كشفت مصادر متطابقة من مدينة غاو المالية عن نشوب أزمة بين الحركة الوطنية لتحرير الأزواد وحركة الجهاد والتوحيد، التي فرضت على الأزواديين تطبيق الشريعة في المنطقة ولا تريد بديلا عنها، فيما يعارض الأزواد تطبيق الشريعة بشدة. تفيد المعطيات في الميدان بأن ميزان القوى يميل إلى الحركات الإسلامية التي سيطرت على عدد من المدن وتسببت في رحيل عائلات جزائرية نحو برج باجي مختار ونيامي بالنيجر. وأشارت مصادرنا إلى أن التيار أصبح لا يمر بين الحركة الوطنية لتحرير الأزواد وجماعة الجهاد والتوحيد، حيث كشف اجتماع ضم ممثلي الطرفين، عقد بمدينة غاو، أول أمس، خصص للتباحث في مستقبل شمال مالي، عن تجذر الصراع الذي قد يتحول إلى مواجهة مفتوحة بينهما مع الوقت. فقد طرحت جماعة الجهاد والتوحيد تطبيق الشريعة الإسلامية في شمال مالي كخيار لا بديل عنه. وأطلعت عناصر حركة الأزواد بأنه من يقبل بالشريعة فليقبل أو يرحل، في إشارة إلى فرض هذا المنطق بالقوة، لأن هدفهم الأول هو الشريعة وليس الانفصال عن مالي، حسب مصادرنا. بينما تعارض حركة الأزواد تطبيق الشريعة في شمال مالي، على اعتبار أن الحركة تطرح الدين بمفهوم التطرف والغلو. وبسطت جماعة الجهاد والتوحيد سيطرتها على مدينة غاو منذ أزيد من شهر، بدليل استحواذ عناصر هذه الحركة على عدد من المؤسسات كمقرات الشرطة، البنوك، مدارس، وتحويل عدد من الحانات بالمدينة إلى مساجد، ما جعل ميزان القوى يميل إليها، فضلا عن فرض قوتها بمدينة تومبوكتو، فيما عادت الغلبة في مدينة كيدال إلى حلفاء الجماعة، وهي حركة أنصار الدين التي هي فرع انبثق عن القاعدة، واقتصرت سيطرة حركة الأزواد على عدد من البلديات مثل تساليث، أقلهوك أمشش، تناسيك وغيرها. وتقرأ مصادرنا الوضع في شمال مالي من جانب ميزان القوى، على أن الحركة الوطنية لتحرير الأزواد انتصرت من الناحية الإعلامية فقط، لكن من الناحية الواقعية الميدانية فإن الغلبة أصبحت بيد الحركات الإسلامية، وهو ما يعني أن الحركات الإسلامية في شمال مالي وضعت الأزواد في موقف ضعف.. وتسبب الوضع السائد في مدن غاو وكيدال وتومبوكتو في تواصل مغادرة العديد من العائلات الجزائرية لغاو، بعد أن تخلت عن محلاتها هناك وممتلكاتها من المواشي، باتجاه برج باجي مختار ومدينة نيامي بالنيجر، حسب ما تضيف مصادرنا. فيما لم يبق من هؤلاء الجزائريين بمدينة كيدال إلا عدد قليل من العائلات تعيش من تربية المواشي. وقد حطت بمطار برج باجي مختار، أمس، طائرة للخطوط الجوية الجزائرية، محملة بأطنان من المساعدات الإنسانية، سيشرف وفد من الهلال الأحمر الجزائري على توزيعها على اللاجئين المتواجدين بمخيم تيمياوين، ومخيم برج باجي مختار الذي تقيم به عائلات لعسكر قاعدة أمشش المالية.