مأوى لعناصره. وكان الناطق باسم أنصار الدين سنده ولد بوعمامة قد صرح ل “الحرية" أنه يتضرع إلى الله حتى لا تفشل المفاوضات الجارية بين الإخوة الأعداء “أنصار الدين وجبهة تحرير أزواد"، وبالتالي فإن المراقبين لا يستبعدون أن تكون المناوشات التي جرت، أمس، تمت في نطاق ضيق بين الأفراد بعيدا عن أوامر القادة. استيقظ سكان منطقة مدينة مانيكا، شمالي مالي، صباح أمس الجمعة، على وقع مواجهات عنيفة بين الحركة الوطنية لتحرير أزواد، الداعية إلى دولة علمانية في إقليم أزواد، وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، المنشقة عن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أدخلت السكان في حالة رعب منذ أيام. وكانت مصادر مطلعة في شمال مالي، أول أمس، قد أكدت أن سكان منطقة انشنغو التي تبعد مائة كلم عن غاو يتخوفون من إمكانية اندلاع مواجهات مسلحة بين حركة التوحيد والجهاد والجبهة الوطنية لتحرير أزواد في محاولة من هذه الأخيرة لاعتقادها أنها استرجعت بعض قوتها في المنطقة بعد عودة الدفء بينها وبين حركة أنصار الدين وأرادت أن تنتقم لنفسها بعد أن طردت من قبل حركة الجهاد والتوحيد في جوان الماضي أجبرت إثرها على مغادرة مدينة غاو شمال مالي. وكان التوتر قد ارتفع بين الحركتين في منطقة انشنغو، التي تبعد 100 كلم عن غاو، شمالي مالي، وذلك بعد أن قامت الحركة الوطنية لتحرير أزواد باعتقال ثمانية من عناصر حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، قتل أحدهم في ظروف غامضة اعتبرتها التوحيد والجهاد “عملاً انتقامياً"، فيما قالت مصادر مقربة من الحركة الوطنية لتحرير أزواد إن العنصر الذي قتل فتح النار على عناصر من الحركة الأزوادية قبل أن تتم تصفيته. وكانت تعزيزات كبيرة تابعة للحركتين قد غادرت منطقة كيدال، مساء أول أمس، أقصى الشمال المالي قرب الحدود مع الجزائر، لتدعيم الصفوف في المنطقة المتوترة، قبل أن تندلع المواجهات في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة. وأكدت مصادر أخرى من مدينة كيدال، أقصى الشمال المالي قرب الحدود مع الجزائر، أن تعزيزات كبيرة تابعة للحركتين غادرت المنطقة متجهة نحو منطقة أنشنغو المتوترة، فيما نفت أن تكون قد حدثت أي مواجهة بين الطرفين. وأضافت هذه المصادر أن الحركة الوطنية لتحرير ازواد أقدمت على إعدام أحد المعتقلين الثمانية لديها، وهو ما اعتبرته حركة التوحيد والجهاد “عملاً انتقامياً"، وفق تعبير المصدر. وأكد مصدر من التوحيد والجهاد أن مقاتلي الحركة “متقدمون في القتال وقد تمكنوا من إحراق ثلاث سيارات تابعة للحركة الوطنية لتحرير أزواد"، مشيراً إلى أن “المواجهات عنيفة"، وفق تعبير المصدر. تجدر الإشارة إلى أن مدينة مانيكا هي التي انطلقت منها الشرارة الأولى للعمليات المسلحة للحركة الوطنية لتحرير أزواد يوم 17 جانفي الماضي، وهي المدينة التي تمركزت فيها الحركة بعد المواجهات العنيفة التي خاضتها مع التوحيد والجهاد وأخلت بعدها مدينة غاو، عاصمة الإقليم، جوان الماضي.